الأستاذة الصديقة الغالية.. أم وضاح.. كل عام وأنت بخير.. ورفيق دربك وتوأم روحك صلاح دهب بخير.. ووضاح له الأماني بأن يرفل.. في السعادة.. والأمنيات.. أن يمتهن الحرف الأنيق.. تقفياً لآثار وخطوات والدته.. ليضيء بعض الدروب.. وينير بعض المصابيح لشعبه ولأمته ولمواطنيه المتجهين في جسارة إلى قلب الشمس.. ثم.. في قلب أضواء وأفراح العيد.. قرأنا لك في وجع.. وأن تكتبين في فزع.. في حزن عاصف.. بدموع بل بنزيف يرعف من الوريد.. أسفاً وحزناً.. على حرب يجابهها ويواجهها الجميل الفارس.. المقاتل.. محمد الحسن حميد.. آه من وطن يصوب فيه بعض المعصوبة أعينهم المسدسات لاغتيال الشمس.. يشحذ فيه بعض المنفلتين «السكاكين» لذبح عصافير الروض من الوريد وحتى الوريد.. ينصب فيه بعض المتزمتين الشراك للحمائم البيضاء لتصبح ولائم مشوية.. في موائدهم العامرة بالمطايب المشتراة بالمال الحرام.. عجبت لعجبك وأنت تدهشين من حديث حميد.. الذي قال في أسى.. إن أي قصيدة مهما كانت باهرة ومضيئة.. تداس بأقدام غليظة جاهلة.. ثم تقذف بها أيدي هؤلاء الجنيكزخانيين في أقرب سلة مهملات فقط لأنها تحمل توقيع حميد.. لماذا الدهشة أم وضاح.. والتاريخ يروي ويحكي عن هؤلاء المتقطعين من قوافل القرون الوسطى.. والذين مازالوا في محطات طمرتها الرياح وتعوي فيها الرياح بعد أن غادرها القطار.. قطار الحضارة والحب والجمال منذ سنين وسنين.. لا تحزني ولا تفزعي.. ولا «تخافي» على حميد.. على روائعه المؤصدة أمامها أبواب الإذاعة والتلفزيون.. إنها لا تضل طريقاً أبداً لهذا الشعب الذي كم تغنى.. وعرض.. وبشر.. ودوى هتافاً.. وأقام أعراساً.. وخاض أهوالاً.. وعربد أعراساً تحت وقع حروف حميد.. إن الذي بين حميد وشعبه.. زمام غير منقضب.. و«بصراحة» إن التلفزيون والإذاعة.. يتشرفان بغناء حميد.. وخيراً أن بعض المؤلفة قلوبهم.. وبعض الملكيين أكثر من الملك نفسه.. قد حرمهم حميد من ذاك الشرف الباذخ.. نعم.. لن نستمع إلى بدائع وروائع.. وملاحم حميد.. عبر بوابتهم المحروسة أبداً بالذين لا يطربهم رزيم طبل.. أو عزف عود.. أو نواح كمان.. فقد.. جاءنا حميد عبر أثير ودورب.. ومسالك.. ومعارج.. وأنفاق.. وهضاب.. ووهاد.. وجروف.. وحروف لا يملكون لها صداً ولا دفعاً.. يا لهم من مساكين.. حاولوا يوماً التصدي لموجات أثير الدنيا بمصدات الرياح.. ولكن.. لم يمنعونا أبداً من الغناء في فرح طير طليق.. كفرح الأطفال في العيد.. حلالي وا حلالي.. اريتو حالك يابا حالي.. لم يستطع حرسهم القديم والجديد منع حروف الرائعين.. التي شقت عتمة الليل الطويل.. وهزمت كل متاريس الفضاء لتجلجل.. في سماوات الدنيا.. يا ورش السكة الحديد يا مصانع نارا بتقيد.. لماذا تحزني أيتها الشجاعة «الحقانية» الصادقة والصادمة أبداً بالحق.. يا أم وضاح.. ولماذا تحزن أنت يا حميد.. حري بك أن تفرح.. و «تعرض».. وتتقافز طرباً وجسارة ورجالة.. إن بعض الذين يرفضون أشعارك.. من هؤلاء الملكيين وتباً لهم.. إن بعضهم كان وراء مذبحة الغناء الرصين والأنيق والبهيج.. إبان «هوجة» وجنون التلفزيون.. تلك المذبحة التي سال فيها الدم بل تدفق من شقوق الحيشان وهو.. يرسم في حزن وأسى.. مصرع.. كسلا ونضر الله وجه ذاك الساقي.. ثم دم شهيدة مجندلة بحراب وسيوف القتلة.. وهي تحكي بشاعة مصرع لا تسلني وحروف من الدم على الرمال.. نقرأ فيها.. قلت والكأس لديك ويدي في خصلتيك.. يا لها من بشاعة.. ويا لها من ردة إلى سحيق القرون.. التي كان أبطالها من حرقوا وأغرقوا مكتبة بغداد.. من التتر وهولاكو وكل جنكيز خان.. لماذا الحزن يا حميد.. وبعضهم في تلك الأيام المتجهمة قد حجب رائعة سعد الدين إبراهيم «العزيزة» انطلاقاً من ذاك البيت من الأغنية.. الذي يتغنى.. سلميلنا على شعرك موجة.. موجة وكلمينا..» بدعوى أن هذه «البنت» المعنية بالأغنية «غير محجبة».. يا ألطاف الله.. أين نحن بالله.. حتى في رمال نجد ومضارب تميم.. وتلال الملح في تهامة.. تنهض.. صور بالغة الضياء والثراء.. والمتعة والإمتاع.. والروعة والعظمة.. وعنترة يقبل السيوف لأنها تشبه «ثغرك المبتسم».. حميد.. لا تحزن.. ولا تبتئس.. عقولنا.. وقلوبنا.. وصدورنا.. مشرعة لك ولكلماتك المكتوبة بلون الحق.. والجمال والصدق.. وإن جارت عليك أيام تعال لعيونا بتجيرك.. بل بتشيلك.. وداعاً.. أم وضاح.. وبكره مع هاشم وبقية حبات العقد الفريد والنضيد..