ولايتك النيل الأزرق هي من أتعس بقاع الأرض حظاً لناحية النماء والبهاء، وتعلم سيدي أنك واحد ممن يسألون سؤال منكر ونكير عن هذا التخلف الفريد في عصره، فلطالما توليت أمر هؤلاء البؤساء، والياً قبل وبعد اتفاقية نيفاشا، كنت خلالها طيباً تستخفك بسمة الطفل الغرير إذا جلست بين قيادات المؤتمر الوطني في المركز، وولاؤك للتنظيم وقيادته، قطع شك، أكبر وأقوى من حرصك على حقوق أهلك وبلدك، بدليل حالهم الذي يغني عن سؤالهم، ولذلك فأنت الأوفر حظاً دائماً في تسلم زمام الأمور بالتعيين وإلى الأبد. فماذا سيخسرون إذا عينوك؟ لا عندهم محمد هناك ولا فاطنة. ولكن هذا سندعه جانباً، لأنه حديث ماضٍ، وعفا الله عما سلف. ولكن يا سيدي قضيتي اليوم هي محاولة وقف حمتلك الهائجة نحو إشعال فتيل الحرب بين القوات المسلحة وجيش الحركة في تلك الولاية التي شبعت دماً وجثثاً، حرام عليك . في مرة تستفز جيش الحركة وتتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، ومرة تحث القوات المسلحة على مقاتلتهم ، ومرة تعقد الاجتماعات مع قيادات الولاية ليتهيأوا ليوم السعد، يوم قطيعة مالك عقار وأيلولة السلطة إليك وجماعتك. هل هذا معقول؟ ترفع عقيرتك بدعاوي الحرب في أروقة المجلس الوطني وتروج لأن الحركة لديها عشرون مرتكزاً عسكرياً للانقضاض على القوات المسلحة وعلى الولاية، بينما يأتي العقيد الصوارمي الناطق الرسمي باسم الجيش لينفي كلامك في اليوم التالي بالصحف؟ هل هذا يليق بك؟ أنا اعتبرك أكبر من ذلك، كيف لك هذا القول المثير لسفك دماء أهلك و الفتنة أشد من القتل، أتريد حرباً بين جيشين فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ والعزل الذين طالما ذاقوا الأمرين جراء حروب وحروب ما حصدت إلا الهشيم ، وكم سألوا الله تعالى أن يقيهم بأس بعض أبنائهم على بعض، بينما ولايات السودان الأخرى تنمو وتتقدم وتهنأ بالسلم. الولاة والقادة من أبناء الأقاليم جميعاً دعاة خير وسلام وتنمية، ويطالبون دوماً بما يطمئن شعبهم ويصلح معيشتهم وقد أفلحوا، بينما أنت لا تحدث أهلك يوماً عن مشروع تنموي يغير حياتهم، فقط تشيع الخوف في أنفسهم المضطربة وتحث على القتال هل هذا ما يرضيك؟ لاغيره؟.. ولماذا يرضيك ؟ هل لأنك تطمع بأن يعاد تعيينك والياً مرة أخرى بعد أن فشلت مرات ثلاث من قبل؟ أنا لا أصدق أنك تنوي اقتناص الفرصة بعد هذا كله. أما توانيت في التنمية يا سيدي الكريم وفي تحقيق الاستقرار والأمن بل وحتى في تحقيق وحدة المجتمع ورتق نسيجه؟، والأعجب هو أنك الآن تعمل على تعويق حركة المؤتمر الوطني نفسه بعد أن قمت مؤخراً بفصل عدد من قياداته المعروفة فتقلصت العضوية وانكمش التأييد وانقسم الحزب إلى ثلاث كتل متباعدة ، هي كتلتك الداعية إلى «الكَتلة» بفتح الكاف، سنسميها « كتلة الكَتلة» إذن، وهي المسنودة أبداً من مراكز القوة والنفوذ في الخرطوم مقابل الانسجام مع حساباتهم التي تأتي دائماً خصماً على حساب مساكين النيل الأزرق وقد يئسوا وبئسوا وفتروا. ثم كتلة المؤسسية التي تحاربك وتحاربها جهاراً نهاراً مع أنك رئيس الحزب المسؤول عن لم شمله، ولكن هيهات، وأخيراً ثمة كتلة المعتصمين، أولئك الذين يقفون على الرصيف لا هم معك طالما أنت لا تتغير ولا تترك طريقتك الباعثة على القنوط، ولا هم مع المؤسسية طالما أنها كتلة بلا أمل لأن المركز لا يعول على مؤسسية، وبالتالي فإن الرهان عليهم خاسر وسوف لن يشفع لهم أنهم يحبون التنظيم أكثر من متنفذيه..! والآن يا سيدي لماذا تريد أن تشعلها ناراً حمراء عبر معارضتك لاتفاق نافع - عقار ، لماذا لا تطيع رأي نافع الحكيم ، هل لأنه لم يعد نافعاً ؟ تحتج لأنه لم يشاورك في مفاوضات الاتفاقية لذا تنادي بالحرب تحت قبة البرلمان والجيش هو الذي يقول لك: طول بالك... كلامك غير صحيح.. الجيش يهدئك ويدعوك للسلام.. جيش الهنا. يا إلهي، من الأجدر بأن يتحدث عن الحرب ويروج لها ويتوعد، الجيش أم السياسيون؟ كنا نتوقع أن يطالب أبو مدين بالتهدئة وأن يؤمن على مبادرة نافع الحصيفة ثم فليطالب بتطويرها وضبطها ما شاء، لا أن يحاربها جذرياً بطرق شتى ويطلب الحرب الضروس بديلاً عنها، خلها تأتي من غيرك يا أخي، لقد أفقدت شعب الولاية الثقة بالمؤتمر الوطني نهائياً بطريقتك هذه. يقولون أنتم لا تريدون لنا الخير قط ، ولا حتى أن نبقى أحياء !! لأن الحرب سوف لن تشتعل في قرى قادة الوطني الكبار وإنما فوق رؤوسنا وقطاطينا نحن البسطاء. وكل ما هنالك أنك تريد وضعاً يبعد مالك عقار عن الولاية لكي ينفسح لك الطريق، فتغدو والياً معيناً من فوق وعلى جماجم أهلك الضعفاء وأشلائهم، مع أنك الآن عضو المجلس الوطني ومرتاح، ورئيس الحزب في الولاية ومرتاح، و نحن لا ندري كيف توفق بينهما وتؤدي حقهما في الوقت ذاته !. سيدي عبد الرحمن أبو مدين أرجوك كفى، أنت لست أبوزيد الهلالي كما لم تقدم لولايتك أي مشروع تنموي، واحد يذكره لك الناس أوالتاريخ ، بل ومنذ أن كنت قيِّماً على منظمة الدعوة الإسلامية في الاقليم الأوسط، مروراً بالوزارات التي تقلدتها وبعضويات البرلمان القومي ومنصب الوالي الذي رأى في عهدك ألواناً من المحسوبية والاحتكار كما لم يحدث قبلك ولا بعدك، كل السلطة والثروة كانت بيدك ، فلم تنشئ منها لرب العالمين جامعاً واحداً في قريتك النائية، ناهيك عن محليتك أو ولايتك، جامع ولو من راتبك الخاص يا رجل « ووجدك عائلاً فأغنى»، والآن تتولى الدفاع عن الإسلام ضد هجمة الحركة الشعبية، فوالله اني رأيت بين صفوف قوات مالك عقار في الكرمك جنوداً «أنصار سنة»، شهد الله عز وجل، وهم الذين وقفوا معي لإنشاء خلوة قرآن دعوا لها أطفالهم خوفاً عليهم من المنهج السواحيلي، أشهد الله على ذلك..أنا لا أدري كيف فات على مالك عقار إنشاء عدة مساجد باسمه لكي يحرج من يظنونه عدو الله وهم أولياؤه، المتكالبون على سلطان الدنيا ونعيمها. هل تدافعون عن الإسلام الذي أنشأتم له مراكز دراسات إسلامية ودعوة للدين الحنيف في ولاية نهارها كليلها من الجهل، وهي معرضة لتأثير ثقافة الجنوب والجوع الكافر؟ هل فعلتم شيئاً ملموساً باقياً بين أظهر الناس يدل على أنكم تدافعون عملياً لا كلاماً عن الإسلام العزيز عليكم وعلينا؟ تريد أن تعود والياً من جديد بأي ثمن؟؟ ترتقب أن تتحقق الوقيعة بين الحكومة و مالك عقار فيولينا الرجل ظهره ويخلو لك الجو، من حقك يا خال أن تحلم ، فالأحلام ليست محرمة، ولكن حقوق الشعوب محرمة ، والاعلام المسؤول سيكون لكم بالمرصاد، ومثل ذلك الزمان قد ولى ولن يعود، ثم ان الجمهورية الثانية ستطوي مثالب جمة، وستنطوي على كل مدهش بالنسبة لمن استمرأ السلطة واعتبرها ملكاً عضوضاً، الشعب يريد تغيير الحكام، وبالذات حكام النيل الأزرق الفاشلين.