تظل القرارات الأممية بشأن السودان حلقات متكررة من الضغط المتواصل وما أن يخرج من قرار إلا ويصدر آخر يضع عقبة وحاجزاً أمام عملية السلام الجارية في السودان والتي تعثرت كثيراً رغم توقيع اتفاقية السلام الشامل واستكمال استحقاقاتها من شراكة وانتخابات وقرار مصير. لكن الشاهد أن الأحداث مازالت تتواتر على السودان من حيث عدم الاستقرار السياسي وتصاعد عمليات العنف في مناطق النزاع مما يجعل الحضور الأممي واقعاً بحكم القرارات التي يصدرها مجلس الأمن والتي تعتبر بحسب قول خبراء في القانون ملزمة بموجب الميثاق لأعضاء المجلس حيث تتخذ عدة تدابير لمواجهة قضايا ملحة وإنسانية، وينوه هؤلاء الخبراء القانونيون إلى أن السلطات الممنوحة لمجلس الأمن يتم استغلالها سياسياً لبعض الدول الكبرى لتمرير قراراتها الخاصة وفقاً لمصالحها الاقتصادية.. القرار (2046) والذي جاء ضمن خريطة قدمها الاتحاد الأفريقي إلى تسوية شاملة ما بين السودان وجنوب السودان وعلى الخلافات المتمثلة في ترسيم الحدود المشتركة والنفط، كما يطالب بوقف النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق والذي صدر تحت الفصل السابع الخطير.. يرى مراقبون سياسيون أن القسم الأول من القرار المتعلق بالمسائل الأمنية في حال تنفيذه وتحديد المنطقة العازلة سيكون إيجابياً لصالح السودان رغم ذكر القرار لضرورة انسحاب القوات للدولتين من المنطقة الحدودية، وأشار المراقبون إلى أن القرار به عدة ثغرات بشأن توصيفه للعدوان واعتباره عملاً غير مشروع في الهجوم على هجليج، كذلك عابوا عليه عدم تكوين لجنة تقصي للحقائق وعدم ذكر لاحقية التعويض ومعاملة قطاع الشمال كدولة وليس كطرف سياسي مما حدا بوضع أسئلة أمام طاولة مجلس الأمن على حسب قول الخبراء والمراقبين السياسيين. لكن الشاهد على الأحداث وبوجود اختراق للمفاوضات بتوقيع اتفاق النفط وبدء التفاوض مع قطاع الشمال بدأت ملامح القرار (2046) تظهر رغم انقضاء مهلته وتمديدها من قبل مجلس الأمن مما يعطي مؤشرات إيجابية تسمح باستكمال المفاوضات دون تحديد سقف زمني.. المحلل السياسي دكتور الساعوري أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين يقول إن تمديد القرار لا يعني شيئاً، بل إن تجديد المهلة في حد ذاتها غير قانوني وهي سابقة لم تحصل من قبل في مجلس الأمن، مشيراً إلى أنها حلقة من حلقات مسلسل الضغط الذي يمارس على السودان برفع العصا رغم وجود جزرة هذه المرة بحديث أمريكا للدول المانحة بضرورة الإيفاء بمستلزماتها، ولكنها تظل بعصاها المرفوعة ضد حكومة السودان لتنفيذ أجندتها الخاصة بمصالحها مع دولة الجنوب. من جانبه يرى خبير القانون الدولي الدكتور عبد الوهاب محمد الحسن أن طلب التمديد قد تم تقديمه من الطرفين باعتبار أن هنالك تقدماً قد حصل في عملية التفاوض، وأشار إلى أن اتفاق النفط فتح الباب أمام الملفات الأخرى مما شكل فرصة للتمديد وتحديد موعد للقاء الرئيس البشير وسلفاكير، في إشارة ضمنية إلى حلول أخرى قادمة وبلقاء الرئيسين يتم التوقيع عليها. واستبعد الدكتور عبد الوهاب خلال حديثه ل(آخر لحظة) نظرية تباطؤ حكومة الجنوب في تكتيكها السياسي لأنها المستفيد الأول من التمديد لإنجاح التفاوض بعد أن نجحت في اتفاق النفط الذي فك ضائقتها المعيشية والاقتصادية، وكذلك تنفيذاً لقرارات وتوجيهات أمريكا بضرورة المرونة والاتفاق حتى ينهض اقتصادها المنهار. ولكن على حسب قول الخبير عبد الوهاب أنه على الحكومة مواصلة تعريتها للقرار (2046) أمام الرأي العام في وسائل الإعلام والمحافل الدولية والهيئات القانونية لأنه لم يقم على حقائق، وقال إن اتحاد المحامين كون لجنة من كبار القانونيين والخبراء لتعرية هذا القرار رغم إنفاذه وحدوث اختراق في التفاوض لتقوية موقف السودان.