بعد أن تغير موقعه ضمن مسلسل التبادل الدوري للمناصب عاد د. مصطفى عثمان اسماعيل وزير الاستثمار الى اطلاق تصريحاته غير المؤسسة التي تعود أن يطلقها من حين لاخر .. لا ادري كم مكث حتى الان في هذه الوزارة الجديدة حتى يكون قد استوعب حال الاستثمار قي بلادنا بما يمكنه أن يفتيء في شئون الاستثمار .. الا أن التصريحات التي ادلى بها لصحيفة البيان الامارتية في الخامس من يناير حول الاستثمار في السودان استوقفتني و ادهشتني وقد كنت طوال عمري اظن الا شيء يدهشني في هذا الكون غير قدرة وعظمة الخالق عز وجل.. (السودان اصبح وجهة استثمارية يهفو اليها المستثمرون)!!..تساءلت أي سودان يا تري يقصده الوزير؟ .. هل هو وطننا الحبيب جمهورية السودان؟ .. أم دولة جنوب السودان؟ .. أم سودان اخر لا نعلمه و يعلمه الوزير وحده؟؟ .. ومن باب المناصحة .. والمصطلح اضافة من اضافات اخوتنا في الوطن (المؤتمرون الوطنيون) والذي افرغوه بأنفسهم من محتواه .. نقول للسيد/ الوزير .. ما من بلد طارد للاستثمارات المحلية والاجنبية مثل جمهوررية السودان بما يحدث فيها الان .. لا نلقي بالقول على عواهنه كما يفعل .. ولكن نؤسس له .. ان أي مستثمر قبل أن يبدأ حتى بالتفكير في الاستثمار سواءا في بلده أو أي بلد اخر ناهيك عن اتخاذ قرار بشأن تنفيذ استثماراته يقوم بتمرين اساسي اصطلح اهل المال والاقتصاد على تسميته بتقييم المخاطر .. والمخاطر انواع.. - ان الاستقرار السياسي شرط اساسي لاغراء وجذب رؤوس الاموال الاجنبية .. ان الصراعات الداخلية حول السلطة و النزاعات المسلحة و عمليات القتل و التقتيل التي تجري كل يوم و التي تطفح اخبارها في الاعلام المحلي والاجنبي لا تغري أي مستثمر راشد بالمجازفة بامواله.. - هذا علاوة على ما يعرف بالمخاطر المحيطة بموقع الاستثمار.. وان كنت تذكر ما عرف ذات يوم بمشروع قناة جونقلي واسباب توقفه.. والعمال الاجانب اللذين يتم اختطفهم والافراج عنهم من حين لاخر فستغنينا عن الاسهاب - وهناك ما يعرف بمخاطر التحويل .. مخاطر تحويل اصول رؤوس الاموال والارباح التي تتحقق من الاستثمارات..يربط المستثمرون بين ذلك وقوة اقتصاد البلاد ومقدرته على توفير النقد الاجنبي.. وحال الاقتصاد والنقد الاجنبي يغنيان عن الكلام..عجز في الميزانية وعجز في ميزان المدفوعات .. بالاضافة الى العلل الأخرى الكثيرة التي يعاني منها ..- ثمة امر اخر لا يقل اهمية .. مخاطر سعر الصرف..لا اظن ان الحديث عن مخاطر سعر الصرف في حاجة لعالم في الاقتصاد فبائعات الشاي في طرقات الخرطوم اصبحن من الخبراء في علوم النقد الاجنبي ان جازت التسمية .. هل يا ترى يعلم سيادة الوزير كم سعر صرف يتم التعامل بها في البلاد؟؟ - كما أن هناك ما يعرف بمخاطر السيادة..كأن تقوم الدولة باتخاذ قرارات مفاجئة تضر بمصالح المستثمرين الاجانب كالتأميم أو المصادرة او وقف التحويلات..الخ هذه بعض المخاطر التي يخشاها المستثمرون .. ان من الخير ازالة وتبديد مخاوف المستثمرين قبل استمالة قلوبهم للاستثمار في البلاد .. وأرض الله واسعة وبها من فرص الاستثمار ما يشيب له الولدان .. هناك ايضا امران هامان يدخلان ضمن التمرين الابتدائي لاصحاب رؤس الاموال الاجنبية .. - ان من اهم العوامل التي تهم أي مستثمر حال البنيات الاساسية في البلد المعين .. ان بنياتنا التحتية شوهاء وعرجاء والانفاق عليها غير رشيد ولا تخضع للدراسات العلمية السليمة قبل تنفيذها .. ان حكومتنا (قرعاء تحب التنزه).. فبدلا من اعادة تأهيل السكك الحديدية وتمديد الطرق الى عمق مناطق الانتاج ينفق المال على سبيل المثال في بناء جسر لجزيرة صغيرة لا يجاوز عدد سكانها بضعة الاف .. لا ادري أي عبقرية جعلت من تشييد جسر توتي وكورنيش النيل اولوية.. والاخطاء المماثلة التي لا حصر لها والتي في يقيننا اهدار للموارد اكثر من أن نعددها في هذا المقام .. أن من ضمن العوامل الاخرى لقيام الاستثمارات نوعية العمالة المتوفرة ودرجات تدريبها ومهارتها .. هل يا تري يعلم سيادة الوزير حجم العمالة الاجنبية في مصانعنا وورشنا على قلتها وصغر حجمها؟؟.. حتى المستثمرون المحليون لا يثقون ولا يعتمدون على مهارات العمالة المحلية لضعفها وعدم تدريبها.. والادهى والامر أن الحكومة فتحت الباب على مصراعيه حتى لعمال النظافة وعاملات المنازل!! الم اقل لكم أن حكومتنا (قرعاء تحب التنزه) ..حدث سيادة الوزير محاوره عن الضمانات والمحفزات وأن من ضمنها التزام المؤسسات المالية بايداع اموال المستثمرين واستعادة سحبها متى ما ارادو بنفس العملة التي اودعت بها !! هل يعلم يا سيادة الوزير أن مصارفنا كل صبح تنتهك واحدا من أهم بنود العقود المبرمة بينها وبين عملائها لفتح الحسابات الجارية بالعملات الاجنبية فيما يتعلق بسحب ودائعهم؟؟ وتحدث حديث الواثق عن التزام بنك السودان بتحويل ارباح المستثمرين في أي وقت ومهما كان حجمها !!.. لا ندري من أين يستقي سيادة الوزير معلوماته .. فلربما يعيش في سودان لا نعرفه.. وهل يعلم سيادة الوزير ان اول ما يبذر الشك في نفوس المستثمرين التشديد على وتكرار الحديث عن الضمانات؟؟ وان المستثمرون وان سلموا من رسم الوارد وضريبة ارباح الاعمال لن يسلموا من جبايات تزيد عن العشرين رسما؟ وحدث محاوره ايضا عن انشاء قانون جديد ومحاكم مختصة في هذا الخصوص!! هل يا ترى اصبحت لدينا محاكم استثمار سرية؟؟.. ولم في الاصل يكون لنا مثل تلك المحاكم و ما أكثر محاكمنا المتخصصة؟؟.. ومن باب المناصحة ايضا نقول لسيادة الوزير ان من الخير أن تصطحب معك مستشارا من العارفين وليس أي مستشار قبل الادلاء بتصريحات حول الاستثمار حتى لا تصيب قوما بجهالة وتصبح نادما على ما فعلت .. و السلام ختام.. خبير إقتصادي