.. بحكم عواطفنا الجياشة والفياضة كسودانيين، نظهر التعاطف والمحنة، ودمعتنا قريبة، بحكم ذلك ظل المجتمع متفاعلاً و«حنيناً» على أخواننا من أصحاب الاحتياجات الخاصة، أو من تعارف على تسميتهم ب«المعوقين»، وهي تسمية لا يحبذونها ولا أحبذها، لأنني أعتقد أن المعاق هو ذلك الشخص المتعطل غير المنتج، والقاعد في انتظار الغير، يمنحونه أو يمنعونه، لكن هذا التفاعل العاطفي ظل ناقصاً باعتبار أنه لم يقدم عطاءً محسوساً تجاه هذه الشريحة التي أكثر أفرادها- إن لم يكونوا جميعهم- على استعداد للعمل والانتاج والكسب المشروع، خاصة اولئك الذين فقدوا نعمة المشي ببسبب الإعاقة الحركية، لكنني بالأمس شاهدت عبر شاشات التلفزة السيد والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر، وهو يقدم مواتر حديثة ومجهزة لهذه الشريحة، وهو في رأيي اهتمام مقدر صادف أهله تماماً، باعتبار أن مثل هذه المبادرات هي وحدها الكفيلة بإعادة هؤلاء الشباب الى قاطرة الانتاج، التي يجب أن تتحرك وهي تحمل كل القادرين على العمل والعطاء أقله، حتى يوفر الكثيرون منهم الرزق لنفسه ولأسرته لتطبق الولاية وواليها الحكمة المأثورة «خيرٌ لي أن تعلمني الصيد من أن تمنحني سمكة كل صباح» فالتحية للأخ عبد الرحمن الخضر على هذا الفهم العالي لقضايا أصحاب الاحتياجات الخاصة، ونأمل أن تكون هذه المواتر بداية لتمليكهم مشاريع حقيقية تدفع بهم الى ألاَّ يكونوا عالة على المجتمع- ليس عن قصد وتعمد- لكن ابتلاء الإعاقة هو ما يجبرهم على الشديد القوي، وبذات الفهم والحراك اتمنى أن يحذو ولاة الولايات الأخرى حذو السيد والي الخرطوم، لأن هذه الشريحة من أبناء الوطن موجودة في كثير من الولايات والمدن والقرى والحلال، أتمنى من قلبي أن ينخرطوا جميعاً في بناء ورفعة الوطن العزيز!! كلمة عزيزة .. هو ليس موقفاً غريباً ومستهجناً فحسب، ولكنه موقف قبيح ولا يشبه ديننا ولا قيمنا ولا أخلاقنا، ذاك الذي قام به إمام أحد المساجد بالملازمين، وهو يطلب من الفنان جمال مصطفى فرفور ألاَّ يقف في الصف الأول لاداء الصلاة، ومثل هذه التصرفات الحمقاء هي في ظني بداية لفتنة دينية، كنا نظن أنفسنا بمنأى عنها، بفعل تسامحنا وترابط نسيجنا الاجتماعي، لذلك أعتقد أن الاخوة الفنانين ممثلين في اتحادهم ومجلس المهن الموسيقية مطالبين برفع احتجاجهم الى أعلى المستويات، حتى لا تتكرر مثل هذه الأساليب «المنقصة» في حقهم وحقنا، وأخشى أن تكون المسألة مؤامرة مدبرة للنيل من اهراماتنا الإبداعية، وشعرائنا الكبار يتعرضون للإهانة والتجريح، وها هو المسلسل يتكرر مع الفنانين الذين عطروا وشكلوا وجدان الشعب السوداني «وهو ذاتو الامام ده كان ما متابع الفنانين عرف فرفور من وين»! كلمة أعز النكتة التي حكاها أحد أعضاء الفرقة الكوميدية عبر برنامج «مساء جديد» عن قاريء القرآن والمصلي اللذين يذهبان «لأحمد بنقو» نكتة سخيفة ومكانها الزبالة! وهذا منبر إعلامي محترم وليس جلسة مساطيل!!