عندما طالعت الخبر أدناه توقفت عنده كثيراً، وأبت عيناي مغادرته وهو يقول: (ناشدت نقابة عمال شركة الخطوط الجوية السودانية «سودانير» رئاسة الجمهورية بالتدخل العاجل لحل الاشكالات والمعوقات التي تواجه الشركة، والخاصة بالعمل الإداري والمرتبات وقضايا التشغيل، داعية إلى ضرورة دعم الناقل الوطني باعتباره يمثل السيادة الوطنية، ومساهمته في إدخال ايرادات وعملات صعبة لخزينة الدولة. كشف الزبير بشير رئيس النقابة في تصريح ل«smc» عن عقدهم عدداً من الاجتماعات مع اتحاد العمال بشأن هذه المشاكل، ورفعهم عدد من المذكرات للاتحاد كان آخرها الاسبوع الماضي، مشيراً إلى الخلل الإداري الكبير الذي تعانيه الشركة بخلو منصب المدير العام منذ أكثر من أربعة أشهر، موصياً بتعيين مدير جديد تكون له رؤية واضحة وقدرة فعالة على إدارة الطيران. وكشف الزبير أن الخلل الإداري نتج عنه شلل في التشغيل لرحلات الشركة العالمية، وتوقف تام للرحلات الداخلية لعدم القدرة على استجلاب أو ايجار طائرات، مما يلقي بظلال سالبة على وضع العاملين بالشركة، مشيراً إلى تأخر الرواتب وحقوق العاملين، وتوقف بند التأمين الطبي والعلاج، بجانب عدم تسوية حقوق المعاشيين وهجرة الكوادر المدربة والمؤهلة، والتخصصات النادرة من طيارين ومهندسين وذهابهم إلى الشركات المنافسة. انتهى الخبر.. اظنكم سادتي علمتم الآن لماذا لم تغادر عيناي هذا الخبر، فهو مؤلم جداً، ولعل القديم فيه أن سودانير تسير نحو هلاكها بأيدٍ كثيرة، والجديد فيه أنها «ماتت سريرياً.. نعم ماتت سريرياً وهذا الموت يستوجب التحضير للقادم.. ليس تحضيراً «للفراش» أو هموم الموت وقسوة انتظاره.. بل أنه يستوجب القناعة بأننا لسنا من البلدان التي تتمتع بناقل جوي وطني.. بل يجب أن نعترف وبصورة علنية أننا فاشلون.. فاشلون نعم فاشلون في إدارة ممتلكات «الدولة»، فسودانير ملك للدولة وإرث كان يجب أن يطور ويدفع به للأمام، بدلاً من ادخاله ضمن قائمة الشركات التي تتخلص منها الحكومة.. وتجعلها تعيش في كل يوماً في كبوة.. وكبوة تلو الأخرى حتى تجد نفسها أمام الموت مباشرة، ولم يبقَ لها إلا نزع «الأسلاك» حتى يعلن وفاتها، وفي ذلك الوقت تشيع في موكب غير مهيب لكنه يضم العديد من قتلتها وسيغيب عنه بعض الذين ينظرون اليها من باب أنها لا تستحق حتى الدفن.. وآخرون «حردانين» لأنهم لم يجدوا أذناً صاغية لاتجاههم، فقد كانوا يرفضون موتها، ويريدونها معلقة الأسلاك مدى الحياة، حتى وإن أكد الجميع موتها السريري.. فخيال المآتة يخيف الطير، وإن كان خشبة معلق عليها كيس.