تأتي ميزانية العام 2013 كتحدٍ للأزمة الاقتصادية التي نتجت عن خروج البترول من الموازنة العامة، إضافة إلى المتغيرات السياسية في العلاقة مع دولة الجنوب والجوانب الاقتصادية المتعلقة بإيجاد بدائل اقتصادية مثل الزراعة، لذا حاورنا رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان ومدير مشروع الجزيرة السابق د. عمر علي محمد الأمين .. فإلى مضابط الحوار .. د. عمر هنالك حديث عن أن الميزانية للعام الحالي لم تكن واقعية، ما تقييمك للميزانية لمعالجة الوضع الاقتصادي الراهن؟ - الميزانية أخذت حيزاً زمنياً كافياً وتمت تعديلات تتناسب مع سياسة التقشف المعلنة من قبل الدولة خاصة إضافة إلى دعم الشرائح الفقيرة والعلاج المجاني في المستشفيات وعلاج الطواريء والحوادث، وكل هذه تم فيها وضع تعديلات ونحن مع زيادة المرتبات ولا زالنا مصرين على رفع الحد الأدنى من الأجور على الأقل تحسب للعاملين في فوائد ما بعد الخدمة وحتى تتناسب مع قيمة الجنيه السوداني الآن بالرغم أننا نسعى لرفع قيمة الجنيه وخفض الدولار بعدة أشياء، أولها سياسات بنك السودان والضبط داخل المضاربات وتجار العملة، بالإضافة إلى قيام مخزون إستراتيجي من العملة الحرة، هنالك قروض من خارج السودان كبيرة نسعى لاستغلالها في استقرار سعر الصرف. * لكن د. عمر الجنيه السوداني لم يستعد عافيته، والدليل انخفاض سعر الصرف للجنيه مقارنة بالعملات الأخرى هذه المعالجات كافية؟ - الجنيه سيستعيد عافيته بعد ضخ البترول من الحقول الجديدة التي قفزت إلى ما فوق150برميلاً يومياً من حقل حديدة وهو المبرمج في الميزانية، علماً بأننا نتوقع إنتاج أكثر من 180 ألف برميل بنهاية العام، وهنالك الاتفاق الاقتصادي مع الجنوب في رسوم العبور وما صحبها سيدفع باستقرار مالي، وجزء من رسوم العبور يجنب لإصلاح مشروع الجزيرة. * في وقت سابق تحدثتم عن اتجاه لإيجاد تمويل منفصل لمعالجة مشاكل مشروع الجزيرة بالاتفاق مع وزير المالية علي محمود حامد؟ - ليس تمويلاً منفصلاً، ونرى أنه عند ضخ البترول لابد من تجنيب مبلغ400 إلى 1000 دولار لمشروع الجزيرة، وتحدثنا مع وزير المالية الذي أبدى موافقته وهو مرحب بتأهيل مشروع الجزيرة خاصة البنى التحتية، وهنالك شق سياسي من الحزب عبر تكليفنا بوضع رؤى لإصلاح المشروع، لأن هنالك انشغالاً من قبل الدولة بإصلاح المشروع مع إيجاد التمويل اللازم لإعادته وتأهيله. * لا زالت قضية التمويل للمشاريع الزراعية وحصول المزراعين على تمويل به مشاكل كبيرة، إضافة إلى عدم وضوح السياسات داخل البنوك؟ - نحن نعتقد أن البنك الزراعي مملوك للحكومة وبنك السودان، لذا لا اعتقد أن هنالك أي مشاكل وإذا وجدت يسهل حلها، ومن هذا المنبر إذا كانت هناك مشكلة في التمويل لابد من رفعها لنا في البرلمان، فوزارة المالية وبنك السودان يتبعان للجنة الاقتصادية وهما المالكان للبنك الزراعي والتنمية الصناعي، واعتقد أن المشكلة ليست في تمويل البنك الزراعي ولكن في توفير مدخلات الزراعة في الوقت المناسب، وهذه مسؤولية وزارة الزراعة مع البنك ولابد بعد تعلية خزان الروصيرص في الموسم المقبل من زراعة حوالى مليون فدان بمشروع الجزيرة لتوفر المياه في العروة الشتوية حتى نضمن وجود القمح، لأن فاتورة القمح تقدر بمليار وثلاثمائة مليون دولار سنوياً، وهذه لابد من استغلالها في تحفيز المنتج لاستقرار الأمن الغذائي. * الآن السياسات تنادي بأن تكون الزراعة أولوية برغم ذلك لا توجد إستراتيجية واضحة لإصلاح المشاريع الزراعية والمحاصيل ذات الجدوى الاقتصادية العالية؟ - الزراعة ليست بديلاً للبترول ويفترض أن يكون البترول داعماً للزراعة والتنمية، ونحن في الخطة الخمسية التي بدأت في العام 2012 حتى العام 2016 المجازة من المجلس الوطني، وفي برنامج الإصلاح الاقتصادي الثلاثي، ركزنا فيه على ثماني سلع أساسية، أربع للصادر وهي «الصمغ العربي، القطن، الثروة الحيوانية والذهب»، وأربع سلع للاكتفاء الذاتي «القمح، الحبوب الزيتية، الأدوية والسكر»، والتركيز على صادر القطن والصمغ العربي بتحفيز المنتج عبر السعر الموازي للدولار. * أين وصل برنامج الإصلاح الاقتصادي الثلاثي الآن؟ - برنامج الإصلاح الثلاثي به السكر، والآن بعد دخول سكر النيل الأبيض تم الاكتفاء، إضافة للحبوب الزيتية، لكننا لا زلنا نعاني من إشكالية القمح في البرنامج الثلاثي وفي الموسم القادم لابد من زراعة مليون فدان. * المشروعات الزراعية القومية تواجهها عقبات الإعسار والتمويل، ما هي الخطوات لحلها؟ - اعتقد أن الإدارة القديمة للمشاريع ما عادت ذات جدوى، الآن الوضع اختلف في ظل المتغيرات، فسياسة الحرية الكاملة ليست مجدية، وحرية المزارعين لا تكون مطلقة في حدود الجماعات وليس الأفراد في اختيار المحاصيل، ولابد من تحفيز المزارع بزيادة سعر القطن حتى يقبل على زراعته في الموسم المقبل، وتشجيع زراعة القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ورفع قيمة الصادر بالسعر الموازي، وعن سياسة التحريرلا توجد مشكلة مع تخفيض تكلفة التمويل من البنوك 12% كقيمة ربحية عالية، عالمياً هي 6%1و9%. حتى نخفض التكلفة العالية نتيجة للزيادة العالمية في الأسمدة والمبيدات. * ماذا عن مديونية المشاريع القومية؟ - مع سياسة التحرير الإعسار يكون على الأفراد وليس المؤسسات، الآن بنك السودان في قانون مشروع الجزيرة المواطن يرهن أرضه لتمويله وهي حرية فردية الدولة ليست عليها أي ديون على المشاريع القومية، وهنالك آليات لمعالجة إعسار المزارعين عبر الاتحادات. * لا زال ارتفاع الدولار والمضاربات بعد السياسات الأخيرة لخفض الدولار ماذا تقول؟ - الآن الدولة اتجهت لقفل مكاتب تحويلات العملة خارج البلاد في الخليج والسعودية ومصر بإيقاف التجارة خارج العمل الرسمي، وهذه عليها حملة قوية، الحملة السابقة جعلت أنه لا سبيل للمضاربات والمزايدات وسيكون السعر واقعياً للدولار في ظل مؤشرات التحسن الاقتصادي «وأي زول عندو دولار واحد يتخلص منه، لأننا لن نرحم أي تاجر، وحتى الدولار الجمركي لا تكون به زيادة مخالفة»، والأجهزة الأمنية والاقتصادية لن توقف حملة سياسة خفض الدولار. * أين وصل قانون الاستثمار الجديد وهل وجد معالجات لإصلاح الخلل في قطاع الاستثمار؟ - قانون الاستثمار الجديد سيقدم في البرلمان في دورة انعقاده القادمة، وستنظر اللجنة في العقبات التي تواجه الاستثمار والمستثمرين، وبالنسبة لقرار رئيس الجمهورية حول تسهيلات الاستثمار سيكون القانون جاذباً وقوياً دون المساس بحقوق المواطنين المحليين. * ما هي الضوابط والتشريعات للحد من ظاهرة الاعتداء على المال العام؟ - الاعتداء على المال العام في الأغلب مخالفات إدارية ولابد من تفعيل المراجعة الداخلية، فظاهرة الاعتداء على المال العام لن تتوقف ولابد من قوانين رادعة، والأمر الآخر التربية الوطنية.