ولأن السيد علي محمود وزير المالية هو من أطلق ذاك النداء.. بل من أرسل ذاك الدعاء للإخوة في المجلس الوطني.. بأن «يفضوها سيرة» وذاك الكلام الكثيف تحت قبة البرلمان.. وبديلاً لإهدار الوقت ومطاردة الفنانة ذات الصوت الذي يذيب الصخر شيرين عبد الوهاب.. وبدلاً لإدماء الأكف بالتصفيق والهتاف الراعد.. هي لله.. هي لله.. ولا لدنيا قد عملنا.. وتهليل وتكبير.. وأحد الذين تبلغ به «الهوشة» ليقول ملء صوته.. إن هذا اليوم هو يوم استقلال حقيقي.. واليوم الذي يعنيه هذا النائب المحترم هو اليوم الذي وافق فيه البرلمان على إجازة الميزانية التي في أحشائها.. صخور وكتل خرصانية لتهبط آمنة على رؤوس أبناء شعبه الفقراء وتجثم مطمئنة على صدور المواطنين العارية الناحلة.. الهزيلة.. يطلب السيد الوزير من إخوته من النواب أن يذهبوا إلى مناطقهم لإقامة صلاة الاستسقاء ضراعة وتوسلاً لله مرسل الريح والسحاب لتهطل وابلاً يجري ودياناً وأنهاراً.. وهنا نقول لك سيدي الوزير.. لا هو ليس قولاً.. بل سيل هادر صاخب من الأسئلة.. تبدو أكثر صخباً وكسحاً من سيل أبو قطاطي ذاك الذي «وكت يكسح ما يفضل شي».. السؤال الأول.. هل أنت وزير للمالية عركت الأرقام وطوعت المشاريع.. و«ظبطت» الموازنة.. أم جاء بك أحبتك «الإخوان» عالماً وشيخاً ومرشداً وفقيهاً.. و«فكي» لتملأ «المشاريع» والحواشات وأفدنة الزراعة المطرية بماء المطر.. الذي تنتظره أن يهطل مدراراً بعد التوسل إلى الله العلي القدير وهم يقيمون صلاة الاستسقاء بعد أن رفعوا الكفوف وذرفوا الدموع؟ السؤال الثاني.. وفي عهدكم الميمون هذا والذي تطاول حتى أكمل عامه الرابع والعشرين.. هل احتجب المطر عاماً واحداً في هذه البلاد.. هل تذكر سنة واحدة تمردت فيها السحب عن الانهمار.. ألم تعش مع شعبك المكلوم سنوات تدفقت فيها المياه مياه الأمطار حتى أغرقت الوطن.. فإذا كان الحصاد.. ودلني على سنة واحدة طرقت ليس الرفاهية.. بل حتى الحد الأدنى من الشبع بطون شعبك الخاوية.. السؤال الثالث.. أسأل «قوقل» اسأله عن بلاد الكفار أولئك الذين لا يعرفون شيئاً عن صلاة الاستسقاء.. بل حتى لا يعرفون شيئاً عن الصلاة نفسها.. اسأله ماذا يفعل هؤلاء الكفار بعد أن تهطل الأمطار وعندما يذوب الجليد.. اسأله لماذا ذاك الإنتاج الهائل الوفير الذي يفيض عن حاجة مواطنيهم وتعجز أسواق العالم عن شراء تلاله المهولة.. حتى يفرغونه في المحيطات.. السؤال الرابع.. بما أنك مسلم كامل الإسلام.. وبما أنك «منظم» في ذاك السلك المتين «سلك الإخوان».. لا شك أنك تعرف تماماً لماذا تحتجب الأمطار عن البلاد حتى يتوسل الناس لها بصلاة الاستسقاء.. وإذا كنت لا تعرف.. بل يقيناً أنك تعرف.. ولكن لا بأس أن نذكرك لماذا لا يهطل المطر.. ذلك عندما يتفشى الظلم وتكثر المعاصي.. ويتجاوز الناس حدود الله.. هذا عن عدم هطول المطر.. وقبل أن نحكي لك عن كيف الخروج إلى تلك الصلاة.. ومن هم الذين يجب أن يخرجوا إليها.. ماذا يلبسون وأمامهم ماذا يسوقون.. دعنا نحكي لك قصة قصيرة جداً من صفحات التاريخ الإسلامي.. فقد كانت البلاد يجتاحها طاعون لما وليّ المنصور أميراً للمؤمنين.. قال «المنصور» مخاطباً رعيته.. مفاخراً تيّاهاً بإنجازه.. أعلموا أني ومنذ وليت عليكم فقد رفع الله عنكم الطاعون.. هنا انبرى له أحد أفراد الرعية قائلاً له بدون أخذ إذن من أحد ورغم حراسه وبدون أن يأخذ «المايك» قال له «إن الله أكرم من أن يجمع علينا المنصور والطاعون». وأعلم سيدي الوزير أن أمطارنا لم تتوقف سنة واحدة ولا شحت خريفاً واحداً.. لأن الله أكرم من أن يجمع علينا الجفاف واحتباس الأمطار وحكومتكم التي «غلبتها الحيلة». بكرة نتلاقى