كانت الطفلة السودانية ندى تستغيث من العاصمة أنجمينا.. الطفلة التي لم يتجاوز عمرها أحد عشر عاماً وجدت نفسها زوجة لمواطن تشادي يريد أن يمارس حقوقه الشرعية في الحال.. ناشطون في السودان لم يهدأ لهم بال وابنة لنا تصرخ «وامعتصماه».. هؤلاء المتطوعون بعد أن حددوا موقعها تماماً داخل العاصمة التشادية أرسلوا مندوباً ليخطف الطفلة على ظهر دراجة بخارية.. رحلة الاختطاف تنتهي بمنزل سفير السودان بأنجمينا الجنرال عباس عربي. رحلة الطفلة ندى مع الألم بدأت مبكراً.. مواطن سوداني لجأ إلى أسرة سودانية يحمل طفلة جميلة عمرها ثمانية أشهر.. المواطن يروي قصة مدرّة للدموع.. يخبر الأسرة أن زوجته السودانية ماتت بالمستشفى ويحتاج لسيدة ترعى صغيرته.. الأسرة ترحب بالضيفة الصغيرة.. بعدها يختفي الأب مثل فص ملح في ماء ساخن.. عشرة سنوات والأسرة الكافلة ترعى الأمانة وتنتظر في كل يوم عودة الأب الغائب. الثورة تداهم الأسرة السودانية في ليبيا.. تأهب الجميع للهروب ولكن ماذا عن ندى.. أخيراً وصلت الأسرة للخرطوم وفي صحبتها ندى.. صحيفة الدار التقطت الخيط الأول في القضية ونشرت حكاية الطفلة التائهة.. بعدها يظهر رجل سوداني من أسرة عريقة ويقول إنه كان الأب الغائب.. الملاحظة الأولى أن الأب عاد لواجهة الأحداث باسم جديد.. بمعنى أنه يحمل جوازي سفر.. الأب قدم مرافعة تقول إنه كان مسجوناً في تونس بسبب دهسه لسيدة مسنة.. وإن رجل أعمال إيراني يعمل في غسيل الأموال دفع كفالة قدرها مليون دولار ليخرجه من الحبس. السلطات السودانية دون أن تتحرى وتتأكد من أهلية الأب لممارسة الأبوة الصالحة قامت بتسليمه الطفلة الصغيرة.. لم تستخدم السلطات فحص « دي إن إيه».. ولم تسأل عن أم الطفلة السودانية والتي اتضح أنها أصلاً لم تسافر إلى ليبيا ولم ترافق زوجها سوى أيام معدودات وعادت إلى أهلها تطلب الطلاق. أول فعل قام به الأب الغائب أن أخذ ابنته وسافر إلى الفاشر حيث قضى أياماً في ضيافة حكومة الفاشر.. من تلك المدينة مضى إلى أنجمينا ليزوج ابنته الصغيرة إلى رجل تشادي.. الطفلة اشتكت من تعامل الرجل الذي يدعي أنها ابنته. في سبتمبر الماضي عادت الطفلة ندى إلى السودان.. اختارت أن تعود إلى أسرتها الأولي التي ترعرعت بين أفرادها منذ أن كان عمرها ثمانية أشهر.. وزارة الضمان الاجتماعي تبرعت فقط ببعض المال لإعانة الطفلة.. حتى هذه اللحظة السلطات المسؤولة من شرطة ووزارة عدل تفضل الصمت.. من المسؤول عن تعريض طفلة صغيرة للتحرش الجنسي عبر وثيقة زواج غير مطابقة للإنسانية.. لماذا لم يفتح تحقيق رسمي يحدد من هي والدة الطفلة ندى.. ولماذا لم يقع المواطن الذي ادعى أبوة ندى تحت طائلة القانون وهو يقر أنه يمتلك أكثر من جواز سفر سوداني.. ولماذا ولماذا. سيدي وزير العدل تخيّل ولو لحظة واحدة أن الطفلة ندى التي تعرضت لأذى جسيم هي ابنتك.. سادتي سيداتي في البرلمان أرونا قوتكم في ندى الصغيرة الضعيفة التي تستنجد ولا تجد معيناً. في تقديري أن الأبوة إحساس قبل أن تكون شهادة ميلاد.. نحلم بقانون يعاقب الآباء والأمهات الذين ينتهكون حقوق أطفالهم.. فلذات الأكباد أصول عامة فمن يحميهم..!!