أكدت المذكرة التفسيرية لمشروع قانون عمل ولاية الخرطوم 2011: مراعاة الحفاظ على الحقوق المكتسبة للعاملين في قوانين العمل السودانية والوفاء بالاتفاقيات الدولية والعربية والمباديء التي أقرتها السوابق القضائية. والحقيقة شيء آخر. ومشروع قانون العمل الولائي هو الأول منذ 1956 لكنه لم يراع واقع الولاية من حيث الفئات الكثيرة الجديدة التي خضعت له ولم يقترب من المعايير الدولية والعربية بشأنها. ولم يكتف بنقل النصوص المتوارثة منذ 1948 بل سعى لتشويه ومصادرة حقوق مكتسبة. وعارض اتحاد نقابات عمال السودان وتراجع فيما أطلق عليه التعديلات الجديدة وهي: (1) تجديد فترة الاختبار لفترة واحدة. (2) رفع استحقاقات نهاية الخدمة خلال أسبوعين. (3) تحديد إجازة الطرفين بثلاثة أيام. (4) سقوط الحق بالتقادم للاستحقاقات. (5) جعل العقوبات في شكل غرامة مالية. وموضوع المقال: تجديد فترة الاختبار لفترة واحدة، وأعتقد أن المقصود هو التمديد. ومعروف أن فترة التجربة حددها قانون 1948 بتسعين يوماً وقانون علاقات العمل الفردية 1981 بثلاثة أشهر كحد أقصى وكذلك قانون العمل الساري 1997. ويعلم القاصي والداني دأب بعض أصحاب الأعمال على تمديد فترة الاختبار عن طريق الفصل والتعيين كل ثلاثة أشهر تحت ظل القانون الساري فيكون المعنى الوحيد للتجديد والتمديد بالقانون أن الفصل والتعيين سيكون بعد ذلك كل ستة أشهر دون حماية للعامل وحقوقه. وفترة التجربة أو الاختبار في علاقة العمل حق مقرر لمصلحة الطرفين وجاز لأي منهما فسخ العقد دونما حاجة الى إبداء أسباب. وخلال فترة الاختبار يتحقق صاحب العمل من صلاحية العامل وكفاءته لأداء عمله ومسلكه الشخصي. ويستفيد العامل من الفترة للتعرف على ظروف العمل ومدى تناسب الأجر مع الجهد اللازم لأداء العمل وبيئة العمل وعلاقات العمل. فاتحاد عمال ولاية الخرطوم صادر حقاً مكتسباً نصت عليه المادة 29 (4) من قانون العمل الساري: «لا يجوز أن تزيد فترة الاختبار عن ثلاثة أشهر. ويعتبر عقد العمل غير مسمى الأجل إذا لم تحدد مدة العقد وانتهت فترة الاختبار دون إنهاء العقد بوساطة أحد الطرفين». واتحاد عمال ولاية الخرطوم عارض اتحاد نقابات عمال السودان بمقتضى اتفاق الشركاء الثلاثة على مشروع قانون العمل 2006 و2007 ومشروع قانون العمل القومي 2011 فالمادة 27 (1) من مشروع قانون العمل 2006 تقابل المادة (45) من مشروع قانون العمل القومي 2011 بالنص: (1) لا يجوز أن تزيد فترة الاختبار عن ثلاثة أشهر ولا تجدد مع نفس صاحب العمل. (2) يعتبر عقد العمل غير مسمى الأجل إذا انتهت فترة الاختبار دون إنهاء العمل بواسطة أحد الطرفين. (3) لا يعد العامل في فترة اختبار ما لم يخطر بذلك. واتحاد عمال ولاية الخرطوم، تراجع، ونقض غزله بيديه فهو ذات الاتحاد الذي أجاز مشروع قانون العمل لولاية الخرطوم 2007 والذي نص في المادة (27) على ذات ما جاء في المادة 27 (1) من مشروع قانون العمل 2006 والمادة (45) من مشروع قانون العمل القومي 2011 بالبنود الثلاثة أعلاه. وفي قضية كمال الدين ميرغني عثمان «مستأنف» ضد مدير مستشفى الملازمين «مستأنف ضده» أرست محكمة الاستئناف في القضية المذكورة بالرقم م أ/أ س م/223/1989 المبدأ: يتعلق حكم المادة 6/4 من قانون علاقات العمل الفردية 1981 بتحديد أقصى فترة اختبار يمكن الاتفاق عليها «المادة (4) فترة الاختبار القصوى ثلاثة أشهر» ولكنه لا يجعل من فترة الاختبار ضرورة حتمية يجب أن يشتمل عليها كل عقد عمل أو التزاماً يجب فرضه على الطرفين. كما جاء: أن المستأنف ضده لم يتفق مع المستأنف على أن تكون فترة العقد لمدة ثلاثة أشهر لتنتهي العلاقة بينهما بانتهاء فترة العقد ويتحلل بذلك من التزامه بأن يكون العقد الذي تزيد مدته عن ثلاثة أشهر مكتوباً وفقاً لنص المادة 5(1) ولم يتفق صراحة على أن يخضع العامل المستأنف لفترة تجربة أقصاها ثلاثة أشهر ويكون العقد في هذه الحالة غير محدد لمدة. «مجلة الأحكام القضائية السودانية 1991 ص:240». وعلى مثل هذه الأحكام أسس اتحاد نقابات عمال السودان ما تم النص عليه في مشروع قانون العمل القومي 2011 وقبله مشروع قانون العمل 2006 وما نصت عليه قوانين العمل السودانية حول فترة الاختبار منذ 1948 هو ذات ما قررته المعايير الدولية وتكييفها لعقد العمل تحت التجربة كعقد عمل معلق على شرط فاسخ وهو عدم رضا الطرفين عن فترة التجربة. وكل الدول العربية حددت الفترة القصوى للاختبار بثلاثة أشهر ما عدا ليبيا «شهر واحد» والإمارات «ستة أشهر». ومعظم قوانين عمل الدول العربية نصت على أنه لا يجوز تعيين العامل تحت الاختبار أكثر من مرة عند صاحب عمل ومن ذلك سوريا م/49، السعودية م/53، مصر المادة 33.. الى آخر وقانون العمل العماني بالمادة (24) حدد الفترة القصوى للاختبار ثلاثة أشهر لمن يتقاضى أجراً شهرياً ولا تزيد التجربة عن شهر لمن يتقاضى أجره أسبوعياً أو يومياً. وقانوني العمل العماني والسعودي اتفقا على أنه لا يدخل في حساب فترة التجربة الإجازات المرضية وإجازة العيدين وتوقف المنشأة والدولة العربية الوحيدة التي أجازت وضع العامل تحت مدة اختبار أخرى هي السعودية شريطة أن يكون العمل الجديد مختلفاً عن الأول. إن اتحاد عمال ولاية الخرطوم اختار عدم التشبه باتحاد نقابات عمال السودان في دفاعه بطريقته عن الحقوق المكتسبة للعاملين وآخرها «العلاوة الاجتماعية للنساء العاملات ورد أيام الإجازات السنوية التي خصمت بعد عطلة السبت» ولأن كل يكتب تاريخه بنفسه فعلى اتحاد عمال ولاية الخرطوم تحمل مسؤوليته التاريخية. ولا طريق أمام العمال إلا مخاطبة مجلس تشريعي ولاية الخرطوم واتحاد نقابات العمال.