تلقيت أمس تلفونا ورسالة «نصية» من الاستاذ محمد الختم للمشاركة في اجتماع يعقد اليوم بمناسبة احياء الذكرى التاسعة لفقيد الوطن المرحوم الاستاذ عبد الله الحسن المحامي طيب الله ثراه. لم تكن لي سابق معرفة بالاخ محمد ولكنه عرفني بنفسه في التلفون بأنه المدير التنفيذي لمركز دار الابواب وهي احدى منظمات الهيئة الشعبية لتنمية المتمة ويبدو انها تقوم بدور كبير في توثيق سيرة الراحل وتلمس طريقه في العمل العام والمساهمة في تقديم الخدمات وجلائل الاعمال لاهالي المنطقة في شندي والمتمة. سعادتي كبيرة عندما اخبرني محمد باحتفاظهم ببعض ما كتبته حول استاذنا الراحل في هذه المساحة وذكرني بمقال بعنوان «سلفا في المتمة»وآخر كان متزامناً مع رحيل المرحوم الاستاذ فتحي خليل نقيب المحامين السابق وكل الرجلين تولى المنصب وكل منهما كانت له مساجلات ومعارك واسهامات داخل حوش المحامين ورغم اختلاف مواقعهما الفكرية والسياسية الا انهما احتفظا بمساحة من الود والاحترام والتقدير نحو الاخر الامر الذي يكشف نوعية مثل هؤلاء المعادن من الرجال وما يتميزون به من صدق ونبل وسمو في المشاعر والاحاسيس والترفع عن الصغائر والهفوات الشخصية وهم يحملون مبادئ وافكار ربما تنفق او تختلف معها ولكنك لا تملك سوى احترام هذا النوع من ادب الاختلاف. قال محمد عندما كانوا يحملون جثمان الراحل عبد الله الحسن المحامي استوقفتهم عربة مسرعة ونزل منها رجل وتقدم نحو الجثمان ثم رفع يديه بالفاتحة وبعدها اجهش بالبكاء وعندما سألت من كان معي من هو هذا الرجل وكنت لا أعرفه ، قالوا لي هذا الاستاذ فتحي خليل الذي كان خصمه اللدود في معارك نقابة المحامين. عندما سمعت هذه الحكاية شعرت بحزن شديد وانا اقرأ قبل ايام في احدى الصحف اعلاناً من تجمع محامين يعتذر لضيوفه بالغاء حفل الافطار داخل دار المحامين والسبب عدم حصولهم على اذن باقامة افطارهم السنوي مثل ما كانوا يفعلون كل رمضان.. افطار يحتاج لاذن؟ ما هذا؟ يا هذا؟ نعود لذكرى عبد الله الحسن المحامي والتي تنوي دار الابواب تحديد ذكراها اليوم ونقول هذه ذكرى عطرة وتستحق ان يحتفل بها كل عام فعبد الله الحسن المحامي ظل يعمل بالمحاماة منذ الخمسينات وحتى وفاته في 2004م. وامضى نصف قرن من الزمان في حقلي التعليم والقانون وشارك في التنوير والتحرر بقلمه وبخطبه وظل يحمل مشاعل التوعية واشاعة العدل بين الناس من خلال نشاطاته المتعددة في مجالس الاباء وفي جامعة الخرطوم وفي عدد من مجالس ادارات المؤسسات والشركات. تأتي ذكرى عبد الله الحسن التاسعة ويذكر له التاريخ دوره في انشاء المدارس والمساجد من حر ماله وظل مهموماً بتعليم ابناء السودان . والداخل لمدينة شندي يجد مدرسة عبد الله الحسن تزين جيد المدينة وتحتفظ بذكراه الي ما شاء الله كأقل عرفان لتاريخ هذا الرجل المتفرد وتخليداً لاعمال التي بذلها لوجه الله والوطن. لن ننسى اجيال السودان عبد الله الحسن نقيب المحامين لدورتين متتالين ودوره في معارك الحريات العامة واستقلال القانون ومبدأ سيادته والفصل بين السلطات ودفاعه عن مهنة المحاماة واستقلالها ورفاهية المنتمين لها.. ولن ننسى الصحافة السودانية عبد الله الحسن القلم الحر والشجاع ودفاعه المستميت عن قضايا امنه وشعبه. وبعد هذه محاولة صغيرة لتقديم «اضاءة » ربما تساهم في دعم هذه الفكرة «النبيلة» التي تستهدف احياء ذكرى الاستاذ عبد الله الحسن المحامي كما عرفه وطنه.