الليل وحده يحفظ معاناة العاشقين ويرمي بها في خزانة اسراره ، هناك اغاني كثيرة تصف حال المحبين في بحر الليل ، لحظة من فضلكم ، رغم ان الليل يمثل قمة الرومانسية وبه تحلو الحكايات ومناجاة الاحبة لكن علاقة صاحبكم معه مهزوزة يعني بالواضح ليس بيننا (عمار ) ، علاقتي المتأزمة مع الليل موال العشاق بدأت اثناء تكليفي بين الحين والآخر قبل عدة سنوات للعمل ضمن طاقم الطبعة الثانية في مهنة المتاعب ، اذكر انه حينما كان يحين دوري اشعر بالاحباط فالعمل الليلي يعزل الانسان من الحياة الاجتماعية والتواصل مع الاخرين لا زلت اتذكر انه وسبق وان عملت لمدة سبع اشهر متواصلة في الليل ، بعدها بدأت اشعر بالوهن والغشاوة في العينين وفقدت حوالي خمسة كلجم من وزني ، طبعا كانت حكاية الوزن هي الحسنة الوحيدة لسهر الليل ، ولان اعراض الوهن زادت قمت بمراجعة احد الاطباء ، الدكتور في لحظتها امطر صاحبكم بعدة اسئلة حول طبيعة عمله فاوضحت له انني (كائن ) ليلي منذ عدة اشهر ، الطبيب في حينه قطب حاجبيه ورفع نظارته السميكة وضرب على طاولته وحذر صاحبكم من الاستمرار بالعمل خلال فترات الليل ، وقبل ان يغمى على محسوبكم من الخوف قال: الطبيب ان العاملين في النوبات الليلية معرضون اكثر من غيرهم للاصابة بالنوبات القلبية وربما الاورام الخبيثة حمانا الله واياكم منها واضاف وصاحبكم يرخي سمعه ان الابحاث الحديثة كشفت ان السهر يؤدي الى خفض هرمون الملانونين هرمون (الظلام) في الجسم وهذا النوع من الهرمونات يلعب دورا كبيرا في نشاط الانسان واكسابه الحيوية ، منذ تلك اللحظه شعرت بالخوف من الليل وقطعت علاقتي المتأزمة به ، طبعا لا اود ان اخيف اصحابنا العاملين في الليل من اخطار الامراض ولكن فقط اريد ان ارفع دعوى عاجلة في محكمة العشاق والمحبين ضد الليل واصحابنا الشعراء الذين يمجدونه ويصفونه بشكل رومانسي وقطع شك ان الكائنات الليلية من المكتوين بالعمل خلال نوبات الليل سوف يناصرون محسوبكم في هذه الدعوى الشرعية لكن الخوف كل الخوف ان يقوم احد المبتلين بعشق الليل بوضع الحواجز والمتاريس امام العبد لله ويمنعه من رفع الدعوى وربما يقوم بتكليف محامي من فئة متلقي حجج لمتابعة قضية ( الليل ما بنومو ) ، عموما المسألة من وجهة نظري غير الظلامية اكبر بكثير من هواجس المرض الذي يسببه السهر ، اقصد اننا في السودان منذ الاستقلال نعيش في نفق الليل الامر الذي يزيد من امرضنا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ويا ليل يا عين .