الأستاذة إيمان طمبل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته استميحك عذراً أن أطل عبر عمودك الهادف لأنقل لك هذا المشهد الذي هزني رغم أني انتمي لتلك الشريحة التي ظلمت تلك المرأة وهي شريحة «الرجال». كعادتي كل صباح كلما أصل إلى مكتبي وسط الخرطوم ألقي التحية على كل الزملاء والمعارف بالشارع.. ومن ضمن هؤلاء «عايدة ست الشاي» هذه المرأة المكافحة الصبورة التي عركتها الدنيا ولجأت لمهنة الشاي لتطعم نفسها وأطفالها... وتستر حالها حتى لا تمد يدها لخلق الله الذين لا يرحمون. كلما أمر بجوارها أجد لديها كراساً وقلماً وهي منكبة عليه.. فقلت في نفسي: ماشاء الله تعمل وتقرأ في نفس الوقت.. جاءني فضول بأن أسالها لعلي أساعدها في شرح بعض ما تقرأ أو في مدها بكتاب حتى تتوفق في رحلتها العلمية. سألتها عن كراستها تلك فقالت لي: إنه «كراس الدين» فوجمت وصمت من هول المفاجأة.. لم أتوقع أن كل ما تخيلته يذهب أدراج الريح.. كراس ملئ بديون زبائنها «شاي وقهوة وجنزبيل وحلبة وكركدي» فكانت ديونها في الأسبوع تصل إلى 200 جنيه أو أكثر . أخبرتني أن يوم الخميس هو يوم جمع الديون.. وأنه بالنسبة لها هاجس وكابوس، إذ يختفي منها الزبائن أصحاب الديون.. يلعبون معها لعبة «الكديس والفار» أو بلغة أطفال اليوم «توم أند جيري».. يندسون منها من مكتب إلى شارع إلى زقاق ... وحتى إذا وجدتهم يخبرونها بأن حساباتها خاطئة ويغضبون منها أيما غضب ناكرين ما سجلته في كراستها تلك.. وأنهم لم يشربوا كل هذه الكمية فيدفعون لها جزءاً من المبلغ ويخبرونها بأن هذا هو ما أخذهوه منها... فتبكي هذه المسكينة لحالها ولا تعلم ماذا تفعل مع هؤلاء «عديمي الضمير».. وفي «رقبتها» أطفال أيتام تسعى لتربيتهم. أرجوكم.. رفقاً بذوي المهن البسيطة الفائدة لأن وراءها أطفال وأيتام ومساكين.. من المحرر: شكرا لك أخي «أحمد المصطفى الشبلي».. فأنا أضم صوتي لصوتك.. حتى يصحو ضمير كل نائم عن الحق.. فتلك المرأة مكسورة الجناح وفوق هذا وذاك لديها أطفال تسعى لتربيتهم بالحلال.. عجباً لقوم لا يتركون من يحاول أن يعيش بالحلال أن يعيش!! أين رجولة هؤلاء.. أين النخوة السودانية.. أين الشهامة.. أين عذاب الضمير؟! فقد أوصانا رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» فقال فيما معناه «رفقاً بالقوارير» فأين الرفق في حالة هذه المرأة!!. وجمعة مباركة..