تم إطلاق وثيقة الدوحة للسلام في دارفور عبر المواقع الإلكترونية بعد مراسم التوقيع عليها من طرفي الحكومة السودانية وحركة جيش التحرير والعدالة في الإحتفال المهيب بالدوحة في منتصف الشهر الماضي، وأخذت الوثيقة في نسختها النهائية طريقها إلى طاولات الحوار والنقاش، وابتدر الحراك الحواري المفاوض الحكومي الرسمي الدكتور أمين حسن عمر في مؤتمر صحفي مطلع الاسبوع الماضي بالمركز السوداني للخدمات الصحفي، ثم جاء المؤتمر الصحفي الذي عقده مكتب حركة التحرير والعدالة بوكالة السودان للأنباء، ثم عقدت منظمة الزرقاء الناشطة في مجال العون المدني ورشة نهاية الاسبوع الماضي بعنوان: مستقبل السلام في دارفور بعد توقيع وثيقة الدوحة، وعقد مكتب المرأة بحركة التحرير والعدالة لقاءاً تنويرياً حول وثيقة الدوحة في مطلع الاسبوع الجاري. لقد أدركت قوى المجتمع المدني الدارفوري أهمية الوثيقة والتي بذلت في الوصول إليها جهداً مقدراً، وشعرت القوى المدنية الدارفورية بالداخل أنها شريك أصيل في صناعة الوثيقة موضوع المقال، فقد ظلت هذه القوى وبعد إدراك أطراف النزاعات المسلحة أهمية دور المجتمع المدني أتاحت لها الفرصة كاملة للحوار وإبداء الرأي من خلال عدد من الملتقيات في داخل السودان وخارجه، أبرز هذه الملتقيات الملتقى التفاكري للمجتمع المدني الدارفوري الأول والثاني بمدينة الدوحة، وملتقى أصحاب المصلحة الذي إنعقد بالدوحة، هذه الملتقيات شاركت فيها الشرائح المتأثرة بالنزاع بصورة مباشرة وهي شريحة اللاجئين والنازحين، وتفهمت حركة التحرير والعدالة أهمية اصطحاب رؤى المجتمع المدني الدارفوري في محاور المفاوضات. جاءت وثيقة الدوحة للسلام في دارفور شاملة لسبعة محاور أساسية هي ذات المحاور التي كانت في المفاوضات السابقة التي تمت من أبشي وحتى أبوجا، وتميزت الوثيقة هذه المرة بإضافة محورين هما محور العدالة والمصالحة، ومحور الحوار والتشاور الداخلي وطرائق التنفيذ. وقبل الدخول الى متن المحاور السبعة للوثيقة فإن ثمة ملاحظات ينبغي الوقوف عليها في تقييم الوثيقة وفاعليتها في دور المجتمع المدني الذي أصبح آلية فاعلة لنيل الحقوق بالنضال المدني دون الركون الى القوة العسكرية التي تؤثر سلباً في الأوضاع الإنسانية وتدمر الموارد والبنيات الأساسية. ثالثاً: أبرزت الوثيقة إهتماماً بالتنمية في ولايات دارفور وحوت تصميم الهياكل الخاصة بمؤسسات التنمية على أساس أن التنمية مفتاح الحل للمشكلة، فقد أبرزت دوراً لصندوق دارفور لإعادة الإعمار والتنمية وفتحت مجال الموارد المالية لتنفيذ مشروعات الصندوق، الى جانب دور الصندوق فإن قيام بنك دارفور وتوفير الموارد المالية لهذا البنك من دولة قطر وبعض المانحين إضافة الى إلتزامات الموراد المحلية من الميزانية العامة وإستراتيجية وخطط البنك في مجالي تمويل البنية التحتية وتمويل مشروعات التنمية الأسرية، ورفع مستوى الدخل عن طريق أساليب التمويل الأصغر بديلاً للتعويضات الفردية الكاملة فإن الوثيقة قد تميزت في جانب التنمية الحقيقية للإقليم. رابعاً: فتحت وثيقة الدوحة مجالاً لكل أهل السودان لمراجعة النظام الفدرالي للحكم، وذلك من خلال التوصل الى صيغة لمعالجة مطلب الإقليم من جانب الحركات المسلحة وبعض منظمات المجتمع المدني، فقد جاءت الوثيقة تحمل السلطة الإقليمية الإنتقالية ووزراء إقليميين وتمت الإشارة الى مجلس السلطة الإقليمية كجهاز تشريعي ورقابي على مستوى الإقليم، وأعطت الوثيقة فترة زمنية مناسبة لإجراء الإستفتاء حول الإقليم أو الإبقاء على الولايات وهي فرصة لتوسيع مجالات الحوار بين أهل السودان للعودة الى نظام الأقاليم وتضمين ذلك في الدستور الدائم. خامساً: ما يميز وثيقة الدوحة النص على تشكيل لجنة للمتابعة والتنفيذ للإتفاق بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة، تضم اللجنة الى جانب ممثلي الطرفين وممثلين للوسطاء والإقليميين والدوليين والمؤسسات الإقليمية والدولية وممثلين لعدد من الدول الكبرى ودول الجوار وتقوم هذه اللجنة برصد تنفيذ الإتفاق ومتابعته بصورة مستمرة من خلال توفير المساعدات الفنية للأطراف والعمل على الحشد السياسي والمادي لتنفيذ الإتفاق بشكل كامل. ونواصل