درجت ولاية الخرطوم ووزارة التربية والتعليم بها على إعلان مجانية التعليم في كل بداية عام دراسي، وتزيد عليه بعدم طرد الطلاب والتلاميذ أثناء اليوم الدراسي بسبب الرسوم، وبالفعل يمضي العام الدراسي بدون رسوم إلا رسوم الامتحانات التي أصبحت شهرية، لا ندري هل شهريتها من أجل التجويد أم من أجل الرسوم؟ المهم يمضي العام بدون رسوم ليس لأنها نفذت قرارات الولاية ووزارتها، لكنها استبدلت كلمة رسوم بكلمة (تبرع)، لكن الغريب أن هذه التبرعات إجبارية ولا يستثنى منها أحد، بل من لا يدفعها يخضع لعقوبة قد تصل للطرد، والغريب أن إدارات المدارس عندما تسأل عن تلك الرسوم تقول إنها تبرعات فرضتها مجالس الآباء، تلك المدارس التي كانت فزعة فأصبحت (وجعة)، توجع في المقام الأول أبناءهم، ثم تنتقل لبقية الآباء غير الممثلين فيه، فهم لا يستثنون، لا يعرفون يتيماً ولا خفيراً... وفي كثير من الأحيان ينسون أنهم مجلس طوعي، ويعطلون قرارات وزارة التربية والتعليم، وكانت قرارات مجلس الآباء هي الأقوى، وقد يكون ذلك صحيحاً إذا حسبنا حساباً لمقولة (من لا يملك قوته لا يملك قراره)، فمجلس الآباء هو الممول الرئيسي للمدارس.. أما الوزارة فهي تصدر قرارات فقط ولا تعطي المدارس أي شيء حتى الطبشيرة. ولعل أكثر ما يزعجني في هذه التبرعات تحصل بواسطة المعلمين، فأصبح المعلم في نظر التلاميذ عامل جبايات، وهذا اتجاه سيئ لمسيرة التعليم والمعلمين.. وإنهاء لهيبة المعلم وكثير من المعلمين، تركوا التعليم حتى يحفظوا هيبتهم، وهيبة التعليم. سادتي إذا سار الأمر بهذا المنوال، فستخسر كثيراً، فمجالس الآباء يجب أن تحدد لها خطوطاً لا تتعداها، ويجب أن تعلم أن التلاميذ والطلاب الذين يدرسون في المدارس الحكومية تركوا المدارس الخاصة المكلفة، وارتموا في أحضان المدارس الحكومية، وعلينا أن نعينهم ونعين أسرهم، لا أن نعاملهم مثل بعض الطلاب الذين ادخلوا لمدارس خاصة، ويعلمون أن هناك رسوماً تترتب عليهم. فيا وزارة التربية أحسموا مجالس الآباء قبل أن تصبح (بعبعا).