ارتبط الصيف في ذاكرتي الضبابية بالدميرة والفيضان وحصاد التمر وموسم الاجازات وعودة المسافرين من بلاد الله الواسعة ، الآن جاء صاحبنا الصيف معلنا وصوله بقوة ، في مثل هذه الايام من كل عام يستعد الناس في الكثير من الدول للهروب من حرارة الطقس إلى المصائف والشواطيء والمناطق المعتدلة ، لكن بحمد الله نحن لا نعرف المصائف ولا الشواطيء المفتوحة ولا السفر بعيدا عن أنفاس الصيف السوداني اللئيم ، لان كل شيء لدينا ساخن ، السياسة ساخنة والاسعار ساخنة والاتهامات بين الحكومة والمعارضة ساخنة جدا ،إذن نحن شعب صبور وعليه نستحق وسام الصبر من منظمة الصبر الدولية ، حتى خطابنا الغنائي ليس فيه رائحة الصيف وفي الوقت نفسه نجد اغنيات كثيرة عن الخريف و(الربيع أهو فات وانتي ما جيتي ) رغم أن فصل الربيع لا وجود له على الإطلاق في السودان ، على ذكر الاجازة والصيف يداهمني سؤال لئيم عن أسباب عدم اهتمامنا بالصيف والاجازة فكل الايام لدينا متشابهة صيف شتاء خريف ، للأسف الكثير من الاشقاء العرب يتهمون الزول السوداني بالكسل والخمول ، ليت هؤلاء يعرفون أننا شعب نشيط لا نعرف الكسل ولا حتى ( الإجازة واحد شهر ) ، وللتأكيد على أننا شعب نشيط وهمام ( كمان ) فقد اشارت دراسة ميدانية لعينات من سودانيين مغتربين في عدة دول الى ان %99 من عينة البحث لا يعرفون طعم الاجازة وان الواحد منهم حينما يستمتع باجازته يقضيها في السودان وبدلا من الراحة من عناء العمل فان صاحبنا يمضيء كامل أيام الاجازة في الجري والشهلته وملاحقة شؤونه الخاصة حتى يغادر مرة اخرى إلى مكان عمله ، على فكرة هناك دراسة أمريكية تؤكد ان الاجازة نعم الإجازة تحمي الإنسان من وجع القلب وتجنبه الإصابة بهرمونات الاجهاد وهذه الهرمونات بنت الذين ترفع الضغط وتزيد من إعراض تصلب الشرايين ، للأسف بلادنا تتمتع بمقومات سياحية لكننا لا نعرفها ، فلدينا مقومات سياحة الجبل والنهر والغابات والمحميات الطبيعية ومناطق الآثار والسواحل لكن كل هذه بعيدة عن طموحاتنا واحلامنا ، يبدو ان الجهة المعنية بتفعيل السياحة هي الأخرى ( سائحة ) في لهيب الصيف ، صدقوني لو كانت لدينا جهة تهتم بالسياحة على اصولها لكنا في مصاف الدول السياحية الكبرى باعتبار ان السياحة رافد وصناعة تدر مليارات الدولارات للدول التي تهتم بها ، لكن نحن ناس شبعانين لماذا نهتم بالسياحة ، عموما حتى نصبح دولة سياحية لها وزنها تعالوا نبحث عن طريقة مثالية لمنح القيادات المشاغبة إجازة من العمل ليس في الصيف السوداني الساخن فقط وانما بصفة مستمرة ، أقول قولي هذا لعلنا بهذه الطريقة نريحهم ونريح الوطن من ( طنطناتهم ) . طنطنة تكسر دماغك .