أنا لن أتحدث عن أسعار السلع الأخرى ولكن سوف أتحدث عن أسعار الدواء.. ولن أحدد الأسماء والأصناف فهذه لا تحصى.. ولكن يكفي أن أذكر دوائين من النوع الذي يأخذه المريض مدى الحياة.. فهناك نوع بدأ منذ بداية العام يتصاعد من 13 جنيهاً ليصل اليوم إلى ثلاثين جنيهاً للعلبة الواحدة.. وتضاعف دواء آخر يؤخذ معه إلزاماً وكان ثمنه عشرين جنيهاً إلى أربعين جنيهاً خلال شهرين فقط.. ما الذي يحدث في عالم الدواء المنقذ للحياة... والمسكن للآلام المبرحة التي يعاني منها الآلاف المؤلفة من المرضى..؟ هل الحكام والسلطات على إلمام بما يدور في الشوارع وفي الصيدليات التي غدت كالشوارع في فوضى الأسعار.. بل وفي مفارقات الأسعار بحيث يصادف أن تكون هناك صيدليتان في شارع واحد.. ويكون لكل منهما سعر للدواء الواحد الصادر عن شركة واحدة وعبوة ذات تاريخ واحد.. ولكن البون شاسع بين السعريين.. لقد جضَّ الناس بالشكوى مما يدور في سوق الدواء.. يدفعون ويرفعون أكفهم بالدعاء.. على من كان السبب.. أو يرفعونها للجليل الرحيم أن يكف عنهم البلاء: اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا.. يا رب العالمين ويا أرحم الراحمين.. اللهم أرفع غضبك عنا ولا تكلنا إلى من لا يخاف حسابك ولا يرجو لقاءك يا حنّان يا منّان.. هؤلاء الذين يرفعون أكفهم بالدعاء وأصواتهم بالشكوى.. يتساءلون ليل نهار مرددين قول الشاعر: أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام..؟ أما الذين يعجزون عن تدبير حق الدواء فحدث عنهم ولا حرج.. وقد بدأت ظاهرة جديدة سيدات من المسكينات مستورات الحال.. اللائي يقفن بالفاتورة أمام الصيدلي.. أو أمام الصيدلية في انتظار ابن الحلال الذي يتم ثمن الجرعة المطلوبة التي عجزت المسكينة عن سداد ثمنها.. لا أود أن أخوض في بحار السلع الأخرى الضرورية للأسر لاستمرار دولاب الحياة وإطعام الأفواه الجائعة.. ولكن أقف فقط عند سعر الدواء.. ولولا أن فاض بي الكيل لما كتبت عن هذا الموضوع أساساً ولا غيره.. فأنا سأمان من كل ما يدور خاصة في الأسواق المنفلتة بلا عيار.. وخاصة سوق الدواء.. «لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها..»