ü العنوان أعلاه مأخوذ عن اسم لوحة بريشة فنان سوري مُبدع، صوَّر حالة بلاده على هيئة شجرة جافة بلا أوراق تُحيطها الزوابع والغيوم الشتوية من كل اتجاه، وتقف وحيدة عارية تساقطت أوراقها وتنزف دماً، والشجرة تردد القول المأثور: إنما اشكو بثي وحزني إلى الله.. ويبدو أن التشكيلي السوري قد أعد اللوحة لنشرها في مواقع الانترنت قبل يوم واحد من قرار مجلس الأمن (أمس الأول السبت)، في جمعة اطلق عليها الثوار «سننتصر ويُهزم الأسد». ü مجلس الأمن أصدر السبت قراراً جديداً حمل الرقم (2043) وقرر بموجبه رفع عدد بعثة الأممالمتحدة للمراقبين في سوريا «يونسيميس» إلى(300) بدلاً من (250)، على أن يتم إرسال فريق مقدمة من 30 مراقباً خلال اسبوع، ودعا القرار «الحكومة والمعارضة المسلحة» إلى وقف العنف في الحل، مع الإشارة إلى أنه لم يتوقف منذ إصدار مجلس الأمن لقراره السابق بوقف إطلاق النار، القرار رقم (2042) الذي صدر يوم السبت الأسبق. ü تفادى القرار الجديد، الذي جاء كحل وسط بين مشروعين، مشروع غربي- عربي يدعو لفرض عقوبات إذا لم يلتزم نظام الأسد بوقف اطلاق النار فوراً، والقرار الروسي، الذي يدعو لارسال مزيد من المراقبين، دون الإشارة إلى أية عقوبات في حال عدم التزام النظام السوري.. وكان الحل الوسط هو الاكتفاء بكلام غامض، «لا يودي ولا يجيب»، تكراراً لما ورد في القرار السابق (2042) يقول ب«إعتزام المجلس النظر في خطوات أخرى» من دون تحديد طبيعة أو تفاصيل تلك الخطوات.. وذلك تجنباً لاستخدام روسيا أو الصين حق النقض «الفيتو» في الاعتراض على القرار، عبر استخدام ذات اللغة الواردة في القرار السابق. ü القرار الجديد يصدر في ذات الأجواء، أجواء استمرار قتل السوريين وتدمير بيوتهم وخرابها، بأسلحة الدبابات والمدفعية الثقيلة، وأجواء الانقسام الدولي الذي تولت كِبَره روسيا والطين وإيران، دعماً لحكم الطاغية بشار حتى لو كان الثمن افناء الشعب السوري الثائر في وجه الظلم والقمع، والذي كسر ببسالة حاجز الخوف، مستعيناً بالمخلصين من أبناء شعبه في القوات المسلحة الذين انشقوا على النظام ورفضوا الولوغ من دماء شعبهم، وشكلوا ما أسموه ب«الجيش الحر» لحماية الثورة. ü القرار على هشاشته وقصوره، وجد- للغرابة- ترحيباً من المجلس الوطني السوري، أكبر تجمعات المعارضة، فقد نقل عن الناطق باسم المجلس «جورج صبرا» في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية قوله: إن المجلس يرحب بارسال المزيد من المراقبين إلى سوريا، معتبراً القرار «مطلباً للشعب السوري والشباب الثائر، الذي يتظاهر يومياً في الشوارع»، بينما تؤكد تصريحات سابقة صادرة عن بعض أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس رصدناها من خلال القنوات الفضائية، إن المطلوب لكي تصبح مهمة المراقبين فعّالة ومؤثرة أن يتراوح عدد المراقبين فيها بين 3000 و 4000، استناداً إلى أن هناك أكثر من 70 نقطة تظاهر في انحاء سوريا تستحق المراقبة، بالاضافة إلى المهام الأخرى الموكولة للبعثة.. ويبدو أن ترحيب المجلس هو من قبيل العمل بالمثل: «شيء خير من لا شيء»، انطلاقاً من حقيقة انقسام المجتمع الدولي، ووقوف روسيا والصين كحائط صد منيع في مواجهة أية هجمة دبلوماسية تستهدف نظام بشار. ü الولاياتالمتحدة يبدو أنها قد أعجزتها الحيلة في تجاوز الموقفين الروسي والصيني في مجلس الأمن، فلجأت هي وفرنسا وبريطانيا والمجموعة العربية إلى القبول بأي قرار- مهما كان ضعفه وعدم جدواه- نشداناً للاجماع الدولي، وبرغم أن القرار لم يرضها ولا تتوقع منه الكثير، فقد خرجت سفيرتها في الأممالمتحدة سوزان رايس بتصريح ضعيف ينم عن حالة التردد التي طبعت الموقف الأمريكي منذ بداية الأزمة وقالت: «إن الولاياتالمتحدة يمكن أن لا تمدد مهمة بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، بعد مضي الثلاثة شهور في حال تواصل العنف، وإذا لم يسجل تقدم سريع في الجوانب الأخرى من خطة المبعوث الدولي- العربي كوفي عنان، وعندها علينا أن نخلُص إلى أن المهمة لم تعد ذات فائدة».. ولم تتحدث رايس- كما هو مفترض- عن البديل في حال فشل الخطة، بينما جاءت تصريحات وزير الخارجية الفرنسية «ألان جوبيه» أكثر قوة، وإن لم تتسم ايضاً بالوضوح أو الحَسم المنتظَر، فقد قال جوبيه: «يتعين أن ينتشَر المراقبون في سوريا باسرع وقت ممكن دون عراقيل» وهدد دمشق «باللجوء إلى كل الخيارات الممكنة إذا لمْ تحترم تعهداتها» لكنه- أيضاً- لم يوضح طبيعة هذه الخيارات، وقال «إن التصويت الاجماعي في مجلس الأمن يشكل رسالة قوية إلى سوريا». ü والحقيقة هي أن التصويت الإجماعي في المجلس «لا يشكل رسالة قوية إلى سوريا ولا حاجة»، فقد سمعنا السيد «شريف شحاتة» أحد المتحدثين باسم النظام وأحد من يطلق عليهم المراقبون لقب «شبيحة الإعلام» يقول، متبجحاً، إن سوريا هي التي ساعدت في انجاح وتمرير القرار (2043) في مجلس الأمن، لأنها اتفقت على الكثير من بنوده مسبقاً عبر التفاهم مع وزير الخارجية سيرجي لافيروف.. وقال رداً على ما اسماه «نظرية ألان جوبيه بحرية التظاهر»، بأن سوريا لا تمانع في اتاحة مثل هذه الحرية ولكن ضمن ضوابط تتمثل في تقدم من يريدون التظاهر بطلب إذن من السلطات، يوضح طبيعة المظاهرة وأسماء المشاركين فيها، وشعاراتها وأهدافها! تصور.. أن يطلب الثوار من الدكتاتور إذناً بالثورة عليه!! ü فريق المقدمة لبعثة المراقبة الدولية الذي زار بعض أعضائه أمس الأول مدينة حمص المنكوبة بما فيها حي «بابا عمرو»، الذي أصبح اثراً بعد عين، رتب لهم النظام اجتماعاً مع محافظ المدينة، بحسب وكالة الأنباء السورية.. لكن ذات الفريق عندما حاول التحرك بحرية في بعض مناطق حمص روعه اطلاق النار من أسطح البنايات التي اعتلاها الشبيحة وعناصر الأمن بالبنادق الخفيفة، برغم الهدوء النادر والمصطنع، الذي رتبه النظام قبل زيارة الفريق، بما في ذلك إلباس رجال الأمن والشبيحة ملابس «شرطة المرور» لإخفاء طبيعة مهمتهم. ü نعم إن سوريا وأهل سوريا ليس أمامهم إلا الاعتماد على سواعد شبابهم ورجالهم ونسائهم في مواجهة هذا النظام، وتشير كل الدلائل الى أن ليلهم سيطول، ولكن في النهاية لابد للقيد أن ينكسر، ولابد للشعب أن ينتصر، محققين نبوءة شاعرهم: وستبقى يا وطني شامخاً.. كما كنت دائماً.. شامة العزِّ في وجْنِة التاريخ..!