للمرة الثانية، أصدرت محكمة الاستئناف أم درمان قراراً يقضي بإلغاء الإدانة بجريمة القتل شبه العمد وعقوبة السجن لمدة (5) سنوات التي أصدرتها محكمة جنايات أمبدة في مواجهة المدان بقتل الإذاعي محمد الحسن صالح قيلي في سبتمبر من العام الجاري، وقبلها قضت بذات القرار محكمة أمبدة في أبريل من العام 2010م، وأمرت محكمة الاستئناف بإعادة أوراق الدعوى مرة أخرى إلى محكمة الموضوع لمحاكمة المدان وفقاً لأحكام المادة (130) من القانون الجنائي والمتعلقة بالقتل العمد، وذلك على إثر تلقيها لطعن من قبل ممثل الاتهام عن أولياء دم المجني عليه المحامي عبد الله محمد حسين في قرار محكمة الموضوع، وذكر في الطعن أن قرار الأخيرة جاء مخالفاً للقانون تأويلاً وتفسيراً، الأمر الذي يقتضي بإبداله بقرار إدانة بموجب المادة (130) من القانون الجنائي وأن محكمة الإستئناف في مذكرتها السابقة والمرفقة بالمحضر أفادت أن المدان يستفيد من استثناء الاستفزاز الشديد المفاجيء دون سواه، وجاء بعدها قرار المحكمة العليا بعدم استفادة المدان من أي مانع من موانع المسؤولية أو أسباب الإباحة وأي من الاستثناءات الواردة في المادة (131) من القانون الجنائي، لأن محكمة الاستئناف والعليا قضت كل منهما بعدم استفادة المدان من استثناء المعركة المفاجئة، وثبت من خلال إفادات شهود الاتهام أن الجريمة ارتكبت في الشارع العام وليس داخل الغرفة، وأن مكان الجريمة هو مكان وجود الجثة. وأكدت محكمة الاستئناف في قرارها الذي حصلت عليه (آخر لحظة) أن محكمة الموضوع خالفت موجهات المحكمة القومية العليا الموقرة، ذلك أن الأخيرة رأت بكامل أعضائها أن المدان وافي أو العائلة لا يستفيد من عذري الاستفزاز الشديد المفاجيء ولا المعركة المفاجئة وأعادت المحضر لمحكمة الموضوع بجنايات أمبدة لإعادة النظر في حكمها بعد أن الغت الإدانة والعقوبة بموجب المادة (131) ولم تعطِ المحكمة العليا محكمة الموضوع الحق في سماع أي بينات أخرى، وبالتالي فما على محكمة الموضوع إلا التقيد بما ذكرته القومية العليا في مذكرتها، وأشارت الاستئناف في قرارها إلى عدم وجود مانع أن تخالف الموضوع العليا في حال أنها توصلت لقناعة أخرى بشرط أن تكون هذه القناعة مستندة لأسباب جاءت بعد قرار المحكمة العليا وبعد أن استمعت محكمة الموضوع لبينات أخرى لم تسمعها سابقاً تبرر تلك المخالفة للمحكمة القومية العليا، وكانت المحكمة القومية العليا الدائرة الجنائية توصلت في يونيو من العام الجاري لعدم وجود استفزاز شديد مفاجيء وعدم وجود معركة مفاجئة. يذكر أن الجريمة وقعت في العام 2008 وسدد المدان للمجني عليه طعنة نجلاء أودت بحياته في الشارع العام بعد أن خرجا من داخل منزل بأمبدة وأقر المدان بارتكابه الجريمة، غير أنه دفع بأن المجني عليه راوده عن نفسه مما حدا به لطعنه، وأفادت التحريات أن المدان الذي يعمل (جزاراً) كان مخموراً وتمت معاقبته بالجلد (40) جلدة حداً للسكر، وأصدرت محكمة أمبدة قرارين بمعاقبة المدان بالسجن ودفع الدية (30) ألف جنيه لذوي القتيل، في الوقت الذي وجهتها فيه المحكمة العليا في قرارها الأخير بإدانة المتهم بالقتل العمد، وأمرتها محكمة الاستئناف في هذا القرار بإصدار قرار استناداً على موجهات العليا، وحددت محكمة جنايات أمبدة جلسة في غضون الأيام المقبلة لإعادة الفصل في الدعوى.