أخيراً صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية، الترجمة العربية لكتاب البروفسير محمود ممداني إلهام وهذه مناسبة أعلن فيها أنني سأقوم بإذن الله تعالى في وقتٍ لاحق باستعراض كل الكتاب فهو من الكتب النادرة التي درست بمنهج أكاديمي رفيع المستوى مسألة دارفور التاريخية والإجتماعية والسياسية بالإنطلاق من أربعة إفتراضات تتعلق بالتراث والقبيلة والعرق والموقع ثم يحلل ممداني أسباب الصراع في دارفور كاشفاً الصراع وتعميقه وحصر تعريفه بما يجري على محور الشمال - الجنوب وبالتالي تصويره بأنه صراع بين العرب والسودان بحجب المسألة الرئيسية في الصراع وهي الأرض. ويتعمق الكاتب في بيان التعبئة للحرب الأهلية في دارفور وإدارتها عبر المؤسسات القبلية، مشيراً إلى أنها في أي من مراحلها لم تكن بين الأفارقة والعرب، كاشفاً أن الاختلاف يكمُن في أن القبائل المتخاصمة على طول محور الشمال- الجنوب كانت عربية وغير عربية في حين أن القبائل المتخاصمة على محور الجنوب - الجنوب عربية في الجانبين وكان من رسائل ونتائج عمل مجموعة (إنقاذ دارفور) ووسائل الإعلام في أعقاب ذلك التعتيم على محور الجنوب الجنوب في الصراع لإظهار العنف بأنه (إبادة جماعية) يرتكبها العرب ضد الضحايا الأفارقة!! ويخلص الكتاب إلى القول، إن مشكلة دارفور تدعو في التحليل النهائي إلى حل ثلاثي يلخصه الكاتب في الآتي:- 1- إحلال السلام عن طريق المفاوضات. 2- إصلاح سياسي للسلطة في دولة السودان. 3- إصلاح أنظمة الأرض أقسام الحكم داخل دارفور. الكتاب مقسم إلى ثلاثة أقسام يستهلها المؤلف بمناقشة موضوعية هادئة لمجموعة (إنقاذ دارفور) التي يحمِّلها مسؤولية تفاقم الأزمة في ضوء تعريفها غير المنصف (للإبادة الجماعية) ويتهم المجموعة بأنهم تصرفوا على أساس الجهل التام، مشيراً إلى أن العبرة التي نأخذها من دارفور هي بمثابة تحذير للذين يتصرَّفُون أولاً ويُرجِئون الفهم إلى ما بعد. ويذهب ممداني في مقدمته للكتاب إلى أن السودانيين شعب كريم لا سيما عندما يقتنعون بأنك ليس لديك برنامج عمل خفي، ويكشف عن مساعدة كثيرين بوقتهم واتصالاتهم ويُهدي الكتاب إلى كل من ينشدون بناء اتحاد إفريقي مستقل ويخص بالذكر عبد القادر محمد، سالم أيوبك، سالم أحمد سالم، والفا عمر كونارية. محمود ممداني أمريكي من أصل هندي، هاجر في أعقاب انقلاب عيدي أمين في يوغندا للولايات المتحدةالأمريكية حيث حاز على الدكتوراه من جامعة هارفرد عام 1974م وهو الآن استاذ في العلوم السياسية وعالم انثروبلوجيا في مدرسة الشؤون الدولية والعامة في جامعتي كلومبيا ودار السلام بتنزانيا.. لأهمية الكتاب سأقوم لاحقاً بإذن الله تعالى باستعراض أهم فصوله.