عندما جاءت ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو 1989م تنبأ لها عدد من السياسيين بأنها لن تستمر أكثر من عام وأنها لن تصمد في ظل التحديات الداخلية والاستهداف الخارجي وكان كلما احتفلت الإنقاذ بمرور عام من قيامها كانوا يقولون بأن هذا آخر عيد لها حتى أكملت عيدها العاشر الذي حدثت فيه المفاصلة الشهيرة بين مخططي الإنقاذ ومنفذيها الذين عرفوا بالحركة الإسلامية وبهذه المفاصلة أيقن البعض بأن هذه هي نهاية الإنقاذ دون شك وأنها ستضل الطريق الذي رسمه لها شيخها ولكنها استمرت وفي كل عام كانت تحتفل ببقائها في الحكم وتفتتح المشاريع وتتخذ القرارات التي كانت بمثابة عيدية للمواطن حتى أصبح عيد ثورة الإنقاذ من أهم الأعياد للمواطن السوداني الذي ينتظر فيه إعلان تخفيض سلعة أو افتتاح مشروع قومي أو حتى خيري أو مشاهدة مهرجانات خلال عطلة رسمية في البلاد . شيئاً فشيئاً بدأت تتراجع الاحتفالية بالإنقاذ من أصحابها قبل مؤيديها وفي ذكراها الثانية والعشرين جاء العيد مختلفاً عن الأعياد الأخرى وحتى البعض قد نسي أو تناسى هذا اليوم فلم يجدوا ما يذكرهم في ظل هموم البلاد السياسية والاقتصادية ومتطلبات المواطن المعيشية التي أضحت شغله الشاغل أو ربما لأنه آخر عيد للإنقاذ في بلد كان يعرف ببلد المليون ميل مربع ولكن لم ينس أحد أن ثورة الإنقاذ أحبطت جميع من كانوا يتوقعون عدم استمرارها كما كان متوقع لها واقترب حكم الإنقاذ من ربع القرن ليكون أول نظام تربع على حكم السودان طوال هذه المدة وعزا البعض بقاء الإنقاذ في سدة الحكم لثقة الشعب فيها وعدم توفر البديل وأكد عضو مجلس قيادة الثورة اللواء( م) التجاني آدم الطاهر أن سبب بقائها هو الشعب السوداني فيما أشار العميد ( م ) محمد الأمين خليفة عضو مجلس قيادة الثورة إلى أن الإنقاذ عندما قامت قامت بنهج ديني واستقطبت الشباب وكل الكتل الحية في السودان وقطع بأن الحكم بيد الله يؤته من يشاء وينزعه ممن يشاء فيما أعلن الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم نائب رئيس الجمهورية الأسبق أن سبب بقاء الإنقاذ هو مشاركة المايويين فيها ومساهمتهم معها بشكل أكبر وقال إن الإنقاذ أكملت ما بدأته مايو واختارت حكم الشريعة الإسلامية التي طبقت في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري وعملت في إطار إسلامي شامل في وقت كانت تختلف الطوائف حول الإسلام والتي جعلت من الإسلام دائرة من دوائر حربها وتنافسها وأضاف اختارت الإنقاذ الجمهورية وحركة المجتمع العريض المتقدم على الدولة فيما ذهب اللواء (م )عبد الرحمن فرح رئيس جهاز الأمن في عهد الديمقراطية إلى أن الإنقاذ بقيت لأنها وافقت أهواء الغرب وقال نفذت للغرب كل ما يٌُريد من فصل الجنوب الى مشاكل الشرق والغرب الى تقليل قيمة الإسلام ومعنى الجهاد واعتبر أن إنجازاتها تكمن في إنشاء المباني وسفلتة الطرق وحملها غلاء المعيشة وقال إن الخزانات التي أنشأتها الإنقاذ عبارة عن ديون على رقاب الأجيال القادمة وأضاف تم تعيين 400 وزير تولوا أعمال الوكلاء والمديرين وحطموا الخدمة المدنية وأردف الإنقاذ أدت دورها وبقاؤها أصبح من الأشياء التي تحتاج الى تفهم جديد وحث العميد (م) محمد الأمين خليفة القائمين على الحكم بإجراء إصلاح شامل يؤدي الى وحدة وطنية وقال هذه الطريقة التي تدار بها البلاد قد تقود الى انشطار وأوضح أن من ايجابيات الإنقاذ أنها حققت الامتداد في التعليم والنهوض بالبنية التحتية واستخراج البترول وسفلتة الطرق غير أنه قال إن سلبياتها تكمن في الفساد السياسي الذي أدى الى الفساد الإداري وذهاب الجنوب وكثرة الأعداء بالداخل والخارج و الذي أدى بدوره الى الحروب الأهلية ورشح أن تنقلب هذه الحروب الى حروب عرقية في دارفور وجنوب كردفان وأضاف هذه خطايا كبيرة والسلبيات أكثر لأنها أدت الى محق العمل الإيجابي ونوه إلى أن ذهاب الجنوب جاء نتيجة فشل سياسي قادم من الشمال فيما لفت الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم إلى أنه يجب تقبل السلبيات والايجابيات حتى تكون التجربة قائمة على إبراز البرامج الأساسية والتطلعات واعتبر أن إنجازات الإنقاذ أكثر من سلبياتها وقال كان الدين محوراً من محاور الصراع أصبح الآن أهم محاور الوحدة وتعزيز القيم الوطنية والإسلامية وأضاف أن 30 يونيو يظل المعلم البارز في النهوض بوطننا والتغيير المستمر في تجديد حيوية المؤسسات حتى لا تتراكم الأخطاء فيما أكد اللواء (م) إبراهيم نايل إيدام أن الإنقاذ انتهت عام 1993م عندما عزلت الجيش منها وأصبح السياسيون هم المتحكمون في أمرها ورفض أن تحسب هذه السلبيات على الإنقاذ موضحًا أنها جاءت لتحسين الوضع في السودان وليس من أجل الحكم وقال إن كل السلبيات التي حسبت على الثورة لم تكن في برامجها التي قامت من أجلها وأضاف نحن قمنا من أجل وحدة السودان وإصلاح حاله وليس تقسيمه وحمل السياسيين الذين اعتبرهم دخيلين على الإنقاذ مسؤولية تشويه صورة الإنقاذ وانفصال الجنوب وما يحدث في دارفور وجنوب كردفان والمتوقع حدوثه في ولاية النيل الأزرق وفي ذات السياق تمسك السياسيون الذين أشار إليهم اللواء نايل إيدام بأن ثورة الإنقاذ هي المنقذ الحقيقي للسودان وأنها عملت ومازالت تعمل من أجل المواطن السوداني وأنها قدمت له مالم يقدمه أي نظام قد حكم السودان وقال دكتور مصطفى عثمان إسماعيل هذه الحكومة عندما جاءت الى السلطة الشعب السوداني كان مثل (الشحادين) وبقيت الإنقاذ 22 عاماً يحميها الشعب السوداني ويتحملها بإيجابياتها وسلبياتها فهل تصدق القول وتتحمل أعباءه وتعيشه عيشة كريمة فيما تبقى لها من فترة أم أنها تحمله كل الأعباء وتجعله ضحية الصراعات بعد أن أصبحت الرؤية واضحة وفهم الشعب السوداني الدرس وعرف كيف يأخذ حقه وكل عام وأنتم بخير.