اختلف المشهد هذه المرة بولاية جنوب دارفور،التي بدأت تتعافى من التفلتات الأمنية، وقلت فيها المظاهر العسكرية التي كانت تستقبلك بمطار مدينة نيالا الدولي، الذي كانت تربض فيه أعداد من الطائرات العسكرية، تجاورها بالاتجاه المقابل طائرات تابعة للأمم المتحدة، مما يدل على أن الأوضاع الأمنية بالولاية ليست على مايرام، والإنسانية تحتاج لعمل دؤوب، ظلت هذة الحالة حاضرة في الأذهان منذ أن حططنا رحالنا حاضرتها مدينة «البحير» إبان احتفالات الولاية بالذكرى (57)لاستقلال السودان عضدت تلك المشاهد الأحداث الأمنية المتلاحقة التي شهدتها الولاية خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الحكومة ظلت تقلل من تلك الأحداث وتعدها تفلتات مثلها مثل الأحداث التي تقع في اي مكان.. لكن بالمقابل يبدي المراقبون للأوضاع بالمنطقة قلقهم من المآلات المستقبلية، ويرون أن الواقع بالولاية أكثر تعقيداً مما يصوره القائمون على أمرها.. الأمر الذي يتطلب تضافر كافة الجهود مركزية وولائية لوأد الأزمات في مهدها قبل تفاقمها، حتى لا تصعب السيطرة عليها، إلا أن حكومة الولاية ترى من يتجه هذا الاتجاة ويصور الولاية أنها منطقة أحداث له غرض، لأن الحقائق على أرض الواقع ليست كما في الأذهان، ولتأكيد هذه الصورة رأت أن تنتقل بالأحداث من مربعها السالب الى دائرة الإنتاج والأمن والاستقرار عبر نافذة الاستثمار باستغلال الموارد الهائلة التي تتمتع بها الولاية.. وقالت:- أي حكومة الولاية- إنها تعمل لتحقيق ذلك بمتلازمتين هما الاستثمار والعمل لبسط الأمن والاستقرار في أرجاء الولاية، لأنها ترى أن الحياة لن تتوقف بالانفلاتات وبالتوترات الأمنية، معتبرة مايحدث من «سنن الحياة الكونية» وولجت حكومة الولاية في هذا المضماربالمعرض التجاري.. الاستثماري الثاني الذي استمر(7)أيام باستاد نيالا، غير آبهة بالتحديات الماثلة التي كان ينظر اليها المراقبون على أنها تشكل عائقاً أمام قيام المعرض، الذي جاء تحت رعاية الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية، الذي تزامن افتتاح المعرض مع تواجده خارج البلاد، فكلف وزير الاستثمار الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل لينوب عنه في المحفل، ورغم أن المعرض كان مخططاً له أن تشارك فيه (150) شركة عالمية ومحلية.. حضرت منها(97) شركة وغابت (53) لأسباب متفاوتة، منها أمنية وبعضها متعلق بالترحيل الذي بات يشكل مشكلة حقيقة لولايات دارفور مجتمعة، لأن نقل طن من الاقليم الى الخرطوم عبر البر يكلف (900)جنيه، و(300)جنيه بواسطة السكة الحديد، وكلا الوسيلتين تعانيان التوقف والانقطاع وطول الفترة مابين الشحن والوصول، لأسباب أمنية وغيرها، لكن أهل الولاية وبعض بيوتات الخبرة ترى أن الاستثمار ينبغي أن تسبقه البنيات التحتية، وفي مقدمتها الطرق.. مشيرين لطريق الإنقاذ الغربي الذي ظلت أمنية تحقيقه تراود أهل دارفور، لأنه لم يصل حتى لمدن الولاية الرئيسية رغم مرور سنوات عديدة، وعلى امتداد أيام المعرض شهدت الولاية حراكاً كبيراً في مختلف المجالات، وتم خلاله توقيع عدد من الاتفاقيات مع شركات عالمية ومحلية في مجالات الزراعة، والسياحة، والثروة الحيوانية، والمعادن، والبنيات التحتية في المجالات الحيوية، الى جانب الإعلان عن قيام منطقة حرة بالولاية التي يقطنها (1200000) نسمة من جملة سكان الولاية المقدر بثلاثة ملايين نسمة، وتؤكد حكومة الولاية أن جنوب دارفور بمحلياتها ال (21) تتمتع بموارد هائلة في كافة المجالات، مما يؤهلها لأن تكون في مقدمة الولايات في مجال الاستثمار، فهي تمتلك 18%من جملة (33)مليون رأس من الماشية بالبلاد، وتنتج 65%من الفول السوداني، وبها (18) مربع للتعدين عن الذهب سعة الواحد منها(1000) متر مربع، وهناك (35)ألف شخص يعملون بها في التعدين الأهلي وينتجون في اليوم الواحد(8)كيلو من الذهب، وطبقاً للمسح الصناعي الأخير فإن مدينة نيالا تأتي في المرتبة الثانية من حيث الصناعات الصغيرة بعد الخرطوم، وبها (3997) مصنعاً.. وأوضحت الحكومة أنها فرغت من البنيات التحتية والتصاميم لمدينة البحير الصناعية، التي تبعد حوالي (6) كيلومترات جنوب مدينة نيالا، وتقع في مساحة (12)الف كيلو متر، وقالت إنها بصدد إنشاء مصنع للسكر بمنطقة وادي« كايا». وفي السياق ذاته وقف عدد من الشركات ضمن البرنامج المصاحب للمعرض الاستثماري التجاري على الميزات النسبية التي تتمتع بها الولاية، ووافقت على الفورعلى الاستثمار في مجالات مختلفة، منها الزراعة، والسياحة، والتعدين، والمياه، والثروة الحيوانية، والطرق، والبنيات التحتية للمجالات الحيوية، وضمنها الصحة.. ووقعت بعض منها في ذات الأثناء، مذكرات تفاهم مع مفوضية الاستثمار بالولاية توطئة لاجراء دراسات الجدوى اللازمة للمشروعات التي ينوون تنفيذها، وضمن تلك الشركات شركة رانيا للمقاولات السعودية، التي حضر وفدها للولاية برئاسة رئيس مجلس إدارتها الشيخ ناصر الدوسري، الذي قال إنه وقف على حقيقة الأوضاع على الأرض بالولاية، والميزات النسبية لمجالات الاستثمار، وقال إن الأضاع الأمنية تخالف تماماً مايشاع عن الولاية.. ودعا المستثمرين العرب والخليجيين للاستثمار في الولاية، التي قال إنها زاخرة بالإمكانات الهائلة في مختلف المجالات، ووصف الدكتور مصطفى عثمان الولاية بالاستراتيجية للسودان والمنطقة لأنها تجاور ثلاث دول، لافتاً النظر الى أن نيالا هي أهم مدينة في غرب ووسط افريقيا، مبيناً أن الولاية تتمتع بمساحات واسعة، ولديها موارد هائلة في كافة المجالات الاستثمارية، خاصة الزراعة، والثروة الحيوانية، والمعادن، والسياحة.. وأبان أن قيام المعرض أكد أنها ليست كما يصورها البعض بأن بها توترات أمنية.. وقال: إن من يطرقون على تلك الأوتار لهم غرض وراء ذلك، داعياً المستثمرين للاتجاه صوب الولاية، لأن بها موارد غير مسبوقة، منبهاً الى أن 70%من الاستثمارات الأجنبية تركزت في ولاية الخرطوم، وهو ما دفع الحكومة لتقنين هذا الجانب في قانون الاستثمار الجديد بإعطاء الأولوية للاستثمار في المناطق البعيدة، وطالب بتقديم جنوب دارفور في صورتها الحقيقية، ومضى في ذات المنحى وزير التجارة الخارجية عثمان عمر الشريف.. وقال إن الولاية تمتلك قدرات كبيرة في مجالات عديدة، ولها موقع جغرافي مميز يربطها بأكبر أسواق غرب افريقيا، معتبراً أنها الحصان الحقيقي الذي يقود السودان للنهضة، وتعهد حماد اسماعيل حماد والي جنوب دارفور بتوطين الصناعة في الولاية، وخص بذلك صناعة الأسمنت، والسكر، وكافة الصناعات التحويلية، واعتبر وزير الاستثمار بالولاية عبد الرحيم عمر حسن المعرض بأنه تظاهرة اقتصادية اجتماعية سياسية.. وأكد جاهزية حكومتة لفتح آفاق الاستثمار أمام المستثمر المحلي والأجنبي، لتصبح جنوب دارفور قبلة للمستثمرين.