قال الأستاذ علي عثمان محمد طه، نائب رئيس الجمهورية قبل يومين كلاماً مهماً حول فقه المعاملات المالية الحالي، وعلاقته بتأخر حركة الاقتصاد، وطالب لدى تدشين محفظة الأمان بتطوير الفقه الإسلامي المعمول به في البنوك لتمكينها من دعم الشرائح الفقيرة. قال الأستاذ علي عثمان إن النظام المصرفي الإسلامي لاتزال أمامه خطوات حتى يصبح نظاماً يلبي ويفي باحتياجات المجتمع الأساسية من صحة وتعليم ومياه. الحديث الذي أطلق السيد نائب الرئيس عقاله حديث شجاع ومهم، خاصة عندما طالب العاملين في القطاع المصرفي بالإلمام بالحد الأدنى من الأحكام التي يقوم بها الرقيب الشرعي.. وهذا يؤدي في حد ذاته إلى إلغاء الرقابة الشرعية، ومحاولة الاقتراب من مطلوبات استحقاقات التمويل وضروراته. نود التأكيد على أننا كنا ولا زلنا وسنظل باستمرار مع كل مشروع يستهدف محاربة الفقر أو يعمل على زحزحة هذه الصخرة الثقيلة من على الصدور المثقلة أصلاً بالهموم ومتطلبات وتكاليف المعيشة المتزايدة باضطراد لا يمنح الفقير فرصة للمعالجة. ولا يرفض أحد أن نبحث عن الحلول للمحتاجين فعلاً الذين يعرفون طرق البنوك ومسالك المحافظ، لكن من لأولئك الذين لا يعرفون سوى الانتظار غير محسوب النهاية والمدى؟.. لابد من أن نبحث عن حلول للفقراء الذين ربطوا حاجاتهم برقاب المجتمع والمسؤولين.. ونحن نعرف أن مئات المليارات تدفع كل عام من أجل محاربة الفقر أو في دعم الأسر الفقيرة وتوفير بعض احتياجاتها أو تمويل عدد من المشروعات الداعمة لتلك الأسر. حقيقة نرى أن تغيّر الدولة سياستها بعض الشيء في مجال محاربة الفقر، ولا توقف دعمها في الوقت نفسه للمحتاجين، لكننا نرى أن محاربة الفقر الحقيقية تأتي بتوفير الخدمات الضرورية مجاناً ، بحيث تصبح المدارس بلارسوم، والمستشفيات الحكومية بلا تكاليف علاج مادية، وأن تعج شوارعنا وتضج بوسائل النقل الرخيص والمريح، مثلما حدث الآن في ولاية الخرطوم بعودة الروح إلى شركة مواصلات ولاية الخرطوم.. وهذا مشروع رائد وعظيم الجدوى لأنه يساعد في حركة النقل والترحيل بأقل تكلفة لأطول مسافة، ويوفِّر فرص عمل كثيرة إدارية وفنية وغيرها. ما يصب في اتجاه دعم وتمويل مشروعات الأسر الصغيرة كثير، وكذلك ما يمنح - خاصة من قبل ديوان الزكاة- للمحتاجين من المرضى أو دعم المشروعات الزراعية أو الغارمين.. لكن ذلك كله نتمنى لو تحوَّل لدعم الخدمات، وليته اتجه لدعم المحليات والولايات حتى ترفع يدها عن المواطن المسكين المواجه بالعوائد والزوائد ليوفر قليل زاد ومال لأسرته. نحن مع محاربة الفقر ومع تغيير فقه المعاملات المالية تماماً، لكننا مع العمل على أن يكون المجتمع ثرياً.. فثراء المجتمع بالخدمات والتكافل يضيق دوائر الفقر إلى أدنى الحدود.