تاريخ المكتبات هو تاريخ الفكر الإنسانى فى مراحله المختلفة، ذلك أن المكتبات كانت وما تزال وستظل معقلاً لهذا الفكر تحافظ عليه وتقدمه من جيل الى جيل على مر العصور . عرف العالم القديم تنظيم المكتبات وإنشاء فهارس لمقتنياتها من قبل الميلاد، ومكتبة الاسكندرية التي انشئت (فى اوائل القرن الثالث قبل الميلاد )، مثال لذلك وقد لعبت المكتبة دوراً كبيراً فى تاريخ الحضارة الإنسانية، حيث حفظت لنا تراث الفكر الإنساني القديم وترجماته بشتى اللغات فضلاً عن تيسير مهمة البحث العلمي لعلماء ذلك الزمان . أما عن المكتبة السودانية فقد اهتم الانجليز بالمكتبات التخصصية وأهملوا جانب المكتبات العامة، التي تخدم الجمهور والمكتبة الوطنية التى تحفظ التراث والانتاج الفكرى السودانى الذى خطة علماء السودان أو ما كتبه الأجانب عن السودان فظهرت فى فترة ماقبل الاستقلال مكتبات متخصصة لها وزنها ومكانتها العلمية، وهي تخدم مجالات علمية بعينها تنفرد به من غيرها على سبيل المثال، مكتبة البحوث البيطرية (1938م)، ومكتبة (ولكم) ومكتبة (المعمل القومي) ومكتبة مصلحة الآثار ومكتبة الجولوجيا ومكتبة الزراعة. وقد نتج عن إهمال الانجليز لجانب المكتبات العامة، إن السودان افتقد الكثير من كتب التراث العلمي والمجلات والجرائد التى كانت تطبع فى السودان، وكذلك الكتب وقد ذكر بروفيسور النصري نماذج لهذة المطبوعات التي افتقدتها المكتبة السودانية مثل مجموعات السودان إستار، والديلى هرر. فى العام 1945م قامت كلية الخرطوم الجامعية وانشئت بها مكتبة هي النواه لمكتبة جامعة الخرطوم الحالية، وقد وهب السير نيوبولد مكتبة لها وكان عالماً وباحثاً، وقد بلغ عدد المجلدات التي أهداها للمكتبة حوالى 20 ألف مجلد. فى غياب المكتبة الوطنية السودانية ولما تزخر به مكتبة الجامعة من المطبوعات، ظلت المكتبة تقوم بدور المكتبة الوطنية وأنشات مكتبة الدراسات السودانية (تعرف الآن بمكتبة السودان)، وهي تضم الكتب التي تهتم بهذه الناحيه بكل اللغات وقد فرض قانون المطبوعات 1965م على كل ناشر ومؤلف أن يضع نسخة من ما ينشر بمكتبة الجامعة وهناك مكتبتين أخريتين، فرض القانون وضع نسخ بهما هما مكتبة وزارة التربية والتعليم ودار الوثائق المركزية. ابتداء من العام 1965م بدأت مكتبة الجامعة بتجميع كل مايكتب عن السودان كالجرائد والمجلات والخرائط وتمتلك مكتبة الجامعة مجموعة كاملة لكل الجوانب المختلفة بالسودان.. وتوجد بمكتبة الجامعة وثائق الأممالمتحدة قامت فى السابق ثلاث محاولات لقيام المكتبة الوطنية أولها كان فى العام 1958م-1959م جاء خبير من اليونسكو يدعى (سويل) وكتب تقريرآ عن المكتبات فى السودان وفقد التقرير ولم يعمل بتوصياته.. فى عام 1971م حضر للسودان خبير آخر من اليونسكو يدعى (باركر) وقدم تقريراً يحوي توصيات . فى عام 1975م كون وزير الثقافة والإعلام لجنة لتطوير المكتبات على أن تأخذ فى الاعتبار تقريرى الخبيرين السابقين سويل و باركر ثم تقدم تقريراً لوزير الثقافة والإعلام. صدرقانون المكتبة السودانية فى العام 1999م ومن الملاحظ ان هناك فترة قرن من الزمان ما بين صدور القانون وانتشار التعليم فى السودان . وهذة الفترة تشتت الانتاج الفكري والوطني على جهات. عموماً فالمكتبة الوطنية لها أهداف ووظائف انشئت من أجلها، ومنها حفظ التراث القومي المطبوع وصيانته، إصدار الببليوغرافيا القومية وغيرها، وتختلف الوظائف من دولة للأخرى، وأنشأت العديد من الدول مكتباتها القومية منذ آلاف السنين، ومن امثلتها دار الكتب المصرية ومكتبة المتحف البريطاني وهي المكتبة القومية البريطانية. أخيراً المكتبة الوطنية السودانية وماينبغي القيام به: 1- الاحتفاظ بنسخ رقمية للإنتاج الفكري السوداني المشتت فى عدة أماكن والاشارة الى أماكن تواجد النسخ الورقية، سبقت صدور القانون(1999م) وهى مكتبة جامعة الخرطوم، ودار الوثائق القومية، ومكتبة وزارة التربية وغيرها . 2- البحث والحصول على الوثائق والمطبوعات السودانية الموجودة عند الأفراد وذلك بعمل مناشدة وتحفيز للحصول عليها. 3-الحصول على الانتاج الفكري السوداني والمطبوعات السودانية المتوفرة خارج السودان وعلى سبيل المثال أرشيف السودان- بجامعة درم Drham . 4-عمل مؤتمر جامع يدعى له العلماء والمفكرين وأمناء المكتبة لمناقشة كيفية جمع الانتاج الفكري السوداني المبعثر فى عدة أماكن. ويبقى السؤال من المسؤول الانجليز أو النخبة السودانية أم وزارة الثقافة والإعلام في ذلك الوقت؟ هذه توصيات من أحد المكتبين في السودان، أتمنى أن تأخذ في الاعتبارمن قبل المسؤولين في المكتبة الوطنية، ولكي ننشئ مكتبة وطنية محافظه على التراث والانتاج الفكري السوداني قديمه وجديده. üمكتبة جامعة الخرطوم