المدائن الزرقاء تتثاءب ببطء .. البلدات الشهباء تتهيأ للنوم المبكر.. تماهت زرقة المدائن والبلدات الشهباء مع زرقة أمواه النيل الأزرق النبيل.. الناس في عروس النيل الأزرق الدمازين كانوا فرحين بمقدم العيد السعيد، وبمقدم الوالي الى مسجد حي الزهور بالدمازين، حيث خاطب الوالي المصلين عقب صلاة العيد، وفي ثاني أيام العيد سافر الوالي الى الكرمك، وفي ثالث أيام العيد توالت الأحداث عاصفة، واشتعل الحريق الذي روع أهل البلدات الشهباء القريبة من الدمازين بلدات.. (السراجية - عبدالخلاق - شمار - أحمر موقي - هارون والسريو).. زادت ضراوة الحريق .. قوات الحركة الشعبية هاجمت مقار قواتنا المسلحة الباسلة في أكثر من (7) مواقع، ومن ثم جاء الرد الحاسم الصارم، حيث أصدر السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير قراراً جمهورياً باعلان حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق، وأمر طوارئ تم بموجبه اعفاء والي ولاية النيل الأزرق السيد مالك عقار من منصبه، وفي أعقاب ذلك تفجرت الأوضاع في الولاية، وأدت الاشتباكات الى وقوع ضحايا من المدنيين، مما أدى الى نزوح الفي شخص من مدينة الدمازين الى مناطق سنار، وود النيل، وابو حجار، غير أنه تصدت قواتنا المسلحة الباسلة للهجوم الغادر، واستطاعت أن تسيطر على الأوضاع وتأمين كافة أنحاء الولاية، خاصة بعد صدور قرار تعيين اللواء يحيى محمد خير حاكماً عسكرياً لولاية النيل الأزرق، وتأكد هروب الوالي الى الكرمك، وبعد الهروب الكبير حاول السيد الوالي مالك عقار الإيحاء بأنه لم يكن يرغب في اندلاع الحريق، وإن الأحداث جرت عبر تصرفات فردية متفلتة وذلك في محاولة لابقاء الباب موارباً في حالة الفشل، ولكن كل الشواهد والقرائن أثبتت ضلوع عقار في اشعال الحريق، ومن هذه القرائن أن عقار قد اجرى اتصالاً هاتفياً في الرابعة صباحاً باللواء دانيال كودي، وكما هو معلوم فإن اللواء كودي هو أحد الضباط العظام بالحركة الشعبية في جنوب كردفان، وشهادة حق في حق اللواء كودي أنه حاول إثناء عقار عن فعلته هذه، ولكن عقار لم يستجب له، بل أغلق هواتفه المحمولة حتى لا يستمع الى أي صوت يمكن أن يثنيه عن عزمه، وتبعاً لذلك أغلق رأسه أيضاً حتى لا يصله صوت العقل، وتأسيساً على ذلك فإن كل الأدلة والقرائن دمغته بالضلوع في اشعال الحريق، بل وإن الحريق لم يأت عفو الخاطر، وإنما جاء بالإعداد والتحضير له مسبقا،ً غير أنه ربما كان الرجل قد أحس بالخطأ الجسيم الذي ارتكبه، ومن ثم واصل الشوط الى آخره وسنام ذروته، فخسر كل شيء.. كل شيء تقريباً وفي مقدمة ذلك شرعيته الدستورية. هذه ياسادتي ببساطة شديدة حكاية أحداث النيل الأزرق التي أدت مآلاتها الى رقصة الطاؤوس المذبوح على شطآن النيل الأزرق النبيل، وحتى يثبت غير ذلك فإن القاعدة الذهبية لطبيعة الأشياء تقول إن المتهم برئ حتى تثبت إدانته. رغم كل شيء واي شيء ومهما كانت النتائج ادعوكم ياسادتي الى سياحة ليست قيافة في شخصية السيد مالك عقار، إذ إنه بدأ حياته الوظيفية (أمين مخزن في خزان الرصيرص)، ولكنه خان الأمانة بعد أن اتجه الى العمل السياسي، وصعد أمين المخزن القديم بسرعة الصاروخ الى قمة السلطة، إلا قليلاً، وتهيأت له الظروف وأصبح والياً لولاية النيل الأزرق، بعد أن تنازل له المؤتمر الوطني عن هذا المنصب في الانتخابات العامة الماضية، وقبل أن يصل الى هذا المنصب الرفيع وخلال إقامته بالخرطوم أوردت صحافة الخرطوم بان السيد الوالي المعزول مالك عقار يمتلك في الخرطوم وحدها (17) عقاراً، ومن ثم أصبح أمين المخزن القديم بقدرة قادر (عمدة وصاحب أطيان) وليس مخزنجي وخالي أطيان.. والسؤال الحائر الصارم من الذي صنع عقار وحوَّله الى صاحب عقار؟ وكم هم الذين على شاكلة عقار.. الموضوع (داير ليهو قعدة شفافية طويلة) حتى لا يمتد الأنف الأحمر الطويل لمنظمة الشفافية العالمية.. ويشم رائحة عرابي الفساد في البلاد، وحيال ذلك كان لابد من أن تتجدد الدعوة لقيام طيبة الذكر الموؤدة مفوضية الشفافية السودانية لفضح عرابي الفساد في البلاد، وإعادة المال العام الى خزينة الدولة، وعليه نطالب الدولة ممثلة في الأجهزة العدلية بتأميم عقارات عقار.. عقار .. عقار .. دار دار .. بيت بيت ولابأس من القولة القذافية الشهيرة.. زنقة زنقة، وذلك حتى يغطى المال المنهوب جانبا من زنقة الدولة وهي تواجه بالضبط زنقة النفط التي اعتورت الاقتصاد السوداني، بعد خروج عائدات النفط من الموازنة القومية، التي حار بها دليل على محمود رغم تطمينات الدكتور عبدالباقي الجيلاني الوزير الذهبي، الذي صرح أكثر من مرة الى أنه سوف يمكن البلاد من تعويض الفاقد النفطي بالعائد الذهبي، وعليه وإذا صح هذا ارجو أن يظل الدكتور الجيلاني في موقعه لأنني سمعت تحت تحت أنه سيكون خارج شبكة الحكومة العريضة القادمة، التي طال واستطال أمر تشكيلها (ربنا يتمم على خير) أترك عقار وعقاراته ال (17) في الخرطوم وحدها، واتجه الى الذين شككوا في عدم دستورية قرار السيد رئيس الجمهورية باعلان حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق، وإن القرار يعتبر نكوصاً لما ورد في اتفاقية نيفاشا، ولكن وبعد الرجوع الى الخبراء والمرجعيات الدستورية وضح أن القرار جاء متوافقاً تماماً.. تماماً مع نصوص الدستور، وأكثر من ذلك أن القرار جاء كمشرط النطاسي الذي أعمله في جسد نيفاشا بغية استئصال الاورام الخبيثة التي اعتورت تلك الاتفاقية، وأذهب الى أن أمن الوطن يعلو على كل اعتبار آخر.. أما تخوف بعض الجهات من ردات فعل الرأي العام العالمي أرجو أن أهمس في أذن المرجفين أن القرار شأن داخلي يهم السودان وحده، وسيظل المرسوم الجمهوري رقم (24) باعلان حالة الطوارئ بالنيل الأزرق سارياً حتى تنقشع السحابة السوداء التي غطت سماء ولاية النيل الأزرق، وسيظل أمر الطوارئ رقم (1) نافذاً والذي تم بموجبه إعفاء السيد مالك عقار من منصبه والياً لولاية النيل الأزرق، ويأتي هذا القرار مشمولاً بالقبول التام دون أي تحفظات ليلقم المرجفين حجراً، وعليه أخلص الى أن أحداث النيل الأزرق كان مرتباً لها من قبل الدوائر الإستعمارية التي يزعجها استقرار البلاد، وما كان السيد مالك عقار سوى أداه تنفيذية لهذا المخطط الجهنمي الذي أُريد به المزيد من تفكيك البلاد، وتحويلها الى دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة، وجنوب السودان مثال حي لهذه الرعونة الاستعمارية، ورداً على تحية معتمري القبعات السوداء ذات الشريط الأحمر الذي يحيط بخاصرتها، يمكن أن نرد التحية بأفضل منها، وذلك من باب المعاملة بالمثل، ودحض مقولة قائدهم الفيلد مارشال في احتفالية الانفصال.. إننا لن ننس دارفور والنيل الأزرق وهكذا انهارت المقولة تحت سفح ديماجوجية قائدهم الملهم،، وهكذا ياسادتي انتهت احتفالية الرصاص المسكوب التي رقص على أنغام داناتها الطاوؤس المذبوح.