صفقت من دواخلي حينما شاهدت ولي عهد بريطانيا تشالز يقرأ النشرة الجوية بسلاسة مطلقة في محطة بي بي سي ، ورغم أن هذا الرجل البارد جدا حسب المؤشرات العالمية ليس محبوبا من البريطانيين غير أنه إستطاع أن يرطب العلاقة بينه وبين المشاهد حينما نجح بدرجة إمتياز في قراءة أحوال الطقس . حكاية قراءة ولي العهد البريطاني للنشرة الجوية سطعت في دماغي ورفضت مبارحته ، وتساءل العبد لله بحرارة فيما إذا كان لدينا مسؤول سوداني على سن ورمح ، يمتلك مبادرة قراءة الطقس ، عفوا يا جماعة الخير نحن لا نريد مسؤولا يقرأ توقعات الطقس في قرية اللعوته ولا المسيد ولا حتى حلفا دغيم ولا باريس ، نريد ياجماعة الخير رجل ضخم أقصد مسؤول من العيار الثقيل يقرأ مؤشرات الواقع السياسي بكافة ملفاته ، لأننا محظوظون ونمتلك ملفات ساخنة لا توجد في أي دولة أخرى على الأطلاق، ملفات يمكنها أن تساهم في تصاعد درجة الحرارة في العالم أجمع وليس السودان فحسب ، إذن مسألة قراءة الطقس السياسي من الاهمية بمكان ، لأن العنتريات والبلاغة اللفظية ومحاولة فرض الهيبة لا يمكن ان تصنع دولة ذات كيان مؤثر في العالم المضطرب سياسيا . لكن دعونا نسأل هل لدينا مسؤول يمكن أن يقف بكل شفافية ويقرأ الواقع السياسي ، أقول الواقع السياسي لأن صيف السودان سيكون هذا العام ساخن جدا ، خاصة وأن المعارضة قد تفتح نافذة مدنكلة لصيف شمسه لاهبه ، أقول قولي هذا لأن مسألة الربيع لا تناسبنا ، لكن الشيء الغريب أن الذاكرة الغنائية لدينا تتضمن العديد من الأغنيات التي تتحدث عن الربيع مثل الربيع أهو فات وإنتي ما جيتي ، وفي ربيع الحب كنا ، وياربيع الدنيا إلى آخر الروزنامة . ويبدو أن الشعراء في السودان رومانسيون لدرجة أنهم صنعوا ربيعا وهميا في الذاكرة الجمعية للناس وأصبحنا نتغنى بأرتام الربيع دون أن نشاهد ريحة هذا الفصل الجميل على أرضنا ، بعودة إلى قراة الطقس السياسي ، أقول نحن لسنا بحاجة إلى قراءة الطقس السياسي فحسب ، بل لدينا ملفات سياسية ، إقتصادية ، أخلاقية وإجتماعية متلتة بحاجة إلى القراءة المتأنية , وحتى تكون المسائل آخر منجهة وحقيقة ماثلة للعيان أدعو إلى مناظرات على الهواء مباشرة بين رموز الحكومة وأقطاب المعارضة ، على أن تتضمن روزنامة المناظرات قائمة طويلة من منظري الحكومة المعروفين بإنفلاتهم وتشددهم وما أكثر هذه الفئة في الصفوف الأمامية ، وبهذه الطريقة العفوية يمكن أن نكشف للمواطن الغلبان أيهما على حق الحكومة أم المعارضة التي تقاتل بقوة داخليا وخارجيا من أجل تقاسم الكعكة التي يسيل لها لعاب الغلابا ، ويا وطن لي ناس غلابا .