تشهد المدرجات ودهاليز التعليم العالى حاليا خطوات متسارعة لتطوير المناهج وطرق التدريس لمواكبة ثورة التكنولوجيا وحاجة البلاد . يلاحظ اهتمام الطلاب والاباء بالتعليم التطبيقي وإنبهارهم بمنهج(العلوم والتقانة)الذى يستخدم معالجات الحاسوب وحلقات النقاش وورش العمل كما هو الحال بقسم الوسائط المتعددة بكلية(قاردن سيتى للعلوم والتقانة) بالخرطوم حيث نجد الدارسين بالفصل الثامن مثلا قد عكفوا فى الايام الماضية على التعرف على احدث طرق تصميم الرسالة الاعلامية . ففضلا عن المحاضرة والمكتبة والانترنت يستعان بنماذج من إانتاج المحطات والدور الصحفية وتنظم زيارات لها للاحتكاك ببيئة عمل الخريج وترسيخ معلوماتهم النظرية . فلكى تكون اعلاميا او صحفيا فانت مطالب بان يكون موهوبا ومتمرسا فى مجال (تصميم الرسالة ) بشكل باهر . التفاعلية والرشاقة : فنون تصميم الرسالة الاعلامية اصبحت تاخذ بالالباب ، فمنها البرامج التفاعلية التى تضمن مشاركة الجمهورعبر وسائل الاتصال التى اصيحتت متاحة الكترونيا - الهاتف والرسائل والبريد والفيسبوك وغيره ومنها منتجات القرفكس فهى مبهرة ونافذة . وفى مجال الصحافة يتزايد الاهتمام بتطبيق برمجيات التصميم وصناعة النص الرشيق الذى هو قوام الانتاج الاعلامى الباهر فى كل الوسائط وليس الصحافة وحدها ، فمن يتطلع للعمل فى التلفزيون مثلا عليه اولا ان يمتلك مهارات كتابة النص كما يقول احد خبراء الاعلام . هكذا يتم اعداد الصحافيين القادمين فى عصر الثورة الرقمية ، فالنص الجيد(مهنيا وصدقيا) يصنع الصحفى الجيد وتنساب المعالجات التطبيقية ليبدع . يتبارى الطلاب فى المناقشة والنقد والتحليل وابداء الراى فى ضوء نماذج لاعمال اعلاميين وصحفيين متمرسين يطلون على الناس كل يوم ويمكن وصفهم بأنهم( مبدعون) يعلمون غيرهم من على البعد عبر ما يكتبون ويذيعون . جرى اختيار احد العناوين المميزة انفردت بها صحيفة «سودانية» رائجة حين اختارت خبرها الرئيس من وسط الناس وليس من حلبة السياسة وضجيج الاحداث وهى عادة جارية الخبريقول(سائق ناقلة ينقذ الثورات من كارثة) 7اكتوبر 2011«آخرلحظة»وقد تم تناوله مع الخبر التطبيقى الوارد فى احد المراجع كالاتى( غواصون تابعون للشرطة كانوا يفتشون عن هيكل لناقلة بترول فى ميناء نيويورك حققوا كشفا نادرا يوم الخميس حيث عثروا داخل الناقلة تحت الماء على اثنين من حراسها على قيد الحياة يرتجفان من البرد عقب خمسة ايام عاصفة ، لقد كانا سجينى البحر تماما على حد قول السلطات) عنNew York Times للصحيفة مفاهيمها : . الصحيفة السودانية دعمت خبرها بعمود راى لرئيس التحرير الاستاذ مصطفى ابوالعزائم كشف عن ما وراء الخبر ثم اتبعت ذلك بتقرير اخبارى مصور يبرز تفاصيل الحادث ومدلولات بطولة السائق وقد جرى البحث عنه وتقديمه للقارىء تحت عناوين مشوقة منها(قصة بطولة كاملة وكامنة)و(اخرلحظة تستضيف سائق ناقلة المواد البترولية حول تفاصيل ما حدث) صفحة 4 «مى على» 16 / 10 . الصحيفة استخدمت ثلاثة انماط للتصميم الصحفى لمعاجة حدث ذى طبيعة اجتماعية لتظهر ما استبطن من مناقب متصلة بالشعب السودانى وقيمه منها البطولة ونكران الذات وكان ذلك واضحا من فحوى الافتتاحية حيث جاءت بعنوان( للبطولة اكثر من وجه) عدد يوم الاحد 16 اكتوبر 2011 حيث كشف رئيس التحرير فى عمود للراى عن مفهوم الصحيفة للاحداث المؤثرة إيجابيا فربط بما يشبه التجليات بين بطولتين فى زمن واحد ليهديهما معا للمجتمع السودانى الذى تشكل فى حمى البطولة والاقدام يتقدمه الشباب . ربط بين بطولة سائق انقد حارة بحالها من كارثة محققة وبطولة كابتن الطائرة الذى انقذ بذات الشهامة وحسن التصرف بعد التوكل على الله عشرات الأرواح من كارثة محققة . كأنما الصحيفة ارادت ان تقول وهى تقرا احوال اهل السودان(هذا هو الاهم) فلقد جاء عمود رئيس التحرير يقول( ليس للابطال اجنحة ولا اطراف زائدة لكنهم اناس قاموا بفعل ما ، نيابة عنا او خاطروا وضحوا من اجل مجتمعاتهم دون تردد) ليدعو لتكريمهم ، ثم يتفاءل بالمستقبل وهذا مما يفضل كخاتمة لتصميم اية رسالة إعلامية كما تقول المراجع العلمية الحديثة التى تدرس لطلاب الاعلام .. الصحيفة فى الكلية : تزامنت وارتبطت هذه المعالجة الصحفية المبتكرة بمحاضرة بقسم الوسائط المتعددة بكلية قاردن سيتى للعلوم والتقانة بالخرطوم عن فنون تصميم الرسالة الاعلامية . تفرد الخبر جعله مثالا واقعيا اوضح مما ورد فى ذلك المرجع News Writing Process وهو لمحاضر بجامعة ألاسكا بدأ صحفيا فجمع بين النظرية والتطبيق والاهتمام بمفهوم الخبر Concept واسلوب العرض والوصول لخاتمة مقنعة تدعو للتفاؤل وطرح ما يجعل القادم افضل ? وهذه مهمة اية رسالة اعلامية ، الامتاع والتاثير الايجابى . اعتبرت معالجات الصحيفة السودانية متكاملة( خبر فراى فتقريرمصور) جمع المادة وتنقيح النص والاستهلال والاسناد والاقتباس والابراز وكله متاح لاى صحفى ، اما احساس الصحفى فهو الذى ياتى بالفرق بين نص واخر ، بين صحيفة واخرى . إن مفردة ( صحفى) هنا تعنى الان كل من يعمل فى وسيط اعلامى . الخبر تم اخضاعه للمعادلة المهنية والاكاديمية المعروفة( 5W & H) وجرت مناقشة حول مبررات اختياره للصدارة ولماذا استهل عنوانه بالاجابة على السؤال (من؟) وهو السائق وليس(ماذا؟) وهو الحدث الكارثة؟اجاب رئيس التحرير فى عموده(الاعلاء من شان البطولة) اى ليس الاثارة برغم انها تزيد المبييعات . خاتمة المطاف .. إحساس الصحفى : نظريا وعمليا تتحكم فى موقف الصحيفة والوسيطMedia تجليات مصمم المادة وصاحب القرار فى ترتيب اولويتها ومدى كفاءته الذهنية واحساسه بما حوله وتجاوبه مع نفسيات المتلقى وظروفه واهداف المؤسسة الاعلامية او الصحفية وقربها من الجمهور . القرب من الجمهور هو القضية ، واحساس الصحفى بالجمهور واهتماماته هو مادة (الخبر الساخن) ومكمن الابداع والتميز والقدرة على المنافسة . إحساس الصحفى بمجتمعه باتى قبل كل شىء حتى المعلومات التى جمعها و(البشاعة)التى شهدها والتصريحات التى انفرد بها . }}