إستمعت منذ زمن ليس بالقصير إلى حديث الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري وهو يشرح ويتعرض بشئ من التفصيل للعلاقات الزوجية فالشيخ يؤكد دائما ً أن الدين الإسلامي هو دين علاقات مجتمعية فيما بين مكوناته ويهدف لبناء أمة ناضجة متدبرة داعية آمرة بالمعروف , ناهية عن المنكر ، وليست أمة كما وصفتها خطة الاستراتيحية القومية وصبّتها في قوالب ... «استكمال بناء امة سودانية موحّدة وآمنة متحضّّرة ومتقدمة »، قال الشيخ في حديثه على ما أذكر بشرحه للحديث الشريف عنه صلي الله عليه وسلم (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) لاأريد أن أخوض في هذا المقال عن واجب الشكر وضرورة السجود لكثرة حقوق الزوج وعدم مقدرة الزوجة علي القيام بشكرها , أو للمبالغة في الطاعة . ولكن ليسمح لي القارئ الكريم أن آخذ من وقته الغالي لأستعرض نجاحات زوجة كريمة فاضلة متحضرة مؤمنة مثابرة في حياتها الزوجية . تحصلت هذه الزوجة - حفظها الله ورعاها - الشهر الماضي على درجة الماجستير من جامعة سودانية معترف بها ، وكانت قد هجرت الدراسة منذ دخول أطفالها مدارس الأساس فظلّت تغرس فيهم معاني التعليم والتعلّم المفيد , وتربّيهم وتعلّمهم معنى الفضائل من حب المعلم وزملاء الدراسة فقد ربت أبناءها على تقوى الله وأنشأتهم على سنة النبي الكريم وركّزت جهدها ووضعت أمامها هدفا ً أساسيا ً أن تربي أطفالها لتساهم في وجود جيلٍ نافعٍ محترمٍ للكبير والصغير في زمن نخشى فيه أن تنزلق الأجيال في مستنقع مذبحة القيم والأخلاق التي تسعى لها جهات تعتدي على الإنسانية وروح التآخي والتآزر . فقد أخلصت النية وصدقت في الطلب إلى الله سبحانه وتعالى , تخلت عن كل مايدعو إلى الراحة من أجل أطفالها لم تكن - كبعض الأمهات- , تقتنع بأن الطريق إلى المدرسة آمن وخالٍ من العقبات خاصةً وأنها تخشى من الكلاب الضآلة فيطوف بخلدها أن هذه الحيوانات متربّصة ببناتها وبأطفالها وفي بعض الأحيان لاتكتفي بالإطمئنان تلفونيا ً فتجد أشواقها قد سبقت ساقيها وهي تسمع حركة أرجلهم قادمين من المدرسة . تعلن منذ بداية العام أن لاصوت يعلو فوق صوت الكتاب ومقولة «الجسم السليم في العقل السليم» لاتعنيها كثيرا ،ً فغذاؤها ومأكلُها ومشربُها أن تلتهم الكتاب تلو الكتاب بعد مزجه بكراسات المدرّس ليتمّ إخراجه بصورة مفيدة جاذبة مدعومة برسومات ومربعات ومتاهات تقود فلذة أكبادها إلى الهدف عبر رسومات بيانية ملونة ومزخرفة . تظل على هذا الوضع طوال شهور الدراسة ، ثم يدخل البيت كله في مرحلة الامتحانات وما أدراك ما الامتحانات ؟ لازيارات ولا مسلسلات ولا استجابة لأي دعوة00 وبدون مبالغة لاتعامل مع أي مرض بالراحة وعدم تناول أى نوع من العلاجات والعقاقير التى تساعد المريض على النوم ، ليس هناك أي ترحيب بأي نوع من الميكروبات بكتيرية كانت أو فيروسية ، فالزمن لديها محسوب بالدقيقة ، وتفضّل القضاء على المواد الدراسية بالضربة القاضية من الجولة الأولى.. تضع الأسئلة الافتراضية والإجابات النموذجية... لامجال أيضا ً (للأسبوتنق) فكل كلمة أوعبارة أو قاعدة في المنهج مهمة، فإدارة المناهج والمشهود لها بالكفاءة والنزاهة لاتضع شيئا ًغير مهمٍ في المنهج ، لذلك كل الكتاب «من طقطق للسلام عليكم» مهم من المقدمة وحتى «تم بحمد الله» . بعد نهاية الامتحانات تتفرغ لمطبخها وبيتها . ساعدها علي ذلك في مرحلة الأساس والمرحلة الثانوية ذرية صالحة مطيعة متواضعة ملتزمة صابرة ومصابرة يستجيبون لكل أوامرها وبرامجها ، ينفذون التعليمات كما تريد . انتهت مرحلة الثانوي بتفوق الأبناء علي قاعدة «من زرع حصد» ولم تترك لهم إلا طريقاً واحداً يسلكونه إلى الجامعات فالتحقت بناتها وابنها بالكليات المرغوبة من معظم أهل السودان وبالسعر الرسمي للدولة في أعرق الجامعات . لم تكتف أن تكون أماً صالحة لنفسها ، فالمجتمع ينهض بالاحترام والنصح بين أفراد الأسرة الصغيرة . شكراً زوجتي العزيزة وأقدم لك الشكر نيابةً عن المجتمع الذي رفدتيه بأفراد متمتعين بروحٍ إيمانية عالية وطموحٍ مداه الثريا فقد سلكت طريق الحق وحملت رسالة الصدق وجاهدت بوقتك ومالك وفرحت بفضل الله عليك وأزلت ركام الأوهام من ذاكرتك والتجأت إلى الواحد الأحد في العسرات فاستجاب منفس الكربات وقاضي الحاجات فعزّ وجلّ ينجينا من كل كرب فقد ناداه ذو النون من قبل ثم ناداه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «اللهم إن لم يكن بك غضب عليٌ فلاأبالي» ... لقد علمت أبناءك العبادة والطاعة وذكر الله ، فقد أصلحت حياتك وحياة أبنائك . بعد أن تخرجت ذريتها من الجامعات واعتلوا منصات التتويج عادت إلى قواعدها لتنفض غبار السنين الذى تراكم من طول هجرها لقاعات المحاضرات فالتحقت كطالبة دراسات عليا لتزداد تأهيلاًً أكاديمياً ًوجمعت أفكارها وأوراقها وصارت طالبةً، ومالبثت أن انخرطت مع دفعتها وهى تضع نظارتها أمام عينها لتنقب بين سطور المراجع عربيةً كانت أم أجنبية , كراسات مختلفة الألوان وملخصات00 وزاد الأمرهذه المرة باستخدام تكنولوجيا العصر المتطورة من الإنترنيت والتلفون..تجمع ملحوظة ، تكتب فكرة ، تنشر معرفة.. لم يعد تلفونها للثرثرة فالوقت للعلم والعلماء.. لها نفسُ ً تواقة للمعالي، لقد كان لديها التأثير الإبداعي على زملائها.. حصلت على البكالريوس فأرادتة لأبنائها وبحثت عن ماهو أعلآ من ذلك ، فقد أفاضت على أبنائها بالحب فكانت نبع الشفقة والرأفة وهم يتلقون دروسهم . وهم الآن يحيطون بها يقدمون لها المشروبات الباردة والساخنة لتتفرغ للدراسة وحب الخير. ماأروع وأجمل أن نسمع عن الزوجات الصادقات الناجحات. أسأل نفسي ماذا تعمل نساء الاعمال أليست هن أمهات ناجحات ومتميزات وأيضا ًزوجات رائعات ألم تحقق المرأة نجاحات؟ إن التقدم الذي أحرزته نساء بلادي في مختلف المجالات يمثل الإرث الحقيقي لجيلٍ صاعد من المبدعات الناجحات كبناتها «أروى» و«دعاء» يضعن بصماتهن المهنية .. والأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا ً طيب الأعراق ....مبروك زوجتي !!!