من المعلوم ان الهجوم الاسرائيلي على مصنع اليرموك ليس هو الهجوم الاسرائيلي الأول على الاراضي السودانية وانما هو الرابع بذريعة ان السودان يشارك في تهريب اسلحة من ايران الى قطاع غزة الفلسطيني لإسناد منظمة حماس المحاصرة هناك على حسب زعمهم، أما الهجوم الاخير فقد كان الأكثر ضرراً وإيلاماً، وذلك لأنه نفذ في عاصمة البلاد من ناحية ولأنه الأكثر تدميراً وتخريباً، أى ان الخسائر كانت مادية ومعنوية! وتداولت الاخبار نقلاً عن موقع (والا) الاخباري الاسرائيلي ان الهجوم قد بدأ الاعداد له قبل عامين بعد اغتيال المناضل الفلسطيني المبحوح في دبى، وقبل ان يغادر عملاء الموساد غرفته في الفندق أخذوا عدداً من الوثائق من حقيبته، وكانت واحدة منها عبارة عن نسخة من اتفاقية للدفاع بين ايران والسودان وقعت عام 2008م يتم بموجبها انتاج ايران لاسلحة في السودان! كما زعمت صحيفة (يديعوت أحرونوت) ان اسرائيل تملك معلومات أكيدة بشأن وجود قواعد عسكرية ايرانية في السودان ! ان ما اريد ان اخلص اليه من قولي السالف هو ان بلادنا قد تكون مخترقة استخباراتياً من قبل اسرائيل واولياء نعمتها، وهذا امر عادي في عالم الاستخبارات، وليس غريباً علينا في بلادنا، ولنتذكر هنا عملية نقل الفلاشا عن طريق السودان، ولكن الامر الخطير الذي أردت ان أشير اليه هو ان المعلومات الاستخباراتية ليست مرمية في الشوارع ليلتقطها أى عابر، وانما لابد ان تكون هناك عناصر محلية (وطنية) تشكل الاساس في الامداد والتزويد المعلوماتي للمخططين الأجانب، ونذكر أيضاً بعملية ضرب مصنع الشفاء للأدوية بعاصمتنا أيضاً والتى نفذتها خطة اسرائيلية امريكية مدعومة بمعلومات من جانب عناصر محلية (وطنية)، تحت ذريعة ان المصنع يقوم بتصنيع مواد حربية محرمة دولياً وهو ما فشل المخططون والمنفذون في اثباته بعد التحريات حتى الآن، والفضيحة معروفة ومشهورة للكافة على نطاق العالم، ولا ادري لماذا هى مسكوت عليها حتى الآن! وربما نجد تفسيراً للامر في تحليل لجريدة «الرياض» السعودية تقول فيها ان «السماوات العربية مستباحة ومفتوحة لاسرائيل، تختار ما تريد ضربه وقصفه بخيارها الذاتي وقد لا تستشير الحليف الأكبر، لانها على ثقة بأن ما تفعله يدخل في سياق أمنها الداخلي» وما يبرهن على ذلك التصريحات الامريكية التى تؤكد ان لا علاقة ولا معرفة بها للعملية الاسرائيلية التى نفذتها تل ابيب في عاصمتنا. وتضيف الصحيفة السعودية ان اسرائيل لاحقت الفلسطينين في تونس وقامت طائراتها برمي القنابل لتحدث مذبحة كبيرة، واستطاعت تدمير مفاعل تموز العراقي، والحقته بآخر تحت الانشاء في سوريا، وتدميراً لاسلحة سورية في البقاع اللبناني، وحامت طائراتها فوق قصر الأسد في اللاذقية في تحد فحواه ان اذرعتها تستطيع الوصول الى رقاب الآخرين دون موانع. وأعود لاقول ان من بيننا «رائحة نتنة»، وليس مهماً ان يعتدي علينا ابناء الافاعي فالزمن طويل وهو (قُلّب)، ولن يظل الفجور الى ابد الآبدين، ولكن كل الخطر يتمثل في تلك «الرائحة النتنة»، واشير هنا الى ان كل المحللين والخبراء العرب اشاروا في تعلقياتهم على الضربة الاسرائيلية القذرة لمجمع اليرموك الى ان الدفاعات السودانية المضادة ضعيفة وبدائية، ومع اتفاقنا معهم اقول ان أضعف دفاعاتنا يتمثل في «تلك الرائحة» ، خاصة وان بلادنا ليست مفتوحة السماوات فقط وانما هى مفتوحة الحدود ايضاً لكل من هب ودب من خشاش الارض، فالبدار البدار، يا اولياء امورنا، ولله الامر من قبل ومن بعد ! و(نواصل)