وأنت في خضم الحراك اليومي تخاصمك الضحكة البيضاء ، الضحكة العفوية التي تأتي هكذا بدون ترتيب مسبق ، تخاصم هذا المنتج الإنساني ليس لأنك نكدي على طول الخط والعياذ بالله ، لكن لأن مشاهد الحياة لم يعد فيها ما يبهج نعم لم يعد فيها ما يبهج كما جاء على لسان صديقنا وزميلنا الصحافي والروائي السعودي المعروف عبده خال في إحدى مجموعاته القصصصية الأولى بعنوان « ليس هناك ما يبهج « ، كل شيء في الحياة أصبح برسم الضبابية ، ليست هذه دعوة للتشاؤم ، ولكن الواقع الذي يغلف حياتنا يجعل الضحك يرفع شعار « يا ضنين الوعد « كما سبق وأن أباح الراحل صديق مدثر رحمه الله دعوني أسالكم سؤال من أقاصي أعماق الشفافية متى شعر أحدكم أنه ضحك ضحكة بيضاء من القلب خالية من الشوائب ، أيوه ضحكة من القلب بيضاء مثل قماش « البفته « ، أقطع ضراعي لو كان أحدكم عاش في سيناريو الضحك الجميل وكركر حتى كادت اضلاعه أن تتدشدش ، إنه منطق الزمن اللئيم ، منطق يجعلنا غير قادرين على التعبير عن مشاعرنا ، في الماضي انتشرت مقولة « الضحك بدون سبب قلة أدب « في الراهن هذه المقولة أصبحت من مخلفات الماضي ولي زمان ، لأن الضحك وفقا لعلماء النفس أحد أفضل الوسائل للخروج من الأزمات الطاحنة المهم أن تضحك بسبب أو بدونه ، كما أن الضحك في الراهن يستخدم كأحد وسائل الطب البديل ، وجرى إعتماده كأحد الوسائل التي تخفف ضغوط الحياة وويلاتها ، في الراهن يوجد في السودان منتج واحد للضحك ، ويتمثل في الضحك الذي مثل البكا ، لأن كل شيء في حياتنا بحمد الله يحمل شعار « ضحك كالبكا « ، طبعا لا يدري أحد إلى متي يستمر مسلسل الضحك الذي يشبه البكا ، الله وحده أعلم ، صديقنا الجميل سيف الجامعة ، له أغنية بها مقطع أضحك أمام الناس و أداري دمعاتي وأنا ببكي في جواي أكتم معاناتي الناس تشوفني سعيد يتمنو بسماتي يا ريتو لو عارفين الجوه في ذاتي وأنا في إنتظار الشوف راحت صباحاتي يالله يبدو أن الرجل الذي كتب هذا البوح يسير عكس تيار حياته ، رجل يحاول إعتصار الضحك للهروب من واقعه المصاب بالضبابية ، يوووووووه من أجمل المشاهد في الحياة أن يجد الإنسان سيناريو أيا كان نوعه ووصفه يخرجه من دهليز الألم والمعاناة ، كم نحن بحاجة للخروج من دهاليز الألم بالضحك والتفاؤل ، صدقوني نحن في حاجة إلى هذا المنتج الإنساني أقصد الضحك ، لأن كل شيء لدينا مصاب بالخوف وعدم الإستقرار ، وفوق هذا كله متى يضحك الوطن وتسيل الضحكة في مفاصله إنه سؤال مصاب بالضبابية والتعتيم .