درجت العادة على أن تنصب كتاباتي في الشأن السياسي الوطني، أو الحزبي، أو شؤون المرأة، وتعد تلك أمور وإن كانت مهمة وتهم القارئ المثقف أو المتابع للشأن السياسي في البلاد وشؤون المرأة، إلا أنني قد لاحظت أن هناك أمورأكثر أهميه للقارئ العادي، وتصب أيضاً في ذات القالب بصورة ما، وينبغي أن نلقي عليها الضوء وبكثافة تسهم في تطور وسلامة المجتمع، مما يؤدي الى تطور واستقرار البلاد سياسياً واجتماعياً ودينياً، خاصة ونحن نمر بمنحنى ضيق هذه الأيام وهي تعد أخبارالساعة اليوم ألا وهي المخدرات وأثرها السالب على الفرد والمجتمع، وبالتالي أثرها بل وتأثيرها على سياسة البلد وتطور اقتصاده، وأمنه وسلامته.. فنحن نمركباقي دول العالم بسياسة تقشفية لمحاربة موجة الغلاء العالمي، ناهيك عن موجة استهداف بعض الدول لأمننا القومي وسلامتنا الوطنية، فالمشكل لدينا مزدوج ويحتاج لمزيد من الوعي والمثابرة لننهض جميعاً، فالمخدرات كوسيلة هدامة للإنسان حرَّمها الله عزوجل، هي وكل ما يعوق التطورالإنساني، والسبب الرئيسي لخلق الإنسان هو العبادة فقد قال تعالي «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {5/90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ» صدق الله العظيم. سنتناول هذا موضوع بتبسيط يحتمل التمديد، فالمخدر هو كل مادة تحتوي على مواد منبهة أومسكنة، إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والعملية المحددة لها، وهي أنواع طبية وعشبية وتنقسم الى مسكنات ومنشطات، ومهلوسات، ومهبطات، ومنومات، ونجدالشائع منها تلك التي تعرف بالمذيبات الطياره كالبنزين الذي طارهو أيضاً مؤخراً والغرا!! أما إذا تناولنا مضار تلك الآفة على الفرد قبل جيبه، فهي تفقد الإنسان شهيته، مما يسبب الهزال وضعف مقاومة الأمراض وتهيج الأنسجة المخاطية مما يؤدي لالتهاب الرئة والإصابة بالدرن، واضطراب الجهاز الهضمي، ومن ثم اتلاف الكبد وتليفه...الخ من مضارها أيضاً تنتهي بوفاة المتعاطي.. والله المستعان أما أثرها على المجتمع فينتج عن تأثيرها على الفرد، فهي تستهدف تدمير الموارد والطاقة البشرية المنتجة أعني الشباب من سن الخامسة عشر الى الخامس والأربعين، ويحولها من طاقه منتجة الى شريحة عالة على المجتمع، مما يضعف النسيج الاجتماعي، ومن ثم القومي والوطني، إذ تعد مهدد قومي قوي تجب معالجته، وعلى أعلى مستوى رسمي أعني، بذلك أنه يجب إدراج خطرالمخدرات على المجتمعات ضمن الاستراتيجية القومية، وهذا لا يعني أن هناك اتهام للدولة بأنها لم تصدرقرارات جمهورية لمكافحة المخدرات، بل عنيت أن تكون الدولة أكثر جدية أو فاعلية في تفعيل تلك القرارات، وبصورة أقوى مماهي عليه الآن، بشن حملات توعوية للمجتمع لأنه في رأيي هذا هوالخطرالمحدق بالبلاد والمهدد الاستراتيجي لأمننا الداخلي واقتصادنا الوطني، فعبر هذا الوباء يتبدد جزء كبير من زمن الانتاج للدولة، فيمضي في معالجة ذلك الوباء بدلاً من استثمارالوقت في خلق مساحات أرحب للانتاج، وبالتالي ترتبك وتختل فاعلية وزارة الموارد البشرية.. وهنا دعوني أخرج قليلاً عن الموضوع، ولكن في ذات الخط، حيث إني أجدها فرصة ذهبية لانتقد المدعوة الشيشة وما أدراك ما الشيشة التي غزت كورنيش النيل الجديد ورصفته بعد أن كان مرصوفاً بشتى أنواع الخضر، التي كنا نتنسم عبقها صباحاً ومساء، فحل محلها دخان الشيشة!! وأصبح الشعارالجديد.. فالنشيش مما نزرع والله المستعان يا وزارة الزراعة.. كل هذا وأكثر يستقطع من ميزانية بلادنا، ويسهم في إعاقة النماء ويزيد من مشاكل البلاد والعباد، ويصعب مهمة سياسة محاربة الغلاء، ناهيك عن المضارالاجتماعية والدينية من تفكك أسري وخلق جيوب جديدة للتفكك الأسري والعنف ضد الطفل والمرأة، وانتشارالجريمة، وعدم الانصياع للوازع الديني للفرد، مما يخلق خللاً واضحاً في السبب المباشر من خلق الإنسان ألا وهوالعبادة والله المستعان. إذن المخدرات سبب لتخلف البشرية، ولابد من محاربتها، ونحن هذه الأيام نحتفل باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، لا نود أن يمر بنا هذا اليوم دون أن نكون قد قدمنا للعالم الأنموذج الأمثل بين الدول في محاربة هذا الداء العضال، ولا سبيل لكل ذلك إلا بمساندة الدولة والمجتمع والفرد لكافة الهيئات والمنظمات المعنية بمكافحة المخدرات، لننهض جميعاً.. والله المستعان.