أرتفاع أسعار اللحوم في السودان يذكرني ، بالكثير من الوقائع العربية المرتبطة بلحوم الحمير المغلوبة على أمرها ، ومنها القصة الطريفة والموجعة والمتمثلة في قيام أحد الأخوة العرب بدعوة مجموعة من أصدقائه لتناول وليمة دسمة ، وبعد أن أكل القوم وتكرعوا ومسحوا بطونهم ، فاجأهم صاحب الوليمة ،أن ما تناولوه عبارة عن لحوم حمير سمينة ، وهرب الرجل من موقع الوليمة ، فيما جرى نقل المعازيم إلى طواريء المستشفيات وأجرت لهم عمليات غسيل معدة معتبرة ، ويقال أن الشرطة ما زالت تلاحق صاحب الوليمة الذي إختفي في زحام الحياة وإنطبقت عليه مقولة « فص ملح وداب » ، المهم أخشى أن يتولى جزار سوداني لعين تطبق سينارويو لحوم الحمير ، وصدقوني لو كنت في السودان هذه الأيام لأعلنت مقاطعي للحوم حتى إشعار آخر ، أسمعوني في السودان لدينا ملايين الحمير البشرية ، والعبد لله واحد من هذه الحمير ، يعني بالعربي الفصيح نحن نعيش في زمن الحميره بفتح الحاء والميم الساكنة ، الحميرة السودانية ليست لها علاقة بدولة حمير بكسر الحاء وتسكين الميم التي سادت في الحقب الماضية في اليمن (اللي مش سعيد ) ، ولكن الحميرة السودانية فريدة ومتفردة على المستوى العالمي ويمكننا بمشئية الله في القريب العاجل تصدير أطنان من مسحوق الحميرة السودانية إلى جميع أرجاء العالم ، بما فيها الدول الصديقة والشقيقة ، وبهذه الطريقة نوفر مداخيل للخزينة العامة ، خاصة بعد أن هربت من فضاءاتنا التعيسة مدخلات النفط بعد إنفصال الجنوب ، وقبل ان يصفني أحد الحمقى الملاعين بأنني أول الحمير السودانيين، أقول وأمري الى الله ، إننا بكافة ألوان الطيف حمير درجة اولى ، من الحكام إلى الناس الكحيانين ، أقول إننا حمير ، نظرا لفشلنا في إحتواء مشاكلنا المتلتلة وحالات التشرذم والشتات ، وبعد أن وقع الثور الكبير أقصد الانفصال اللعين كثرة السكاكين الموجه نحو جسد الوطن ، وبعد جنوبي كردفان الغره ام خير بره ، والحرب اللعينة في النيل الأزرق، الله أعلم أين ستتجه بوصلة التمزق ، المهم الحمير من الحيوانات التي تمتاز بالألفة والعيش في مجموعات ، أما نحن والعياذ بالله فنعشق العيش في الفرقة والشتات والأزمات الساخنة ، لذا فمن الممكن أن يتم وصفنا بالشعب الأزماتي نسبة إلى الأزمات التي تعصف بواقعنا ، أزمات في الحراك السياسي ، أزمات في المشهد الإجتماعي ، أزمات في الشأن الإقتصادي، أزمات في سينارويو الأخلاق ، أزمات في الشتات ، أزمات في مخرجات التعليم ، وأزمات في الحقل الإعلامي ، بكافة ألوان الطيف مريء ومكتوب ومسموع والذي منه ، وفيما نحن نطنطن بإرتفاع أسعار اللحوم والذي منه نجد أن لحم الوطن على قارعة المشاكل ، أليست هذه حميرة سودانية من العيار الثقيل بحبك يا حمآآآآآآآآآآآآآآآر .