في أول زيارة رسمية للسودان بعد تعيينه وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء بدولة جنوب السودان تمنى دينق ألور أن يجد الخرطوم افضل مما عليه الآن وكشف عن ما دار بين الرئيسين في الصالة الرئاسية لحظة وصول سلفا لمطار الخرطوم وأكد أن المواضيع ذات الطابع الثنائي يمكن أن تحل وأن البشير أكد مناقشتها مع سلفاكير مباشرة بدون لجان وأبان أن اللجان المختصة حول قضية البترول ستصل إلى رؤية توافقية ولكنه قطع بأنهم لن يتفقوا على حل قضية أو قضيتين و لن يوقعوا علي اتفاق سياسي مجزأ وقال إذا كانت الحكومة في الخرطوم على استعداد لتحل مشاكلنا المتمثلة في الحدود وأبيي و القضايا الأخرى فنحن أيضاً يمكن أن نساعدهم مشيراً إلى أن الجنوب ليست لديه مشكلة في العملة الصعبة وأقر بأن مشكلة أبيي ومسألة الحدود سببت ضغطاً كبيراً على الحركة الشعبية كحزب سياسي حاكم ، وكشف عن عتاد حربي كبير للواء التاسع في النيل الأزرق والعاشر في جنوب كردفان وقال هذا السلاح ملك للمقاتلين في الجيش الشعبي لأننا عندما استوردنا هذه الأسلحة لم نقل إنها أسلحة لجنوب السودان وإنما قلنا أسلحة للجيش الشعبي، والجيش الشعبي كان له شقان شق في الشمال والآخر في الجنوب، شق الجنوب انفصل وشق الشمال ما زال موجوداً وأضاف لا يمكن أن نطالب بهذه الأسلحة. ونوه بأنهم لن يسلموا ياسر عرمان للسلطات السودانية بعد إصدار الأخيرة أمر قبض عليه مؤكدًا أن دولته لن تساعد عرمان لقلب نظام الخرطوم . بالرغم من المطالبة بجوار آمن بين السودان وجنوب السودان الا أن العلاقات متوترة ما هي الأسباب الجوهرية التي أدّت إلى سوء العلاقات بين الدولتين ؟ بعد استقلال دولة الجنوب كانت هناك مواضيع عالقة خاصة باتفاق السلام الشامل هي ثلاثة إلى أربعة مواضيع كأبيي والحدود، والحدود لديها شقان الأول متعلق بالحدود المتفق عليها وهي (8%) تقريباً وتم ترسيمها على الأرض ولم نتفق حولها، ثم هناك خلاف وما زال حول خمسة مناطق رئيسية هذان الشقان لم يتم حسمهما ، والموضوع الثالث متعلق بالمواضيع الاقتصادية وخاصة البترول والعملة وهنالك موضوع الجنسية، دائماً عندما تنقسم الدولة إلى اثنين أو ثلاثة أقسام فإن مواطني الدولة الأصل لديهم حرية الاختيار، فمنهم من يريد الاستقرار في الدولة الأصل، ومنهم من يريد الانتقال إلى الدولة الجديدة، وهذا كان موقفنا نحن مثلما حدث في الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الشرقي كدولة تشوسلوفاكيا وبعض الدول، الآن يوجد شماليون في الجنوب لا يرغبون في العودة إلى الشمال، وكذلك يوجد جنوبيون في الشمال لا يرغبون أيضاً في العودة إلى الجنوب، وهناك آخرون يرغبون في الحصول على الجنسيتين، وعلينا أن نعطي حرية الاختيار للإنسان ولا نفرضها عليه فرضاً، لذلك يوجد خلاف حول الجنسية، والتعامل مع هؤلاء الناس، خاصة مع وجود مجموعة كبيرة من الجنوبيين خاصة في المناطق النائية في الشمال كانوا يجهلون اتفاقية السلام الشامل والانفصال، فأنت تحتاج إلى فرصة لتوصيل المعلومات إلى هؤلاء، والعمل على توفيق أوضاعهم توطئة لرجوعهم، لذلك رأينا الاتفاق على فترة زمنية معينة، والمؤتمر الوطني كان رافضاً لتلك الآراء، ثم أيضاً توجد قضايا الحرب بالوكالة، كنا نشعر وما زلنا أن المؤتمر الوطني كان يحارب الجنوب عن طريق المليشيات الجنوبية، ولا زالت هناك مليشيات موجودة في الشمال كجورج أطور وغيرها، المؤتمر الوطني بدوره يتهمنا بإقامة علاقات مع حركات دارفور وقياداتها المتمثلة في عبد الواحد محمد نور، ومني أركو مناوي، وخليل إبراهيم، ويتهمونا الآن بأننا نقف وراء الأحداث التي اندلعت في جبال النوبة والنيل الأزرق، وهذه الاتهامات غير صحيحة، الحرب بالوكالة إحدى المشاكل الأساسية التي اختلفنا حولها، ثم العلاقات العادية، كنا نقول بأننا نحتاج إلى خلق دولتين لهما علاقات قوية، خاصة وأن الانفصال سياسي وأن العلاقات الاجتماعية كبيرة جداً، وعلاقات اقتصادية وثقافية كبيرة، رأينا أن نعطي المواطنين في الدولتين حرية التنقل والتجارة والحركة، وهذا كان موقفنا نحن، لكن المؤتمر الوطني كان له موقف مغاير، وكانت لدينا خلافات قبل انفصال الجنوب حول قضايا وطنية متعلقة بالسودان كقضية المحكمة الجنائية الدولية، واتذكر أنني كنت وزيراً للخارجية وكان الموضوع كبيراً جداً، الحركة الشعبية كان موقفها وما زال بأنه لا بد من التعامل مع المحكمة، لأنه بدون التعاون مع المحكمة لا يمكن التخلص من هذه القضية، المؤتمر الوطني كان له رأي مخالف، المواضيع الخلافية كانت كثيرة بيننا والمؤتمر الوطني، مواضيع الديمقراطية، وكانت فكرتنا أننا نظام ديمقراطي تعددي ولا بد من تهيئة المناخ وبيئة الأجواء لإعطاء الفرصة لكل القوى السياسية لتتنافس على أرضية مشتركة، وهذه مواضيع تسببت في الخلافات مع المؤتمر الوطني، وفي النهاية بين دولة الجنوب ودولة السودان. هل هنالك اتجاه لحل بعض القضايا نهائياً خلال هذه الزيارة ؟ في رأيي الشخصي إن مشاكل التعليم والطلاب الجنوبيين في الشمال ليست عقبة كبيرة، باعتبارها فرصاً للطلاب الجنوبيين في الجامعات، حكومة الجنوب تتكفل بمصاريفهم، وهذه ليست بمشكلة كبيرة، لكن توجد مشكلة إنسانية متعلقة بالجنوبيين العالقين في كوستي ومناطق النيل الأبيض وليس في استطاعتهم التحرك جنوباً، بعضهم يريد الذهاب عبر السكة حديد إلى بحر الغزال، وغيرهم بالبحر إلى أعالي النيل والاستوائية، ، هذه القضايا ستحل في رأيي الشخصي، نحن نعتقد أن المواضيع ذات الطابع الانساني يمكن أن تحل، لكن القضايا ذات الطابع السياسي خاصة المتعلقة باتفاقية السلام الشامل تحتاج إلى وقت إضافي، لأنني لاحظت في حديث الرئيس البشير مع سلفاكير بالمطار بأن البشير أكد مناقشتها مع سلفاكير مباشرة بدون لجان. هل تتوقع أن المباحثات الثنائية ستفضي إلى نتائج ملموسة؟ الرئيس البشير في اللقاء القصير المقتضب مع الرئيس سلفا بعد أن استقبله استقبالاً رسمياً دخلوا إلى القاعة بوجود ثلاثة إلى أربعة وزراء مع الرئيس البشير، وثلاثة وزراء مع الرئيس سلفاكير، الرئيس البشير رحب بسلفا وقال له أنا أرحب بك، وأن زيارتك تاريخية لأنك بعد ثلاثة شهور قمت بهذه الزيارة، ومن خلال هذه الزيارة نحن نتطلع ولدينا شعور بأن الزيارة لا بد أن تخرج بنتائج إيجابية لكل القضايا، لأن لدينا قضايا عالقة متعلقة باتفاقية السلام الشامل كأبيي والحدود والقضايا الاقتصادية والأمنية، الرئيس البشير ركز على القضايا الاقتصادية والأمنية بصورة كبيرة جداً وشدّد عليها ودعا إلى الوصول إلى حلول بشأنها قبل نهاية الزيارة، لكن في رأيي الشخصي إن الوصول إلى حلول نهائية صعب جداً خلال يومين، وأن الرئيس قال إنهم في مقدورهم خلال يومين حل كل القضايا العالقة بين الطرفين سواء المتعلقة باتفاقية السلام الشامل أو التي لها طابع العلاقات الثنائية بين الدولتين كالقضايا المتعلقة بالحدود والتعليم والطلاب الجنوبيينبالخرطوم، والبشير اعتبرها قضايا بسيطة ويمكن معالجتها، لكن سالفاكير قال إن القضايا الأمنية لا بد من الوصول لحلول حولها، سواء كانت في جنوب كردفان والنيل الأزرق وقضايا التهم المتبادلة وبأننا نساند مليشيات في تلك المناطق، لذلك لا بد من حل هذه القضايا. نحن على علم بوجود ضائقة اقتصادية في البلاد بالذات في مجال العملة الصعبة، والسودان محتاج إلى المال. تحدثت عن الضائقة الاقتصادية هل هذه الضائقة تشمل الشمال والجنوب؟ الجنوب إلى الآن ليس لديه مشكلة عملة صعبة، لكن الشمال لديه مشكلة كبيرة في العملة الصعبة، وكل التقديرات العالمية تعتقد أنه حتى آخر سبتمبر لو لم تساعد حكومة الجنوب الشمال في العملة الصعبة فإن الشمال سيتعرض إلى هزة اقتصادية كبيرة، الرئيس البشير شعر بهذه المشكلة وناقشها بحضور معظم الوزراء الذين لديهم ارتباطات بالاقتصاد من حكومة الشمال. و هل الجنوب على استعداد لمساعدة الشمال وإنقاذ اقتصاده؟ طبعاً إذا كان هناك استعداد من المؤتمر الوطني للدخول معنا لحل كل هذه القضايا . فنحن ناقشنا المسألة الاقتصادية كثيراً ولدينا رؤية، وهم لديهم رؤية، و نعلم أن الفرق الاقتصادي الذي يحتاج الشمال لحل مشاكله، إذا كانت الحكومة هنا في الخرطوم على استعداد لتحل مشاكلنا المتمثلة في الحدود وأبيي أو القضايا الأخرى، فنحن أيضاً يمكن أن نساعدهم، لأن الاقتصاد يهم المواطن قبل الحكومة، المواطن هو الذي يتأثر أكثر، لا يريد أحد في الجنوب أن يرى أخاه في الشمال يتعب، لأن الشمال لديه أشياء يحتاجها الجنوب كالصناعات الصغيرة الموجودة في الشمال وغير موجودة في الجنوب، بالتأكيد الجنوب يحتاج إلى هذه الصناعات، وهى صناعات لن تعمل بدون عملة صعبة، لا يمكن أن تستورد بعض المواد الخام بدون عملة صعبة، نحن في الجنوب نحتاج إلى استقرار اقتصاد الشمال، لأن الاستقرار في الشمال يجعل الاقتصاد في الجنوب مستقر أيضاً خاصة في الولاياتالجنوبية الست المتاخمة للولايات الشمالية، الولاياتالجنوبية الأخرى لديها علاقات مع دول شرق أفريقيا مع أثيوبيا ولديها طرق لذلك التأثير كان كبيراً عندما أُغلقت الحدود مع شمال السودان التأثير لم يكن كبيراً في الولايات الاستوائية وجونقلي والبحيرات، إنما التأثير كان في الولايات الشمالية في أويل وأبيي، وواراب وبانتيو وشمال أعالي النيل، هذه الولايات التي تأثرت بإغلاق الحدود لكن بقية الولايات الأخرى لم تتأثر. نحن بالنسبة إلينا استقرار الاقتصاد في الشمال مُهم، لكن هذا لن يحدث ما لم يوجد استعداد في الشمال للمساعدة في حل مشاكل الجنوب، لدينا مشاكل كثيرة، مشكلة أبيي سببت ضغطاً كبيراً على الحركة الشعبية، ومسألة الحدود أيضاً سببت مشكلة للحركة الشعبية كحزب سياسي حاكم في الجنوب. برأيك ما هو المطلوب لكي تمدوا أياديكم بيضاء للشمال لإيجاد تعاون وثيق مع الشمال ؟ نحن جئنا بذات التصور بأننا لا بد من حل المشاكل العالقة المتعلقة باتفاقية السلام الشامل وسبق أن ذكرتها في بداية الحوار، إذا حكومة الشمال لديها استعداد نحن جئنا بوفد كبير مفوض، لكن للأسف لم نر الأشخاص الذين كانوا يتفاوضون معنا في هذه القضايا حتى على مستوى اللجان الموجودة في قاعة الصداقة، نحن رأينا موظفين دولة من وزارات معينة، وزارة الاقتصاد مثلاً على رأسها وزير، وزارة الاستثمار على رأسها وزير، وزارة التعليم العالي على رأسها وزير، الأمن والمخابرات على رأسها مديرها محمد عطا وهكذا لكن الأشخاص الذين كانوا يتناقشون معنا في القضايا السياسية غير موجودين ما عدا الدكتور مطرف صديق ممثلاً للشؤون الإنسانية وكذا، نحن في اعتقادنا أن هؤلاء الأشخاص مفوضون للوصول إلى حلول نهائية مع حكومة الجنوب. ü وماذا عن مطالبة الخرطوم لكم بتسليم عرمان؟ - دولتنا لن تساعد ياسر عرمان لقلب نظام الحكم وفي ذات الوقت لن نسلمه للسلطات السودانية