نسطر هذا المقال ونحن في بدايات فعاليات مؤتمر أهل دارفور الذي دعت له السلطة الإقليمية لولايات دارفور واليوم الأربعاء هو اليوم الثاني والختامي لفعاليات المؤتمر وتلاوة البيان الختامي والتوصيات التي يخرج بها المؤتمر ووعدنا مع القارئ بأننا سوف نفرد مقالا أخر في الأسبوع القادم يصوب نحو الأوراق والمداولات والمخرجات التي جاء بها المؤتمر ومدي تحقيق المؤتمر للأهداف المعلنة بشانه. يجئ عقد المؤتمر كبادرة أولي من نوعها في نشاطات السلطة الإقليمية ويأتي بعد مضي عام كامل من توقيع وثيقة الدوحة للسلام في دارفور ورغم التاخير في إنفاذ بنود ومحاور الوثيقة وتأخير إنشاء السلطة الإقليمية في الميعاد المحدد بالجدول الملحق بالوثيقة فان ثمة ضوء في أخر النفق بانعقاد هذا المؤتمر ونحن لا نجد مبررا لقيادات حركة التحرير والعدالة الشريك الأوحد الآن للمؤتمر الوطني في بروتكول الدوحة في عدم التواصل المنهجي مع قوى المجتمع المدني الدارفوري في العام السابق مقارنة بحماسة واصرار الحركة نفسها لاستصحاب قوى المجتمع المدني بكثافة في مفاوضات الدوحة وعند توقيع الوثيقة وبتصريحات قياداتها في أن المجتمع المدني شريك أصيل في وثيقة الدوحة للسلام. يأتي هذات المؤتمر النوعي والممنهج بمشاركة أهل دارفور في بدايات تنفيذ الوثيقة ومناقشة خطط وبرامج السلطة الإقليمية لانزال معاني الوثيقة علي الأرض وهنالك شعور قوي بان هنالك تحديات عظيمة تواجه عملية السلام في دارفور وهي التحديات التي تواجه حركة التحرير والعدالة وسلطتها الإقليمية والجماهير المؤيدة للوثيقة في تطبيق الوثيقة علي ارض الواقع وهذا المؤتمر لا بد أن يثبر غور التحديات وان يجد لها مساحة واسعة من الطرح الجاد والنقاش العميق وصناعة البدائل المؤامة للظروف الراهنة. نشير هنا إلي مخرجات عدد من الملتقيات النقاشية التي قامت بها منظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور عقب توقيع وثيقة الدوحة بدراسة الوثيقة وتلمس الايجابيات والمكاسب التي حققتها لأهل السودان وأهل دارفور كما أن هذه الملتقيات النقاشية الفكرية أبرزت عدد من التحديات التي سوف تواجه هذه الوثيقة والتي تتمثل في التحديات التي اشرنا إليها وضرورة تعاطي المؤتمر معها بعمق وحنكة. أول التحديات التي تواجه إنفاذ وثيقة الدوحة تتمثل في توفير الإمكانيات اللوجستية لقيام الآليات من حكومة اقليمية ومفوضيات متخصصة وهياكل وادارات مشروعات إعادة الأعمار والبنيات التحتية وقد ظهرت هذه المعضلة في العام الأول لتوقيع الوثيقة وكان نتاجها تعثر إنشاء السلطة نفسها وعدم إنفاذ عدد من بنود المحاور في العام الأول وفق الجدول الزمني الملحق بالوثيقة مما أدي إلي تدخلات من القيادة السيادية القومية من اجل توفير التمويل والمعينات التي تحقق قيام السلطة والمسالة المالية معلومة لكل متابع والتي لا تخرج عن الإطار العام للوضع الاقتصادي الذي يمر به السودان بعد انفصال دولة الجنوب وخروج موارد البترول من الإيرادات العامة وأثار الحرب الحدودية بين السودان ودولة الجنوب مما أدي إلي إعلان الطوارئ والتقشف وإعادة تصميم ميزانية الطوارئ وتقليص الأجهزة التنفيذية والتشريعية في مثل هذه الظروف فان عدم ايفاء الحكومة لاستحقاقات الوثيقة في مواعيدها المحددة لها ما يبررها ويصب في اتجاه تعقيدات السلام في دارفور. أما التحدي الثاني والذي بدا يتصاعد بصورة كبيرة في الشهور القريبة الماضية يتمثل في الأوضاع الأمنية لولايات دارفور فان السلطة الإقليمية الناشئة الجديدة سوف تواجه أوضاعا أمنية مربكة في عدد من الولايات وذلك بتزايد وتصاعد نشاطات الحركات المسلحة الرافضة لوثيقة الدوحة بعد عودتها لدارفور من جنوب السودان اثر عملية تحرير مدينة هجليج وبدأت هذه الحركات تقوم بأعمال شلت الحركة بين مدن دارفور ألكبري مثل طريق الفاشرنيالا وطريق زالنجيالجنينة والمنطقة الشرقية بولاية شرق دارفور والتي اثرت في امدادات المؤن والوقود في عدد من المدن ألكبري لفترات ناهزت الاسبوعين أيضا الاعتداءات التي وقعت علي عدد من الشركات العاملة في طريق الإنقاذ الغربي ونهب الآليات والوقود الخاصة بهذه الشركات الشي الذي عطل العمل في عدد من محاور الطريق فان الأوضاع الأمنية سوف تعطل مشروعات السلطة الإقليمية في جانب إعادة المعمار وجانب عودة النازحين واللاجئين. أما التحدي الثالث الذي سوف يواجه تطبيق الوثيقة وعلي المؤتمر إن يتناوله بالدراسة والعمق يتمثل في ضعف الكادر الفني الإداري لإدارة الدعم الخارجي وإدارة مشروعات إعادة الأعمار والتنمية وعودة النازحين ومدي مشاركة الأجهزة الولائية التنفيذية والفنية في تنفيذ خطط ومشروعات السلطة الإقليمية مع الوضع في الاعتبار ظروف تقليص الأجهزة القيادية التنفيذية والاستشارية. عموماً فإننا سوف نتناول أمر الأوراق المقدمة في هذا المؤتمر والذي لا نشك في أنها سوف تكون حاوية لكثير من الأسئلة التي تدور باذهان أبناء دارفور والمهتمين بأمر السلام والاستقرار في الإقليم وجماهير دارفور التي علقت الامال في الوثيقة كمخرج من الوضع الحالي وسوف يكون هذا المؤتمر مؤشراً للثقة بين أهل دارفور وبين السلطة الإقليمية في تحقيق طموحاتهم.