_ كانت المغنية الناشئه ذات القبول الخرافي تغني عبر مسجل الحافلة.. صوتها يستحق التأمل.. بسببها فهي قد تحولت إلى مؤدٍ نخاف عليه لأنه لا يملك المقومات العلمية أو حتى الخبرة ليصمد مع مرور الأيام.. ماعلينا.. المهم غنت أغنية حماسيه هكذا يسمونها وكانت تردد بفرح طفولي «سيفك للفِقر قلام».. وعبارات السيف ال«لي غضاريف الرجال قلام» وفي «دموع الرجال جقام» منتشره في جسد أغنية الحماسه فتساءلت هل يعتبر هذا مظهراً للعنف في الأغنية السودانية؟.. ربما تدثر بالفروسيه في زمن ما.. حيث كان السيف أداة الحرب الناجزه.. وجز الرقاب وإن كان عنيفاً لا يقل عن عنف ضرب المدن بالأسلحة الكيماويه على غرار ماحدث في «هيروشيما» و «نجازاكي» ثم في فيتنام وأخيراً في أفغانستان والعراق.. لكن إن استمعنا إليها بتجرد معاصر فهي تدخل في باب «العنف» في الأغنية السودانية.. _ وتتَعدد مظاهر العنف والعدوان من الفعل إلى الكلام فتشمل الإساءة والتجريح وقد تدخل عبر باب إشانة السمعة.. والعدوان اللفظي كمظهر عنيف تجده في أغنيات قديمة و وسيطة وحديثة.. فمثلاً.. جاهل وديع مغرور.. إذا خرجت من السياق الذي قصده الشاعر بالجهل والغرور كان صفة جمالية للأجيال السابقه الآن القوانين تحظر زواج «الجُهال» والغرور صفة ذميمة على الأقل بالنسبة للعامة.. ومن الطريف أن سألتنى طالبة «نصف مصرية ونصف سودانية» كانت تعيش في مصر.. ليه الفنان عندكم بيشتم البت اللى بحبها؟.. وتعبت في توضيح المعنى ولكنها كانت تجابهني: إزاي بأى «بقى» _ والعنف مرات يظهر في خبر مشين للسمعة عديل: «خدعوك وجرحوا سمعتك!» أو قد يظهر العدوان اللفظي «فارق لا تلم» التي تم تحديثها إلى «في ستين».. ألا تشبه «طير إن شاء الله ما ترِِك» صلاح مصطفى يقول: املى عينيك بالدمعات وأطول ليك لياليكا.. _ أما الاعتداء على المحبوب بوصفه بصفات «مثل.. هاجر.. ناكر.. غادر» فموجودة بكثرة.. _ ومرات الأغنية تكون خبراً يمكن ببساطة أن يدرج في يومية التحري في صفحة القضايا والحوادث «قصوا دربي ولقوهو باين».. وفي التحري يقول: أنا ماسرقت أنا جيت أعاين.. رغم أن العدوان تم على العاشق بسبب شلاقته ومحاولته «لسرقة نظرة» وهي جريمة سرقة مثل كل السرقات.. وإن كان القانون لا يعاقب عليها.. إنما يتجاهل ذلك ويعامل المحبوب كأنه «حرامي» فهو قد جاء ليسرق.. لكنه مثل النجار بتاع الدولاب لا يملك إلا أن يقول: لو قلت ليكم جيت أسرق نظرة بتصدقونى..