إحتفلت بلدان العالم يوم الخميس المنصرم27/9/2012م باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والطاقة».. فالسياحة تعتبر أكثر الأنشطة الإنسانية صلة وارتباطاً بالبيئة سواء أكانت بيئة طبيعية أو من صنع الإنسان.. فالسمات البيئية وأوضاع المنطقة تشكل عاملاً مهماً في تحديد موقع المرفق السياحي.. كما أن السياحة في نفس الوقت تعتبر أهم عامل يؤثر على إيجاد أكثر مواقع الجذب السياحي شهرة وبريقاً. عقب الحرب العالمية الثانية ازداد استخدام الطاقة بكافة أنواعها، على نحو مكثف لم يسبق له مثيل، وذلك بسبب الزيادة في تعداد سكان العالم، والتوسع الصناعي والزراعي والعمراني، والقفزة الكبيرة في مجال تقنيات الإتصالات والمعلومات.. وقد أثر ذلك على البيئة، وعلى وجه التحديد التوسع الصناعي، واستخدام بعض الطاقات غير النظيفة كاستخدام الفحم الحجري والنباتي والأخشاب والتوليد الحراري والنووي، واستعمال المواد البترولية وغيرها، باستثناء بعض الطاقات التنظيمية كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي مازال استخدامها في حدود متواضعة حول العالم، رغم التنوير والتبصير بإيجابياتها نتيجة لعدم ترشيد استخدامات الطاقة خلال العقود الماضية، والمخاطر والسلبيات التي نجمت عن ذلك كارتفاع درجة الحرارة وتأثير ذلك على الحياة في كوكبنا الأرض، في مختلف المجالات.. وقد تسبب ذلك في كوارث جمة كالفيضانات والسيول والأمطار الغزيرة، والأعاصير والرياح، والجفاف والتصحر، وحرائق الغابات بسبب إرتفاع درجات الحرارة التي أدت أيضاً إلى ارتفاع منسوب مياه البحار نتيجة التغيير المناخي، وهو الأمر الذي يمثل خطراً داهماً يحيق بمناطق متخصصة في العالم مثل بنغلاديش وفلوريدا وبونيس أيريس وشنغاي وغيرها، حرصت المنظمات العالمية والإقليمية المعنية بشؤون البيئة على عقد المؤتمرات بشأن التفاكر وتبادل الآراء حول الإجراءات المطلوبة التي تساعد على الحد من المخاطر، والعمل على استخدام الطاقة بالطريقة المثلى التي تقلل من التداعيات السلبية. إدراكاً لمخاطر استخدام الطاقة بصورة غير مرشدة على الموارد السياحية، كانت منظمة السياحة العالمية UN/WTO كالعادة- سباقة وحريصة كل الحرص على أن تكون في طليعة المنظمات العالمية التي تعمل بجدية للحد من مخاطر استخدام الطاقة بصورة عشوائية، وذلك من قناعة تامة مفادها أن السياحة تعتبر أكثر الأنشطة ارتباطاً بالبيئة والطاقة، حيث أن الطاقة تدخل في كل الخدمات والأنشطة المتصلة بالسياحة بدءاً من وسيلة الاتصال المستخدمة في جمع المعلومات عن البلد المزمع زيارته، وفي مجالات الحجز للسفر والإقامة في منشآت الإيواء، وترتبط الطاقة أيضاً بوسائل المواصلات المختلفة، جواً وبراً وبحراً، وهي التي تنقل السائح من بلد إلى الوجهة السياحية. تدخل الطاقة في كل صغيرة وكبيرة تتصل بالنشاط السياحي ومفرداته، والخدمات المختلفة المتصلة به، كالنقل السياحي، منشآت الإيواء، الوكالات السياحية، المحلات العامة، وكل الخدمات التي تقوم بها أو تقدمها لجمهور السواح.. فالطاقة تدخل في الإنارة والتهوية، والتكييف، وصناعة الخبز والحلوى والطهي وإعداد المشروبات والمأكولات، وأعمال الغسيل الجاف والنظافة والتبريد، وحفظ المواد، واستخدامات أندية ومقاهي الانترنت، والمسارح والمتاحف، والمكتبات الإلكترونية وغيرها.. وتتسع خدمات الطاقة لتشمل خدمات الإذاعات والقنوات الفضائية، وآلات التصوير التي يستخدمها ويستفيد منها السواح.. وكذلك الخدمات المتصلة بها من تحميض وطباعة تشمل خدمات الطاقة.. أيضاً زراعة الخضروات والفاكهة، وتربية الدواجن، وإنتاج الألبان، وتجهيز وحفظ اللحوم.. كما تدخل الطاقة أيضاً في خدمات حمامات البخار، وحمامات السباحة وتنظيفها، وتصريف المياه، وتشغيل المصاعد، وما ذكر آنفاً يعد قيضاً من فيض بالنسبة لاستخدامات الطاقة في مجال صناعة السياحة. ما ذكر يعكس العلاقة الوثيقة بين السياحة والطاقة خاصة في عصرنا المعاصر الذي تطورت فيه كافة الصناعات وغطى استخدام الطاقة كل مناحي الحياة، وبالتالي أصبحت مسؤولية الإنسان عظيمة في ترشيد استخدامات الطاقة بالصورة المثلى التي تساعد في وجود بيئة سليمة تحافظ على استمرارية وبقاء الموارد والمناطق السياحية كحق مكتسب للأجيال القادمة، آخذين في الأعتبار أن عدد السياح حول العالم سيتجاوز المليار سائح في هذا العام 2012م، وأن السياحة صارت الحاجة الرابعة في الدول المتقدمة، بعد المأكل والمشرب والمسكن، وأن العالم يستهلك يومياً ما يقرب من 48 مليون برميل من المحروقات، وعليه فإن مسؤولية أجهزة السياحة في دول العالم تتلخص في التالي: أولاً: فهم واستيعاب مضمون الشعار المطروح من قبل منظمة السياحة العالمية كشعار رئيسي للاحتفال باليوم العالمي للسياحة هذا العام «السياحة والطاقة» والتنوير والتبصير بمخاطر استخدام الطاقة بصورة غير مرشدة، والتعريف بالإجراءات المطلوب اتخاذها. ثالثاً: عدم تصديق قيام أي منشآت سياحية جديدة إلا بعد التأكد من أن تصميماتها قد وضعت بواسطة مهندسين أكفاء موثوق بهم، ويلتزمون بتطبيق مواصفات الجودة السياحية ومواصفات السلامة والأمان في صناعة السياحة والمواصفات المطلوبة، التي توفر التهوية والإنارة الطبيعية بقدر الإمكان، وتساعد على ترشيد استخدامات الطاقة، وتحد من المخاطر بقدر الإمكان. ثالثاً: القيام بالتوعية المطلوبة والعمل على مناشدة المنشآت السياحية القائمة، فنادق، قرى، منتجعات مطاعم، كافتيريات، حدائق عامة، متاحف، مراكز تسوق، وكالات سياحية وغيرها بتضمين وإجراء اية تعديلات ممكنة تساهم في ترشيد استخدامات الطاقة بالصورة المثلى، والسعي لتوفير كل وسائل السلامة والأمان في المنشآت السياحية القائمة، والسعي، الدائم لاستخدام الطاقات النظيفة بقدر الإمكان والله الموفق. ü خبير سياحي