ü نزلة برد شديدة أصابتني هذه الأيام- ولا زالت- جعلتني ألزم البيت والصمت.. وألعن في سري الظروف والانفصال الذي ألقى بظلاله على هذه الحالة الالتهابية التي تسكتني الآن وهي صورة مصغرة للحالة الالتهابية الكبرى التي تمسك أوصال البلاد فتصيبها بكل أنواع الحمى والبرد في «الأطراف» والارتعاش و«الزغلقة» و«الهضربة» في وضح النهار!! ü جاري العزيز قال لي كل شيء تغير. زمان «النزلة دي نأكلها في اللباد».. في قناة النيل الأزرق سأل مراسل الرياضة محمد فضل الله الدكتور الذي يقدم نصائح مهمة في الحمية الغذائية زمان النزلة كنا بنأكل ليها 6 برتقالات الآن 60 حبة ما بتروح!! الأستاذ حسن فضل المولى مدير قناة النيل الأزرق سألني في ليلة عرس ابننا «مؤمن مصطفى» مالك بتشكي من غضروف ولا شنو؟ ضحكت وقلت له القصة التهاب عادي ولكن الأشياء في السودان أضحت تتشابه. والامراض اصبحت «ممالك» و«سلاطين». ü مددت 4 جنيهات للصيدلانية وأنا أطلب منها شريط «فيندول»، كمهدي ومسكن للحمى، قالت لي الشريط ب 10 جنيهات.. قبل اسابيع كان هذا الشريط يباع ب«4» بائع البرتقال ضحك هو الآخر على ال10جنيهات ونحن نطلب منه هذا الفيتامين سي!! في زمن الوحدة لم يكن الالتهاب يكلف المرء كل هذه التكلفة!! حتى في تلك الأيام الخوالي لم تكن النزلة بهذه «العباطة» وبهذه «اللياقة»- بفتح الباء.. الآن المرض أضحت مقاومته كبيرة للأدوية المسكنة منها والمسكونة!! كلها لا تنفع «فتيلاً».. الطريقة التي نتعالج بها تتشابه مع الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع بؤر الصراع في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان - هل نسيت جنوباً آخر؟!!إن حدث ذلك فاعذروني ف«الهضربة» حاصلة. ü الطبيب ينصح الناس بالابتعاد عن اللحوم لأنها تسبب السمنة والكسترول - قلت في سري هذا الطبيب مؤكد انه يخاطب شريحة السودانيين الموجودين في أوربا وكندا وأمريكا ولا أظنه يتحدث عن الشريحة «المتناثرة» في «الدروشاب» و«الأمبدات» و«الكلاكلات» و«الحاجسفات» و«الصحافات» - قصة اللحوم والكسترول والشحوم دي حسمت تماماً بواسطة الجزارين الذين رفعوا الأسعار الى اكثر من 50 جينهاً.. ومثل هذا الحديث يا دكتور يشبه بعض النظريات الطبية الكلاسكية القديمة أو النصائح الباردة التي لا مكان لها في اأرض الواقع!! ü حتى القرض الذي قال عنه أهلنا من زمان «أنو» بداوي المرض لم يعد بذات الفعالية.. يا ناس الحكومة «القرض ده سويتولو شنو»؟،أنا اتحدث عن القرض- وليس القرض الصيني- لم يعد كما في السابق مسكناً «للقحة» بل مهيجاً لها بصورة غريبة ومزعجة بمناسبة الهياج سألني بعض القراء لماذا «هاج وماج» بعض أئمة المساجد من حالة التأثر التي انتابت الشعب السوداني بعد رحيل المرحوم المغفور له بإذن الله تعالى محمود عبد العزيز..احدهم قال يا ناس انتو مالكم ربنا حبب خلقه في احد عباده، انتو مالكم؟ أما اكثر ما هيجني وانا في هذه الحالة الالتهابية توصية البرلمانيات السودانيات التي تبناها مؤتمر البرلمانيات المسلمات في الخرطوم حول استغلال صورة المرأة في الاعلان، قلت في سري دائماً هؤلاء الناس «يرضعوا في الشطر الميت». المرأة السودانية قضيتها اكبر من بوستر اعلان.. زورا فقط عنبر الناسور البولي في مستشفى الخرطوم .. ولا اقول زوروا معسكرات النزوح واللجوء واحزمة الفقر التي تحاصر الخرطوم وتكاد تفتك بها.