هل يفلح الدكتور علي الحاج الطبيب اللندني ونائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الشيخ حسن عبدالله الترابي، فيما فشلت فيه القيادات التاريخية للحركات الإسلامية العالمية إبتداءً من العلاّمة الدكتور يوسف القرضاوي والمفكر الإسلامي راشد الغنوشي وصولاً لقادة الحركة الإسلامية السودانية الذين تمايزت صفوفهم ما بين منتمين للشعبي والوطني وواقف على الرصيف في إصلاح ما أفسده الدهر، ويصبح للعاصمة اللندية برلين الفضل في إذابة الجليد وإنهاء الصراع الذي نشب بين الرئيس المشير عمر البشير والشيخ الترابي وظهر للعلن منذ العام 1998م، وصاحب لقاء الفرقاء «علي» و«علي» ضجة إعلامية حركت المياه الراكدة في بركة ماجت بالخصومات والأزمات، ورغم ذلك فتح لقاء برلين نافذة للأمل في نفوس المشفقين على أمر الحركة الإسلامية في السودان لكنهم فشلوا بسبب حائط الصد القوي الذي يتمترس خلفه الترابي ولكن قد يقرأ اللقاء اللندني في إطار العلاقة الإنسانية والأسرية بين علي عثمان وعلي الحاج الممتدة لفترات طويلة، ويرى المراقبون أن طابع اللقاء شخصي في الظاهر لكن الجانب الخفي منه قد يكون ناقش أمر الحركة الإسلامية والسودان ككل، ويؤكد تخطي اللقاء للعلائق الشخصية ودخوله في الإطار القومي إعلان علي الحاج رسمياً تسليمه لمسودة حوار للمعارضة السياسية والمسلحة للاتفاق على إحداث تحول ديمقراطي سلمي وإشارته إلى أن المسودة جاءت عبر اجتماعه بالنائب الأول للرئيس الأستاذ علي عثمان محمد طه، بيد أن بروفيسور حسن الساعوري المحلل السياسي اختزل اللقاء في العلاقة الشخصية بين «علي» و«علي»، وأشار إلى أنه خارج النطاق المؤسسي لكليهما وأن تضخيم الإعلام له جاء من باب الأوزان السياسية لكل شخصية داخل مؤسساتهم، ودلل الساعوري على ذلك بصمت المؤتمر الوطني وعدم خوضه في نتائج اللقاء اللندني واكتفائه بالنفي وعدم وصول أي معلومة له من مؤسساته الحزبية العليا، كما أفاد أمينه السياسي د.حسبو عبدالرحمن في معرض رده على اللقاء بين النائب الأول الأستاذ علي عثمان والقيادي بالشعبي علي الحاج، ووصفه الاجتماع بأنه للاستهلاك الإعلامي فقط، بيد أنه لم يستبعد تطرقه للأزمة في دارفور التي حذر من خروجها من سيطرة الحكومة بعد تصاعد وتيرة أحداث النهب والسلب حسب الساعوري، في بعض ولايات الإقليم واعتبر الساعوري رفض المعارضة للنظر في مسودة الحوار الذي دفع بها علي الحاج للتحالف بالموضوعي، موضحاً أنها تحمل صفة الشخصية ولا علاقة لها بالعمل المؤسسي ولا تخرج من إطار «علي» و«علي» وليس النطاق الحزبي والمؤسسي، وأشار الساعوري إلى عدم ارتباط حل الأزمة السودانية بعودة الغريمين «الشعبى» و«الوطني» إلى سابق عهدهما «الحركة الإسلامية موحدة»، مؤكداً أن القضية أخطر من ذلك وترتبط بالتزام القوى السياسية المعارضة «بالخيار الديمقراطي» الذي قال إنها تركته وأصبحت لا تؤمن به، مبيناً أنها تسعى الآن علناً لإسقاط «النظام» بقوة «السلاح»، لافتاً النظر إلى أنها إذا نجحت في ذلك ستأتي بنظام غير ديمقراطي وسيحرم الوطني وأنصاره من ممارسة العمل السياسي وستدور الدائرة مرة أخرى وسيدخل السودان حسب الساعوري، في دوامة عدم استقرار طويلة الأمد، وطالب المحلل القوى السياسية المعارضة بتحريك القاعدة الانتخابية التابعة لها والدخول في تحالف وقائمة واحدة للإطاحة بالمؤتمرالوطني من سدة الحكم عبر اللعبة الديمقراطية النظيفة، وشدد على ضرورة أن يهييء الوطني المناخ ويضع ترتيبات معلنة تؤكد للمعارضة أنه يدخل السباق الانتخابي القادم بصفة مشارك وليس محتكراً للسلطة والبلاد. ونوه الساعوري إلى أن الكرة ما زالت في ملعب الوطني وقال «على الحزب الحاكم أن يقود مبادرة لإعادة الثقة بينه والمعارضة ويتبع ذلك بإجراءات عملية ملموسة تعيد الاتزان لعلاقاته مع القوى المعارضة»، منوهاً إلى أنه المخرج الوحيد للأزمة التي قال «إنها تخطت إصلاح ذات البين بين الإسلاميين». أما المحلل السياسي البروفيسور عبده مختار فكان لديه إيمان عميق بإمكانية إحداث لقاء الشيخ علي عثمان وعلي الحاج حراكاً إيجابياً في الواقع السياسي السوداني استناداً للتأثير القوي الذي تتمتع به الشخصيتان في السودان وداخل حزبيهما، وقال عبده لابد من إزالة حالة الاحتقان السياسي في البلاد من أجل الوطن ولو أدى ذلك إلى تجاوز د. حسن عبدالله الترابي، مشيراً إلى أن لقاء الإسلاميين سيسهم إيجاباً في حل القضايا العالقة ويفتح الباب أمام الوصول لصيغة تفاهم مع القوى السياسية المعارضة في قضايا الدستور والهوية والشريعة، مشدداً على ضرورة إقدام الحكومة على إجراء تنازلات للقوى السياسية المعارضة والموافقة على تشكيل حكومة انتقالية من شخصيات وطنية تضم معظم القوى السياسية والوطنية عبر مؤتمر دستوري يحدد نوع الحكم وشكل الدولة واختيار النظام الانتخابي المتفق عليه لإقامة الانتخابات، واصفاً إياها بأنها الطريق الوحيد لحل الأزمة في السودان، وقال إن كل المطلوبات تضع إطار الوطن العريض وفي سبيل ذلك لا أرى غضاضة في تجاوز الأشخاص من أجل الوطن.