بطء الإستجابة لمشاكل أهل الشلال مضر بالوالي ولكن الأضر منه تهوين كل احتجاج وتخوين كل محتج ..مجمع قرية الشلال لتحفيظ القرآن ودراسة علومه، أُسس عام 1989م على يد الشيخ محمد الحبيب نافع - يقع أقصى شمال مدينة كسلا -المنطقة التي شُيد فيها هذا المجمع كانت مكباً للنفايات ومأوي للكلاب الضالة- ومرتعاً للثعابين السامة- بفضل مجاهدات هذا الشيخ أصبحت هذه الخلاوي منصة رسالية، وقلعة دعوية، ومثابة دينية، وقبلة لطلاب العلم.. أثناء حرب الشرق صارت هذه الخلاوي مقصداً للأسر التي فقدت عائلها، ومظلة للأيتام ولكافة ضحايا الحرب من العوائل التي فقدت ركائزها المعيشية من مواشٍ ومزارع موسمية- مع تزايد سكان هذة الخلاوي أصبحت الحاجة ضرورية لتخطيط هذه القرية، لذلك تقدم القائمون على أمرها بطلب لوزارة التخطيط بالولاية لهذا الغرض، وذلك لعلمهم بأن التخطيط هو مدخل الخدمات الضرورية اللازمة من مياه، وكهرباء، ومشافي وغيرها - استجابت الوزارة مشكورة، وقامت بمسح اجتماعي للقرية عام 1995م تم بموجبه تحديد 227مستحقاً تسلم منهم فقط 62 على أن يتم تسليم الباقين بأسرع ماتيسر، وبموجب هذا المسح والتخطيط تم إدخال الكهرباء والمياه لهذة الخلاوي بعد فترة قصيرة من تاريخ المسح، تفاجأ أهل القرية بقرار إزالة من وزارة التخطيط - حاولوا استجلاء الأمر من الوزير وللأسف ظل يتهرب من مقابلتهم- استعانوا بنائب الدائرة والذي بدوره أفلح في تحديد أربعة مواعيد مع الوزير، ولكنه أيضاً لم يفلح إذ لم يلتزم الوزير باي موعد من المواعيد الأربعة التي ضربها بنفسه مع النائب وأهل القرية- أيضاً تم اللجوء الى الوالي، وبعد مجهود كبير تمت مقابلته ولكنه لم يبت في شكواهم، بل ذكر لهم بأن هذا الأمر هو مسؤولية من هم دونه . تلك هي خلاصة مشكلة قرية مجمع الشلال لتحفيظ القرآن الكريم، وهي خلاصة ألزمتني وأجبرتني لأن أشكل مع غيري فريق وسطاء ينشدون الإصلاح بين عناصر المشكلة، لا سيما وأن محفزات الإصلاح حاضرة وسنام الولاية عامر بالمصلحين. هذه المقدمة كانت الحافز الذي دفعني لأن أصوب مناشدتي للأطراف المأمول فيها، والمطلوب منها حل مشكلة سكان خلاوي الشلال، ذلك ليقيني بأن هذه الأطراف إن صدق عزمها وخلصت نيتها بمقدورهم وضع حد لهذه المشكلة التي طال أمدها لسنين طوال- أول من يستحق هذه المناشدة هو والي الولاية السيد محمد يوسف، ووزير التخطيط العمراني وهما بحكم موقعهما يمثلان دولة ملزمة شرعاً وقانوناً برعاية الحقوق ورد المظالم، وأذكّرهما بقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.. واليد المقصودة بهذا الحديث بحسب التفاسير العصرية ليست فقط اليد التي تضرب بالسيف، ولا تلك التي تقذف بالبارود، وإنما تمددت التفاسير الحديثة لتستوعب اليد التي تمهر القرارات الظالمة، وهذه خطرها أفدح وأثرها أخطر- أمر ثانٍ يجب تذكيرة للوالي والذي يمثل أعلى سلطات الدولة بالولاية، هو أن التظالم بين الأفراد العاديين- أي حين يكون الظالم فرداً عادياً- والمظلوم أيضاً شخص عادي فإن وقع الظلم في مثل هذه الحالة، يكون مريراً على المظلوم، ولكن حين يكون المظلوم مواطناً منزوع الحيلة، والظالم دولة قوية الوسيلة فإن وقع الظلم هنا سيكون أكثر مرارة، بل وأمرَّ وقعاً على نفس المظلوم، ولا يغيب عن البال بأن ظلم الدولة للمواطن يولد أمرَّ المرارت والتي بدورها تشكل موقداً ومورداً لإنطلاق أعنف الشرارات، وهنا تتجلى قيمة الحكمة السياسية في إخماد الشرارات، وتتصاعد الحاجة للحنكة الإدارية في تجنب عوامل الإلهاب والإضطراب في ولاية محفوفة بالوقود ومرصوفة بالبارود، تنتظر فقط إرسال الشرارة ليشتعل الحريق. ثاني من يستحق المناشدة هم النواب الخلصاء في مجلس تشريعي الولاية، وهؤلاء لا يسعني إلا أن أقول أمام مقامهم الرفيع أن غالبيتكم محل تقدير الناخبين، وأكثريتكم مكان توقير أهل الولاية، لذلك كونوا بحجم المأمول فيكم وبقامة المطلوب منكم في هذه القضية.. أعلم يقيناً أن من بينكم نجيمات باهتة أظهرها ظلام الغفلة وهؤلاء لا يهمهم من شأن الولاية إلاحظوظ ذواتهم الفانية، ولا يعنيهم من أمر المواطن إلا كسوب دنياهم الخاصة الزائلة، وأيضاً هؤلاء لا ينتظر منهم تسجيل بطولة لصالح المظلومين- نعم البرلماني كيفما يكون موقفه يكون موقعة في أذهان ووجدان ناخبيه، فالمنزلة بين البرلماني العالي القمة والبرلماني المنزوع الذمة تفصل بينهما المواقف- نعم كل قطعة أرض أُنتزعت بالظلم من مواطني خلاوي الشلال، ومنحت لأي نائب تشريعي هي بطاقة عار تاريخي تلاحق مسيرة النائب، وتلصق بسيرته حياً وميتاً، بل وتحمل قابلية التوزيع لورثته الى أبد الآبدين، وهنا تبقى التحية واجبة للنواب الشرفاء الخلصاء الذين رفضوا أن يستلموا القطع السكنية التي خُصصت لهم بأرض خلاوي الشلال، ليقينهم بأنها مستحقات لقاطني هذه الأراضي من البسطاء والضعفاء، وهؤلاء النواب هم معقد الرجاء ومحل الأمل ومحضن العشم لحل هذه القضية.. ثالث من يستحق هذه المناشدة هم القيادات الأهلية بالولاية- أعلم يقيناً أن سنام كسلا عامر بالشامات اللامعة من القيادات الأهلية، وزاخر بالقامات السامقة من الزعامات الشعبية، وهؤلاء هم الزاد والعتاد والزناد بنظر أهل الشرق، بل هم رصيد نجدتهم في لحظة العسرة وأداة نصرتهم في ساعة الشدة وقبل هذا وذاك هم جهاز مناعتهم وحصن منعتهم، وأوتاد خيمتهم.. لذالك أقول بصوت معبأ بالإعزاز ومشبع بالفخار إن أي أرض يسُودها الناظر ترك لن يسوّدها ظلام ظالم، وأن أي بقعة تطأها قدم الناظر دقلل لن يبزغ فيها فجر مستبد، وأن اي سماء تشع فيها سيرة الناظرشيخ العرب عبدالكريم ابو سن لن يئن تحتها مظلوم، وأن أي فضاء تُبرق فيه صورة العمدة الشيخ عثمان حسب الله لن يضيع فيه حق، وأن أي مجتمع يطل عليه ويهل فيه وكيل ناظر الأمرأر السيد خالد محمد آدم لم تسقط فيه دمعة مقهور- نعم إذا ما التقت رغبة الوالي مع دور خلصاء المجلس التشريعي مع حكمة القيادات الأهلية لأصبح الحل ميسوراً، ولأضحي الشر مقبوراً ولغدت تسوية مشكلة أراضي الشلال أمراً مقدوراً - لجوء مواطن كسلا إلى المحاكم لإسترداد حقوقه المهضومة هو في حقيقته يشكل نعياً لوعي القيادات السياسية، وخدشاً لمكانة الزعامات الأهلية، ونقيصة لدور النوأ كسلا أن من أفدح العقوق الوطنية أن تكون المحاكم وسيلة لنيل الحقوق الإنسانية الأساسية التي أقرها الشرع، وأمّنت عليها اللوائح والقوانين الوضعية، وحق السكن في صدارة هذه الحقوق والتي يشكل إنكارها أسوأ بل وأبشع أنواع العقوق. سائلاً الله أن يزيح عن أهل الشلال المرارة، وأن يطفئ الشرارة، وأن يجعل الولاية منارة تستحق الإهتداء، وتستوجب الإقتداء في معالجة الأزمات وإنتاج التسويات.