أنا أحب الاستماع للأغاني «بعض الأغاني» ولا أضع في مكان رائعة الثنائي التجاني سعيد ومحمد وردي «قلت أرحل» أي أغنية أخرى مع المختار من أغاني الحقيبة وبعض المحدثين.. لكن الوقت الذي أخصصه للاستماع للأغاني لا يعدو أن يكون فسحة صغيرة تقع بين الحصص الكبيرة عسيرة الهضم طوال اليوم والليلة.. أكتب هذا الكلام وقد راعني الترويج لبرامج رمضان في القنوات الفضائية السودانية كلها بلا استثناء تعرض برامج مادتها الأساسية الغناء يعني غناء في غناء في غناء، تقليداً لأغاني وأغاني وأغاني، وكان يمكن أن نملأ بقية العمود بكلمة أغاني ونكررها مثلما يكررها ويرددها مقدمو البرامج والمطربون «مجازاً».. إحدى المطربات المقلدات لكبار الفنانين وأغاني الحقيبة.. والله نسيت اسمها.. تحدثت عن إنتاجها الخاص وغنَّت أغنية لم أفهم منها سوى كلمة واحدة، مجنونة مجنونة مجنونة، ترددها كلما انقطع نفسها بصوت باهت.. ولئن كان السر أحمد قدور الأستاذ الشاعر قد وجد في عمره بقية وفي عقله ذكريات وفي لسانه فصاحة وفي ضحكه قهقهة وفي حديثه سلاسة مكنته من النجاح في برنامجه السنوي أغاني وأغاني على قناة النيل الأزرق في نصف ساعة تعقب الإفطار وتشد إليها آذان الأسر وعيونها.. فإن ذلك لايعني تقليد نفس الفكرة في كل القنوات الفضائية السودانية «نقل مسطرة» وكأن المنافسة لا يمكن أن تكون إلا بمادة واحدة وهي الغناء.. صحيح أن التلفزيون السوداني ابن غير شرعي للإذاعة السودانية، بمعنى أن التلفزيون أدير أول عهده بكوادر من الإذاعة نقلت تجربة المايكرفون إلى الشاشة فأصبح ما يُسمع يشاهد دون أي معالجات أوركسترا أو كورس وأمامه فنان، تماماً كما هو الحال في الإذاعة، ويبدو الفرق في أن تشاهد الآلات الموسيقية التي أكل الدهر عليها وشرب من دربكة وكمنجات وبيز وجيتار وهلمجرا. ü في طرحه للإستراتيجية الجديدة لحل أزمة دارفور أفرد الدكتور غازي صلاح الدين باباً لتغيير الانطباع الذي تركه الإعلام المغلوط بمعلوماته غير الحقيقية وأهدافه الخفية.. وهذه مهمة شاقة جداً يقال «إن الانطباع الأول هو الانطباع النهائي» والمشكلة أننا أيضاً انطباعيون، لذا فإن أجهزتنا الإعلامية جميعها لم تخرج من عباءة الأغاني والمغنيين، فلا تكاد تخلو سهرة أو برنامج أو لقاء أو صحيفة من الحديث وتقديم الفواصل الغنائية. ü لعلها خطرفات صائم لكنها حقيقة ماثلة، فبرنامج أغاني وأغاني ستجدونه بأسماء أخرى في كل القنوات السودانية.. طبعاً الفنانين على قفا من يشيل لكن لا أدري إن كان هناك «سر قدورات كُثر». ü السوداني شطب من قاموسه كلمة «ما بعرف - لست أدري - أوغيرها» وهم يجتهدون معك في أي شيء والإجابة على أي سؤال، وهذه ظاهرة سودانية خاصة.. عندها بعض المحاسن لكن سلبياتها كثيرة.. فإذا ذهبت بسيارتك للميكانيكي وهو لا يعرف طبيعة العطل، فلن يقول لك ما بعرف ولكنه «سيفرتك» كل صامولة أو مسمار وغالباً ما يزيد العطل.. وأخيراً دخل «الكمبيوتر» للمنطقة الصناعية فأضيفت رسوم جديدة لإصلاح سيارتك اسمها الكشف بالكمبيوتر، والحقيقة إن البرنامج الخاص بكشف أعطال العربات هو ليس بالضرورة مصمم على معرفة أي عطل في أي عربة فإذا كانت العربة يابانية مثلاً فهي لا تتطابق بالضرورة في أجزائها مع العربة الكورية مثلاً، لكن عباقرة المنطقة الصناعية الجُدد وأي شيء عندهم «كمبيوترايسد » لا يعرف الواحد منهم «أي عطل»، وهذه تجربة شخصية امتدت على مدى أسبوعين كاملين لتحديد عطل صغير في سيارة أوتوماتيك.. ورجعنا لفكرة «المعلمين» الزمان بالخبرة والتجريب تفك هنا وتربط هنا، واقترح أن يضاف اسم الجلالة بعد لقب كل «معلم» في المنطقة الصناعية ليصبح المعلم اللّه.. كل عام وأنتم بخير. وهذا هو المفروض،،