تتعدد الألسن فى الحركة الشعبية هل هو تقاسم أدوار كما جاء على لسان أحد قياديي المؤتمر الوطني ونشرته الصحف، أم هو تعدد أجنحة ومراكز كما تشير بعض الشخصيات المعارضة لحكومة الجنوب، والحركة الشعبية وبعد ممارستها للعمل السياسي مثلها مثل الأحزاب الأخرى، عليها أن تعمل للتعريف ببرنامجها السياسي وبكوادرها الذين يمثلونها، وهذان شرطان لازمان لمعرفة دور الأحزاب في حياتها اليومية، خاصة وأن علم السياسة يعرف الحزب بأنه جهاز متماسك ومنظم ويبحث عن أعضاء ملتزمين لهم جاذبيتهم لشغل المناصب العامة. تعدد الألسن في الحركة الشعبية يؤدي الى تباين المواقف ومن ثم الغموض في أهمية قضية تشهدها الساحة السياسية السودانية، ألا وهى قضية الوحدة التي لن تستطيع الحركة أن تفرضها بالوسائل السلمية على المواطن وكما الانفصال كذلك، إلا أنها تستطيع الالتزام باتفاقية السلام الشامل التي وقعت عليها في التاسع من يناير من العام 2005 وجاء المبدأ الأول فيها: « إن وحدة السودان التي تقوم على أساس الإرادة الحرة لشعبه والحكم الديمقراطي والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة لجميع مواطني السودان، ستظل هي الأولوية بالنسبة للطرفين، وإنه من الممكن رد مظالم شعب جنوب السودان وتلبية طموحاته ضمن هذا الإطار .» ويُعلم أن هذه الإتفاقية وقّع عليها الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس جمهورية السودان، إنابة عن حكومة السودان، والدكتور جون قرنق دي مبيور رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان، إنابة عنهما. وبشهادة رئيس جمهورية كينيا ورئيس جمهورية يوغندا ووزراء خارجية الولاياتالمتحدهالأمريكية ومصر ووزراء لإيطاليا وبريطانيا والنرويج وهولندا، بالإضافة الى رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية وممثلين للإتحاد الأوروبي والأمم المتحده ومنتدى شركاء الإيقاد. راجعت هذه الإتفاقية بعد مطالعتي لحديث نقلته صحيفة الصحافة في عدد أمس الأول الأحد، للسيد روبن مريال بنجامين نائب رئيس بعثة حكومة الجنوب لدى مصر، يصف فيه زيارة الأستاذ علي عثمان محمد طه لجوبا خلال الأيام الماضية بأنها غير مجدية، وزعم أنها تسببت في استفزاز مشاعر شعب الجنوب، وطالب هذا المسؤول في حكومة الجنوب بأن يعتذر طه عن الجرائم التي ارتكبها الشماليون في حق الشعب الجنوبي. سيندهش كل من يطالع هذا الحديث عن أن زيارة الأستاذ علي عثمان محمد طه مستفزة، وهو الذي جلس لشهور طويلة مرابطاً ومثابراً ومصابراً وشجاعاً في مواجهة الحق والحقوق حتى توصل مع مفاوضي الحركة الشعبية بقيادة زعيمها ومؤسسها الدكتور جون قرنق، إلى إتفاقية السلام الشامل التي شهد لها العالم العدو والصديق، بأنها أفضل إنجاز سياسي للسودان منذ استقلاله. عن أي شعب يتحدث السيد بنجامين والكل يعلم تقدير أهل الجنوب قيادته وشعبه، لنائب الرئيس الذي لن يستأذن بنجامين ومن لف لفه في زيارة جوبا أو أي قرية في جنوب السودان، لأنه هو حامل لواء السلام الذي يستمتع به الجنوبيون والشماليون دون أن ينطلق الرصاص على روؤسهم أو تنفجر الألغام بين أقدامهم. طه لن يستأذن في ممارسة حقه الدستوري، كما لن يعتذر. ------------------------------------------------------------------------