زرت أحد أعز الأصدقاء للسلام والمجاملة فجلست معه نتبادل الحديث والذكريات قال أنت تعرف قدرك عندي وإني أجد في رأيك دائماً الحكمة والصواب وهذا اعتقادي فقلت جزاك الله خيرًا أنا أقل مما تظن بي قال أودعت مبلغاً كبيرًا جدًا من المال ثمانية ملايين درهم إماراتي حوالي ثمانية مليارات جنيه سوداني عند شركة تسمى (يوني قولد) وهي شركة تشتري الذهب وتبيعه عن طريق بورصة الذهب العالمية وبعد ذلك توزع الأرباح على المستثمرين وهي تغري بأرباح طائلة يسيل لها اللعاب قلت لصديقي كان الواجب أن تتحرى حلالية ذلك الاستثمار قبل الدخول فيه لأنه يمحق الله الربا فالخوف من الربا هو من مخافة الله عز وجل قبل الخوف من ضياع الأموال قال لي ما المخرج؟ قلت المخرج بيد الله عز وجل ولكن هل أنت متوكل أن تمشي قدما فيما نطلبه من مخرج قال والله العظيم لن أخالفك الرأي ولو أشرت علي بترك مالي كله لهم قلت دعني أصلي ركعتي الاستخارة فإن الحديث يقول: (ما خاب من استخار ولاندم من استشار) فنكون قد توجهنا الى الله عز وجل بالبابين باب الاستخارة وباب الاستشارة لاستشارتك لي وبعد ذلك دعوت الدعاء الذي هو ما بيني وبين الله من عهد ووعد إنك ربي قد ضمنت المخرج لمتقيك فإن صاحبي هذا استغفرك وصمم على أن يتقيك اللهم وضح لنا المخرج واسترني معه إنه يظن بي خيرا وإنه يحسن الظن في الله وفي عباد الله ثم بعد ذلك قلت له ما وجدته في استفتاء قلبي انه الحل الصحيح اذهب الآن بأسرع ما تقدر عليه من السرعة واسحب مالك كله من الشركة وقد كانت الساعة الحادية عشرة والنصف ظهراً أي بقي حوالي نصف ساعة من أن تغلق الشركة أبوابها فالحمد لله وصلهم صاحبي وقد تبقى من زمن الإغلاق ربع ساعة وسحب كل ماله بقرار سريع منه وفي نفس ظهر اليوم انهارت الشركة وأعلنت إفلاسها وخسارتها في البورصة العالمية للذهب وضاعت أموال المستثمرين وطلاب الربح السريع الغريبة أن كثيرا من زملائه كانوا يقولون له بعد ذلك أنت كنت تعرف فلماذا لم تخبرنا قال لهم أنا والله العظيم لم أكن أعرف وإني عندما قررت سحب مبلغي كان الوقت قد ضاع وكانت الشركة على وشك الإغلاق ومما يضحكنا دائما وكلما نلتقي ولا زلنا وهو لازال على الخدمة إنه من الاستعجال والخوف ذهب الى الشركة من غير (كاب) وهي تبعد مثل بحري الى الخرطوم وهذا ممنوع في قانون العسكر. أخي القارئ خذ هذه العبر ومارسها في حياتك وقوي صلتك مع الله عز وجل إنه سميع بصير وإنه صدق عندما قال وقوله الحق: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) سورة الطلاق الآية (2) الحمد لله على هذا المخرج والحمد لله ثم الحمد له أنه قد سترني مع صاحبي وقد ورد في الحديث القدسي(أنا عند حسن ظن عبدي بي ماظن بي خيرا).