التغطية الإعلامية الرسمية لزيارة رئيس جمهورية جنوب السودان والوفد المرافق له للبلاد كانت باهتة جداً، ولا يدري أحد لماذا حدث ذلك، هل هي عملية متعمدة ومقصودة بقصد إرسال رسالة ما إلى قادة الدولة الجديدة، أم أن هذا الإعلام لا يرى أية أهمية للزيارة تستحق المتابعة والتغطية، رغم أن الزيارة حظيت بتغطية من معظم الفضائيات العربية والأجنبية في مشارق الأرض ومغاربها.. إن كانت التعمية مقصودة.. فإن من يقبع وراءها كأنما يحاول سد قرص الشمس بكفه. - (أسمع كلامك أصدقك.. أشوف عمايلك أستعجب).. هذا المثل ينطبق تماماً علي السيد سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان، فقد أكد التزامه الكامل بالحفاظ على علاقات صديقة وودودة مبنية على التفاهم والحوار والاستقرار والوصول لحلول بشأن القضايا العالقة حول السلام والحدود ووضع أبيي والجوانب الاقتصادية والأمنية، وقال (أنا وأخي البشير ملتزمان بضمان ألا تعود بنا أي من هذه القضايا إلى الحرب مرة أخرى، وإن البلدين يعيشان عهد السلام والاستقرار والتنمية وهو الوقت الذي يجب أن يحترم فيه كل من الجانبين سيادة وكرامة الآخر). السيد سلفا يقول ذلك في وقت متزامن مع الكشف عن تفاصيل إرسال حكومته لشحنتين من الأسلحة إلى مدينة الكرمك تحتوي على بنادق كلاشنكوف ودوشكات وقرنوف وذخائر تحت إشراف مباشر من الجيش الشعبي بالعاصمة جوبا، الأقوال والوعود لو لم تتبعها أفعال وتطبيق على الأرض تصبح أكاذيب، فإذا تكررت هذه الأكاذيب يصبح ذلك استغفالاً واستهبالاً واحتيالاً لا يليق برئيس دولة الجنوب ولا بالسودان الدولة الأم التي خرجت دولة الجنوب من رحمها، ونرجو أن يكون ما قاله سلفاكير هذه المرة صدقاً وعدلاً، وذلك من أجل مصلحة البلدين. - الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أعلن شرطه للمشاركة في الحكومة المقبلة وهو أن يشارك الحزب في كل مستويات السلطة التنفيذية من رئاسة الجمهورية حتى معتمدي المحليات، ورفض الحزب مقترح المؤتمر الوطني بمشاركة الحزب الاتحادي بثلاث وزارات.. إذن فقد وضح أن فهم الحزب الاتحادي للمشاركة في الحكومة هو في عدد الوزارات والمناصب الدستورية الممنوحة للحزب.. وليست مبنية على شروط ومطالب سياسية تتناول قضايا البلاد الرئيسية وتقوم على تفاهمات يتم الوصول إليها عبر مفاوضات (عسيرة) ينوب فيها الحزب الاتحادي الديمقراطي عمن يزعم أنه يدافع عن حقوقهم ويمثلهم. على المؤتمر الوطني أن لا يبخل ولا يستكثر على المشروع الوطني المتقدم وجمع الصف الوطني واستقرار السودان، بهذه المناصب التي طلبها الحزب، فهي تهون وتصغر وتصير تافهة إذا ما وضعت بجانب وحدة وسلامة ما تبقى من السودان.. وليحشُ المؤتمر الوطني جراب الاتحاديين بالمعتمدين والمعتمدات والوزراء والوزيرات والمستشارين والمستشارات والمساعدين والمساعدات إذا كان هذا يرضيهم ويفرحهم ويلم شعث وشتات هذا الوطن، ويغلق نوافذ الشر التي يتسلل بها أعداء الوطن لتفكيكه وتفتيته وتمزيقه، وليلحق بالاتحاديين كل من لا يرون في الوطن إلا مناصب دستورية تهفو إليها أفئدتهم فيجاهدون ويناضلون ويقاتلون باسم الشعب السوداني من أجل أن يظفروا بها كغاية عليا وهدف سامٍ. - هاني رسلان والذي يشار إليه بأنه خبير مصري بالشؤون السودانية المصرية قال تعليقاً على قضية حلايب، كلاماً لم يخرج كله عن إطار وجهة النظر الرسمية في العهد القديم، فضلاً عن تناوله للقضية من زاوية أحادية عرض فيها فقط وجهة النظر المصرية، وكان حري به وهو (الخبير) في الشؤون السودانية المصرية، أن يقف في الحياد ويكون موضوعياً في تناوله لهذه القضية شديدة الحساسية، احتراماً لهذا اللقب الذي يتزين به، ولا أدري من أين اكتسبه، غير أن أعجب ما قاله رسلان في تبنيه لوجهة النظر هذه ودفاعه عنها، هو أن العقل الجمعي لدى المصريين يرفض تعريض (الأرض المصرية) للتحكيم الدولي، فالأمر به نوع من الحساسية لدى المصريين. واكتفى خبير (الهنا) بذلك ولم يعرض لنا ولو في(كلمتين)، موقف العقل الجمعي السوداني إزاء حلايب، ولم يذكر لنا مقدار ودرجة حساسية الشعب السوداني حيال احتلال مصر بالقوة المادية وعلى عينك يا تاجر لأرض سودانية تراباً ودماً ولحماً وتاريخاً!!