مكتول هواك يترجّل    الحكم بالسجن خمسة عشر عاما لمتعاون مع قوات التمرد بامدرمان    ابوعبيدة سليمان : أدعو جماهير الرومان وجماهير ودمدني للوقوف معنا على قلب رجل واحد    المريخ في اختبار جديد يواجه تحدي ايتينسليس"    ((الجان وريجيكامب هزموا الهلال امام روتسيرو))    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    هل استحق الأردن والمغرب التأهل لنهائي كأس العرب؟    توجيه بصرف اجور العاملين قبل 29 ديسمبر الجاري    شاهد بالصور.. المودل هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل بعد ظهورها بأزياء ضيقة ومحذقة ومثيرة    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    السودان..منشور لديوان الحسابات العامة بشأن أجور العاملين    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    يبحثون عن ( سايس ) جديد لحصان طروادة .. لكنه قطعاً لن يكون حمدوك ولا طه عثمان الحسين !!    مستشار ترامب يصل إلى الرياض    استمرار عمليات الصيانة بطريق شريان الشمال    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة؟    بنك السودان يتأهب لإطلاق المقاصة الإلكترونية    إطلاق نار على سوداني..السعودية تعلن إعدام مواطن وتكشف تفاصيل    اجتماع بين البرهان ومستشار ترامب..تقارير تكشف التطوّرات    الأردن يفوز على السعودية برأس رشدان ويتأهل لنهائي كأس العرب    والي الخرطوم يوجه بالالتزام بأسعار الغاز حسب التخفيض الجديد    المغرب يحسم بطاقة نهائي كأس العرب الأولى على حساب الإمارات    البرهان يصل الرياض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    تعرف على جوائز كأس العرب 2025    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    ريال مدريد ينجو من فخ ألافيس ويلاحق برشلونة    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحسسوا جيوبكم.. أحبسوا الأنفاس (2-2)
نشر في آخر لحظة يوم 22 - 09 - 2010

إذن قفة الملاح في السودن اصبحت مشكلة تواجه الأسرة مهما كان دخلها.. وقفة الملاح هنا ليست هي تكلفة الخضار واللحم والبصل والزيت فقط.. لأن تكلفة المعيشة لم تترك غنياً ولا فقيراً إلا وهزمت مقدراته المالية؛ وكل ما أطل مسئول متحدثاً عن جهود رسمية لخفض التكلفة مد السوق لسانه في اليوم التالي. أدهشتني تصريحات حكومة ولاية الخرطوم للمرة الثانية على التوالي.. فبعد تدخلها لتوفير الفراخ من أجل «الغلابة» قالت أنها لجأت إلى خفض العديد من الرسوم من أجل خفض تكاليف المعيشة..
كيف يمكن لتخفيض رسوم تسجيل الأراضي مثلاً أن يحدث أثراً مباشراً على تكاليف المعيشة لجهة انخفاضها.. كم عدد الفقراء الذين يتجهون إلى تسجيل أراضي أو منازل؟ وكم هي قيمة الأرض أو المنزل موضوع الرسوم المخفضة؟.. وكم مرة في العمر تسجل الأرض أو يشتري المنزل؟ وكم عدد المستفيدين؟ صحيح أن تخفيض الرسوم ينعكس ايجاباً على حركة الناس والخدمات، ويشجع على الاقدام على طلب هذه الخدمات، لكنها بلاشك ليست ذات أثر يذكر على تكلفة المعيشة اليومية المرتبطة بالاسعار بصل، زيت لحم، خضروات، حلة الملاح في أدنى مستوياتها الغذائية تكلف أكثر من عشرين جنيهاً.. أي 600 جنيه شهرياً هذه بدون أي متطلبات أخرى، فكم الحد الأدنى للأجور.. وكم متوسط دخل الفرد في السودان، حيث يعيش معظم الناس على أقل من دولارين في اليوم بالقياس العالمي..
كم عدد الذين يعجزون عن مقابلة الصرف اليومي لتكاليف المعيشة بل حتى عن سد الرمق؟ لا أعتقد أن جهة رسمية واحدة تمتلك الإجابة بالمعلومات الدقيقة... كم عدد المتسربين من الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي بعجز أسرهم عن دفع تكاليف الدراسة أو حتى عن دفع قيمة الساندوتش اليومي؟ بل كم عدد المتسربين الذين يتركون الدراسة لأنهم يعملون على الهامش لاعالة أسرهم والمساهمة في قيمة قفة الملاح؟ لا أحد يعرف ولا حتى وزارة التربية والتعليم تعرف.. كم عدد الهاربين من الدراسة بسبب الرسوم المفروضة من المدارس بموجب قرارات مجالس الأباء؟ رغم أن الوزارة تمنع الطرد بسبب الرسوم.. لا جهة رسمية ترصد مثل هذه التجاوزات.
كم عدد الذين يموتون بالملاريا، والتايفويد، والكلزار، والاسهال المائي، الذي هوالكوليرا.. لا يوجد إحصاء.. كم عدد الذين يلجأون إلى الطب البلدي والأدوية العشبية القرض، والحلبة، والحرجل، لأنهم لا يستطيعون طرق أبواب الصيدليات، هل وزارة الصحة أو حتى المجلس الوطني الذي يهدد السماسرة والمتاجرون برفع الأسعار يعلمون؟.. لا أظن.
كم عدد العاطلين عن العمل بسبب الخصخصة؟ أو بسبب الجامعات التي أصبحت أكثر من كناتين الأحياء الشعبية؟ هل وزارة العمل أو حتى وزارة تنمية الموارد البشرية الجديدة تمتلك احصاءات دقيقة أو تقريبية؟.. لا أظن.
خفض تكلفة المعيشة يحتاج إلى حزمة من الإجراءات، تسبقها سياسات دولة واضحة في عدد من القطاعات، تبدأ بالإنتاج والإنتاجية، مروراً بدعم المحتاجين، وزيادة الصرف الفعلي على التعليم والصحة، وفتح فرص العمل، وتخفيف شروط التمويل، ورفع مقدرات الأداء الأقتصادي، ورفع قدرات الناس، لتنتهي هذه الحزمة في النهاية عند المواطن البسيط، ليجد حاجاته دون مغالاة في الأسعار، ودون أن يسيطر غول الأسواق.. ويشل حركة الناس كما هو الوضع الآن.
إذن إن أراد المجلس الوطني عبر إحدى لجانه أن يتحدث أو يتدخل لضبط الأسواق، فليبدأ بداية صحية.. من أصل الأزمة لامن فروعها، وأصل الأزمة في اعتقادي هي سياسات أدت إلى انفلات في الأسواق.. هذه السياسات أفرزت جملة من الأوضاع الخاطئة، في مقدمتها المفهوم الخاطئ الذي يتعامل به أولو الأمر، ومن بعدهم التجار، فسياسة التحرير الذي يعتقد أنها تتيح العمل بلا ضوابط هو مفهوم خاطئ.. التحرير لا يعني فرصة للبعض للقفز بالزانة إلى سلم المال والشهرة، كما حدث فعلاً خلال ال 15 سنة الماضية.. قفز فوق ظهور البسطاء ومطحوني قفة الملاح.
خطأ السياسات الثاني والأخطر هو ما حدث من تجفيف للعملات الحرة، وترك المستوردين تحت رحمة السوق السوداء.. فالتجفيف الذي حدث لعدم وجود احتياطات من النقد الاجنبي داخل القطاع المصرفي بسبب تذبذب أسعار البترول عالمياً، أو ضعف الصادرات الأخرى، أو لأي أسباب أخرى، أدى إلى أسباب كارثية رفعت من قيمة السلع المستوردة، وانعكس ذلك على السوق المحلي، و على الشرائح الضعيفة. الخطأ الثالث في اعتقادي ما قامت به الدولة من قيود صارمة فيما يختص بالواردات، فعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة لهذه القيود تتمثل في خفض فاتورة الاستيراد لصالح الإنتاج المحلي، وتقليل حدة توجه المجتمع نحو الاستهلاك، بعدم استيراد السلع الغير ضرورية، أو ما يسمونها بالكمالية، إلا أن الشاهد أنه ولا واحد من تلك الأهداف قد تحقق، وها نحن أقرب إلى المجتمعات الاستهلاكية في بعض الشرائح، والأكثر قرباً نحو المجتمعات التي تبحث عن (الستر) ولقمة العيش في الشرائح الأخرى. الدولة تحتاج إلى إعادة نظر في كثير من المعالجات الخاصة برفع تكاليف المعيشة، وعلى رأسها الدفع بسياسات جديدة تحفز الانتاج، ولا تغل يد المنتج الحقيقي في الزراعة والصناعة، فهذه القطاعات هي الأولى بايجاد معالجات للمشاكل الضخمة التي تكبلها الضرائب، الجمارك، الرسوم.. الخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.