استغرب السودانيون لأن شركة شفرون الأمريكية حفرت أكثر من بئر نفط في السودان ثم غطت «زيتنا» بالخرصانة المسلحة.. ثم زاد عجبهم وذات الشركة تمنح رجل الأعمال السوداني محمد عبدالله جار النبي حق امتياز حقولها السابقة مقابل دولارات معدودات.. ظننت إلى وقت قريب مثل غيري أن تلك مؤامرة دولية تستهدف أمننا الوطني.. لم أفق إلا عندما علمت أن أمريكا ذاتها تنام على 22 مليار برميل.. بترول أمريكا المدخر لليوم الأسود يجعلها في مأمن من أي مقاطعة أو حصار نفطي لمدة أربع سنوات.. ذاك غير البترول الذي تم استيراده من الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وحفظ في مواعين آمنة في انتظارالسيناريو الأسوأ. نكبة هجليج التي يراها وزير الدفاع المبجل مجرد ابتلاء كشفت لنا عن أوضاع في غاية المأساوية..وزير النفط الدكتور عوض الجاز يعتبر تلك الكارثة مجرد مؤامرة دولية.. والي القضارف كرم الله يرسل الاتهام مباشرة إلى الولاياتالمتحدة ويخجل أن يمس إسرائيل التي دعى للتطبيع معها قبل أيام معدودات. وزير المالية علي محمود أكد أن الميزانية الحالية «ما بتمشي».. لم ينقضِ الربع الأول جيداً حتى اكتشف الوزير أن ميزانيته لم تضع البدائل..الميزانية سقطت حينما اعتمدت على رسوم عبور بترول لا نملكه.. ثم انهارت الميزانية رأساً على عقب عندما أدركنا ان بترولنا أيضاً لا نملكه. الحكومة الآن ومع اندلاع معركة تحرير الأرض بدأت تبحث عن القمح والسكر والوقود.. يمكن أن نجد العذر في استيراد الوقود الذي جفت موارده على حين غرة.. ماذا عن القمح؟.. لم نحصد قمح هذا الموسم بعد.. لم نتيقن عن نجاح وزير الزراعة المتعافي حتى تمت مكافأته وتعيينه رئيساً لمجلس إدارة مشروع الجزيرة.. السكر نحتاج إلى استيراده الآن.. وقبل أشهر بشرتنا الحكومة أن مصنع سكر النيل الأبيض سينتج في عامنا هذا مائة وخمسين ألف طن من السكر.. لن نتحدث عن ذلك لأن في فمنا ملح أجاج. وزير الدولة بوزارة النفط إسحق آدم أكد أمام البرلمان أن الاحتياطي النفطي سيغطي الحاجة لمدة أربعة أو خمسة أشهر«لاحظ دقة الوزير».. وزير النفط المركزي عوض الجاز كان أكثر صراحة حينما ألمح إلى إمكانية شراء نفط الشركات الذي كان في طريقه للتصدير.. وزير الدولة إسحق الذي لم يسأله أحد عن الغاز تبرع كاشفاً عن عجز في هذه السلعة الحيوية. وزير الدولة بوزارة المالية عبدالرحمن ضرار أكد أن وزارته لم تصدر قراراً بزيادة رسوم أي سلعة.. الوزير رد تصاعد الأسعار إلى مضاربات التجار والهلع الناتج عن حرب هجليج.. الوزير يطمئننا أن الوقود والقمح والسكر.. كلها موجودة ..رئيسه المباشر يؤكد أن الميزانية الجارية تحتاج إلى مراجعة.. مطلوب من ضرار أن يطمئن وزير المالية أولاً ثم بعد ذلك الشعب المغلوب على أمره. ولأن المصائب لا تأتي فرادى اقترح عضو بالبرلمان تخفيض عدد أعضاء مجلس الوزراء إلى خمسة عشر وزيراً..الآن فقط أدرك البرلمان أن مجلس الوزراء المئوي به فائض عمالة. هل تراني متشائماً إن طالبت باستيراد وزراء.. حكومتنا تقوم بتجنيس لاعبي الكرة الأفارقة من صالة كبار الزوار. حكومتنا تفشل لأنها لا تضع الخطة «ب».