واليوم أنيخ راحلتي عند مضارب المرور.. وتحايا بعرض وطن.. بعمق مودة.. بطول احترام.. إلى الصديق الغالي جداً اللواء الدكتور الطيب.. ومن وحي جلسة محضورة.. تنهمر كلماتي هذه.. كوابل مطر العينة.. إلى اللواء.. لم أكن ضمن تلك الكوكبة.. فقط أتتني عبر الأثير وأنا «متمدد» على السرير من ذاك الاستديو الرصين.. استديو ساهرون.. هي لم تأتِ.. بل حملتني ساهرون إلى المجرات البعيدة.. واللواء الطيب وأركان حربه من قيادات المرور.. يحملون الوطن والمواطنين على أكف السلامة.. لينضم الجميع إلى مربعات ودوائر العالم المتحضر.. ذاك الذي تنساب فيه المركبات منزلقة في سلاسة آمنة.. وتتغبر فيه أقدام السابلة على الطرقات وهي تسلك في ذوق وأدب.. المسالك الوعرة.. وتجتاز في أناقة الدروب الصعبة.. وقبل الإبحار في هذا النهر.. نهر المرور.. وقبل الإيغال في دياره.. لابد لي من كلمات تقال في حق اللواء الدكتور.. دعوني أشد على أيديه مهنئاً سعيداً بدرجة «الدكتوراة» التي استحقها بعد جهد ومثابرة.. ولا عجب في تلك السلسلة الماسية وتلك القلائد المضيئة التي تلألأت مشعة وهي تتدلى من عنقه.. لا زلت أذكر تلك الأيام الجميلة.. التي جمعتنا في «الحياة السياسية» ولا زلت أحمل عرفاناً.. وامتناناً للرجل عندما وهبني أروع إنتاجه.. ذاك السِفر الرصين.. والذي كان تحت عنوان «جنسية المتزوجة من أجنبي».. ولا زلت أذكر كلمات هتفت بها سراً.. وبعد فراغي من قراءة آخر صفحة في ذاك الكتاب المهيب.. إن نجوم الشرطة قد زادت عدداً.. بل كنت أقول لنفسي.. إن هذا الشرطي.. سيشرق مصباحاً مضيئاً.. يبدد ما حوله من عتمة.. وها هو توقعي قد بات حقيقة.. والآن.. دعوني.. أنشر الشراع.. واضرب بالمجداف.. لأبدأ.. بتلك الجلسة المثمرة والتي كانت في «ساهرون».. أعجبتني فيها تلك الصراحة والوضوح وأبهرني وأبهجني فيها ذاك الحماس وتلك الصرامة التي تحدث بها الجميع.. من قيادة المرور.. والذين كان أكثرهم صرامة سعادة الدكتور.. لم أتمكن وقتها من المداخلة.. ولأن «الفي ايدو القلم ما بكتب نفسو شقي».. وأنا ولله الحمد.. في يدي قلم.. وامتلك مساحة.. بل في حوزتي ساحة.. اسمها «شمس المشارق».. عبرها ستكون مداخلتي.. خطوطها العريضة.. بل محتوياتها أو «فهرسها» به الإشادة.. وفيها العتاب.. وقليل منها مشوب بظلال من غضب.. ولا عجب.. لأن «المرور».. يظل كل حياتنا.. مركبات وسائقين وراجلة.. «طيب» من أين ابدأ؟.. والسياحة داخل مرور الخرطوم.. تحتاج إلى ربط حزام.. والتزام بالسرعة المقررة.. مع تركيز العيون والأفئدة على الشارات الخضراء والصفراء.. وتلك الخطيرة الحمراء.. لم أجد كلمات تمثل مفتاحاً كما رائعة أبو صلاح.. قسم بي محيك البدري.. تلك التي أعاد بريقها الامبراطور الراحل وردي والتي حرر بها شهادة وفاة العبقري كرومة.. لن استلف منها غير تلك الحروف المترفة.. والتي تقول.. «وأمامك شكوتي وشكري».. والآن الأحبة في مرور الخرطوم.. وعلى رأس هذه الكوكبة المضيئة من أقسام الشرطة.. دعوني أقدم بين أيديكم.. شكوتي وشكري.. وحتى لا يكون أول القصيدة كفراً.. وحتى نقدم الابتسام على الخصام.. وحتى لا نغفل مجهوداً خرافياً.. ونحجب أمطاراً من البهجة.. وفوق ذلك لأني الآن لا أنظر إلى النصف الفارغ من الكوب.. بل أنا اعتبر أن كوبكم ليس ممتلئاً إلى النصف فقط.. بل أنا وفي شجاعة اعتبر أن كوب إنجازكم وتفانيكم.. ومجهودكم يملأ أكثر من ثلاثة أرباع الكوب.. لكل ما تقدم.. دعوني ابدأ بشكري وبعدها.. وفي كلمات مجللة بالتوقير والتهذيب.. أتلو صحيفة شكوتي.. لكم التحايا.. وبكرة نلتقي..