الشعب يريد وحدة الصف في حزب الأمة وفي الاتحادي الديمقراطي وفي المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني أي الإنقاذ وفي الحزب الشيوعي السوداني الشعب يريد وحدة الصف في نادي الهلال والمريخ في الطرق الصوفية الشعب يريد وحدة الصف في حركات دارفور وفي جبال النوبة وفي الفرق الموسيقية والمجموعات الإنشادية والغنائية وفي الإعلام الداخلي والخارجي. الشعب يريد وحدة القرار في أعلى مستويات الدولة و وحدة خطابها السياسي والإعلامي بل ونفاذ قرارات السيد الرئيس وهي حق مستحق. الشعب السوداني في حالة ربكة وذهول لما يحدث في الساحة السياسية وفي المشهد الراهن بضبابية الرؤية تحجب نور العقل من النفاذ فما الذي يجري؟ اتفاقية السلام لم تكن أساساً محل إجماع من قبل قوى الشمال والجنوب ولكنها فرضت عليه من قبل نخبة صفوية وكانت خيوط المؤامرة الغربية أذكى من أن تتكشف لهم ولنا دفعة واحدة ولكنها الآن لاتسترها ورقة التوت. لعب نخب الجنوبيون على مشاعرنا ودغدغوا حتى النخاع وانكشف كل شئ مع انهمار دموع ربيكا قرنق أمام قبر زوجها قرنق وهي تدلي بصوتها لصالح الانفصال وانهار جدار الحقيقة بين دموعها وكلماتها المرتبكة (الآن وأنا أضع صوتي لصالح قيام دولة الجنوب والانفصال عن الشمال الآن قد تحقق حلم زوجي الراقد هاهنا بانفصال الجنوب). ياااه كم كنا أغبياء وكم كان الساسة الجنوبيون أكثر ذكاء ودهاء ودربة بالتلاعب بأساطين الحركة الإسلامية وكبار ساسة الشمال كل هذا السيناريو المحبوك وقصة السودان الجديد وقطاع الحركة بالشمال والتكتلات والانسحابات كل هذه التكتيكات في سبيل بلوغ هذا الهدف الاستراتيجي فصل الجنوب إذن لقد بنيت دولة الجنوب على حساب الشمال . الى أي مدى هذا الشعب تعطش للتشظي والتشاجر وصناع الجدر في وقت يسعى فيه العالم والدول والقارات الى التكتل والاندماج كل العالم يسعى للتجمع للتلاقي ونحن نسعى للتباعد والتباين. حتى استراليا القارة قررت في دورة الألعاب الآسيوية الانضمام الى ذلك الاتحاد أوربا كلها أضحت على قلب رجل واحد وعملة واحدة وقوة دفاع مشترك واحدة ونحن على مفترق طرق نفرح بالطلاق بالبائن. لقد نجح الحلفاء في تقسيم (تركة الرجل المريض) وذلك وفق السيناريو العالي منح شهادة الوفاة لدولة الرجل المريض ويقصد بها الخلافة العثمانية وضع بذور دولة إسرائيل عبر وعد بلفور 1917 ظهور الدولة العلمانية أو قل القومية بصورتها الحديثة في السعودية شرق الأردن سوريا العراق تقييد حركة المانيا وإعادة تقسيم أوربا لملء الفراغ الناتج عن سقوط العلاقة الإسلامية وانحسار نفوذها نهائياً من مناطق السلاف والبلقان-قيام الدولة الشيوعية في روسيا مسدلة الستار تماماً على حكم القياصرة- وبذلك تم تفتيت الخلافة أو الدولة الإسلامية والمسلمون يتفرجون أو يشاركون .في السودان وقبيل الاستقلال فإن من جاء بقانون المناطق المقفولة هم الانجليز وليس أهل مايو أو الانتفاضة أو الإنقاذ ولذلك يجب ألا يتم دفع الفاتورة من قبل هذا الجيل وحده فالأزهري وعبد الله خليل وعبود ونميري وسوار الذهب والبشير وكل الأجيال التي عاشت تحت عهودهم هم من يدفع الضريبة عملياً وتاريخياً ويجب أن يتحمل الكل المسؤولية -إن الهدف الذي تحقق ترتب عليه قيام دولتين وانتقاص السودان بمقدار الثلث في سكانه وثرواته ومصادره وأراضيه وتاريخه وحتى مستقبله- نعم خلق واقع تجزيئي يضاف لتكتمل الصورة نسبياً وهي تحمل في إطارها انهيار دولة الجنوب تلكم الدولة التي تولد بلا مقومات حياة وهي تحمل بذور الفناء والصراع الداخلي والاحتراب بدءاً من تركيبتها الرأسية وانتهاءً بالشكل المقلوب لتمددها الأفقي والذي يعتمد على زند وبندقية أصغر جندي وهي تعتمد على البترول والمنح الأجنبية التي تذهب مباشرة لكبار المسؤولين والشعب يبحث عن مد الذرة أو كوم الكنافة والبفرة ولا يجدها بين الذباب نهاراً والباعوض ليلاً وذلك الجو الخانق الذي يفجر الفرح والرقص ونشوة الشراب وفي ذات اللحظة يفجر الغضب والقتل والدمار في تقابل مهين تحت خط الاستواء.. إن دولة الجنوب ستموت لأنها بنيت أساسها على نظرية المؤامرة فقد تشاركت مع الشمال وبنت جيشها وشرطتها وإعلامها وعلمها وطرقها ونهجها على حساب الشمال وهي تطعنه في خصره ثم تمد النصل الى قلبه ووسطه وتفصل ما استطاعت وتراوغ به بل ومن عجبي أن بعض كلمات نشيدها الوطني الاعتزاز بأنهم دولة كوش(عقدة الشمال) وهي دولة شمالية مهما أقسم جدود الدينكا فلا علاقة لهم بإفريقيا الزنجية بل بمصر السودانية- نقول إذن إن الصادق المهدي رغم كبر سنه وتقادم تجربته قد فشل في الحفاظ على ورثة المهدي التي قام بها ابنه عبد الرحمن المهدي فتواصل مسلسل التشظي وتوالدت أحزاب من حزبه وكل ذلك أضعف الحزب ونشأ جيل شهد هذا التداعي والانهيار المر وهو جيل ذكي بالنسبة له مساحيق الدنيا لن تعيد ألق حزب الأمة الى واجهة العرض في شاشة جيل الفيس بوك وسيظل شيوخ هذا الجيل يبكون بدموع الدم حنيناً للماضي الذي لن يعاد- وهذا الواقع ينطبق على الحزب الاتحادي ورغم أني عديل السيد أحمد الميرغني (الجراح) الا أنني أقول إن واقع الاتحادي لايقل مرارة عن واقع الحزب الآخر وقس على ذلك بقية أحزابنا وفرقنا وطرقنا...-أما حزب المؤتمر الوطني والذي انشق عنه المؤتمر الشعبي وأصبح خصمه اللدود والذي أوجع في ضربه شقيقه لأنه يعرف كيف وأين توجع الضربة فإن القواعد متحدة وهي مستهجنة الخلاف أما القيادة فكل منها يرى نفسه على الحق والصراط وسيستمر هذا الصراع حتى لحظة قيام الحرب عندها قد تتغير المعادلة أو لحظة نشوء نظام جديد فاما أعاد الأمور الى نصابها أو حقق حالة الطلاق البائن وبالتالي فان جيل مابعد الفيسبوك سيكون له رأي آخر وليس بعد الطوفان من بنيات فهلا انتبه القائمون قبل فوات الأوان فإني أرى شجراً يتحرك وبقوة في الظلام- نقول إذن مرة أخرى انه وبتراكم كل تلك الأحزاب المتشظية ستكون جميعها حزباً واحدا هو مجموعة الأحزاب التي حكمت وتداعت وسينشأ واقع جديد سيشكل مستقبل السودان سيقوده التكنوقراط أو جيل الأوائل في شهادة الأساس والثانوي والجامعات واليوسي ماس خلال عشر سنوات والغريب أن أهل الإنقاذ لم يفطنوا لهذا الجيل الذي سيحمل بذور التغيير وسيحكم السودان الجديد بل سيعيد خارطة المليون ميل مربع وحسناً فعل السيد الرئيس باستقباله وعنايته بالنابغين بل وعمد الى إرسالهم الى بيت الله ليربط العقول بالكعبة إلا أن ذلك يحتاج الى برنامج فكري كبير فاستقبالات الرئيس لهم تمت كجزء من واجب رئاسي برتكولي فقد سألت بعضهم عن الحوار الذي أدير في اللقاء فقالوا كان من باب المجاملة- ولو تنحى السيد الرئيس عن سدة الرئاسة وتفرغ لهذا الجيل وتم إصدار كتاب ملون بصور وسير هؤلاء وتمت رعايتهم فكرياً وثقافياً وأضيف اليهم أصحاب براءات الاختراع والمبرزون في شتى الجوانب عبر مؤسسة ضخمة يرعاها السيد الرئيس ومع التزامنا بالخطة الاستراتيجية التي تقدم بها د. طارق السويدان لوضع كل ذلك في مؤسسة يرعاها السيد الرئيس اذن لأمكن بناء سودان جديد منفتح عبر مراكز التفكير الاستراتيجي عندها لايهم مقدار الصراع الذي تم والتشظي الذي يتواصل لأن الخاتمة ستكون سوداناً مختلفاً تماماً له مستقبل مختلف تماماً- إذن فالشعب يريد وحدة تبقى على قيم وأهداف قومية وبلاعبين جدد يملكون الذكاء والإيمان وحب الوطن.