الى الأخوة الأعزاء أعضاء فود التفاوض مع قطاع الشمال أوجه الجزء الأول من هذا المقال، وإلى أهلنا الأقوياء المسيرية أوجه الجزء الثاني من المقال. أولا: نبدأ بالإشارة إلى حقائق مهمة أصبحت ثوابت لا تجوز فيها المناورة، أو لي عنق الحقيقة وسياسة جرجرة الأرجل، لأن تكتيك كسب الوقت لم يعدفي صالحنا لظروفنا الداخلية المعقّدة والخارجية المتحاملة. التفاوض مع ياسر عرمان بوصفه الأمين العام لقطاع الشمال بالحركة الشعبية أصبح واقعا وقرارا واجب التنفيذ بموجب الاعتراف الصريح من مجلس الأمن الدولي بقطاع الشمال، ووضعه في كفة موازية لكفة المؤتمر الوطني، حسب ما جاء في القرار الخطير 2046، الصادر في 2 مايو 2012، تحت الفصل السابع الأخطر، وتمت الموافقة عليه بالإجماع، إذ لم تعترض عليه روسيا أو الصين، ولم تستخدما حق الفيتو الممنوح لهما، ولم تعترض عليه حكومة السودان. وخطورة إقراره تكمن في ديباجته المبررة لإصداره تحت الفصل السابع، والتي تقول:(يقرر مجلس الأمن أن الأوضاع السائدة على طول الحدود بين دولة السودان ودولة جنوب السودان تشكل تهديداً خطيراً للسلام والأمن الدوليين)،القرار من عشر مواد، المادة الثالثة فيه تقول:(يقرر مجلس الأمن أن على حكومة السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال التعاون التام مع الآلية العليا الأفريقية ورئيس الإيقاد في الوصول إلى تسوية عبر التفاوض، وبمرجعية الاتفاقية الإطارية الموقعة يوم 28/6/2011 ، حول الشراكة السياسية بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال، وحول الترتيبات السياسية والأمنية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان،) وهذه ترجمة دقيقة حرفية لنص المادة (3) من القرار 2046 من اللغة الإنجليزية)، لذلك والمادة الثالثة بكل هذا الوضوح يصبح لا مجال للمناورة وجرجرة الأرجل ودفن الرؤوس في الرمال وإلقاء التصريحات النارية لكسب الوقت والتفاعل الجماهيري العاطفي وذر الرماد في العيون لحجب الحقيقة. سيعود وفد التفاوض والجلوس مع عرمان وعقار والحلو، الأول بوصفه الأمين العام لقطاع الشمال، والثاني رئيسه، والثالث نائبه، وقطاع الشمال جزء أصيل في القرار 2046،وحجة أن ياسر عرمان ليس من المنطقة يدحضها نص القرار الذي يطالب بالجلوس غير المشروط مع قطاع الشمال، وتدحضها تجارب سابقة في الجلوس بواسطة مفاوضي الحكومة مع أشخاص ليست لهم علاقة جغرافية أو قبلية بمناطق صدرت بموجبها اتفاقات دولية وإقليمية، وبدأ التنفيذ فيها. تحديداً قام الأستاذ ادريس محمد عبد القادر من حكومة السودان بالتوقيع مع الأستاذ باقان أموم في 20/6/2011 على الاتفاقية الحرجة، والمخرج الوحيد الأمثل لحل مشكلة أبيي وهي بعنوان (اتفاقية بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان حول الترتيبات المؤقتة الإدارية والأمنية لمنطقة أبيي)،لاحظ التشابه والتطابق التام بين عنوان هذه الاتفاقية ونص المادة الثالثة من القرار 2046، التي أشرنا لها في بداية هذا المقال وذلك بإبدال كلمتي (لمنطقة أبيي) ب(ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان). والاتفاقية الثانية الإطارية- وهي المرجعية في المادة (3) من القرار 2046- تم توقيعها في28/6/2011، بين د. نافع والأستاذ باقان، مع التذكير بأن الاتفاقيتين تم توقيعهما والسودان كان دولةً واحدةً، باقان وقع على اتفاقيتين في غاية الأهمية والخطورة مع مسؤولين كبار من السودان، وعن ثلاث مناطق في السودان، وهو لا علاقة له بأي من هذه المناطق، فهو ليس من المسيرية، أو الدينكا ،أو من النيل الأزرق، أو جنوب كردفان، بل على العكس ليست لديه علاقة قبلية طيبة مع قبيلة الدينكا بكل مسمّياتها الجغرافية والعرقية. باقان تم قبوله للتوقيع بوصفه الأمين العام للحركة الشعبية، غض النظر عن علاقته القبلية أو الجغرافية لدينكا نقوك، أو النوبة، أو النيل الأزرق، وكذلك ياسر عرمان يتم قبوله كأمين عام لقطاع الشمال، حتى وإن كان من وادي حلفا ..لذلك حجة رفض التفاوض مع عرمان ضعيفة، وفيها إزدواج واضح للمعايير ظللنا نرفضه باستمرار من أمريكا والغرب في الكيل بمكيالين في مساندة اسرائيل ومعاداة الإسلام والمسلمين. ونقول في هذا الصدد إن أهم صفات رجل الدولة هي التعامل الموضوعي في القضايا المصيرية، والبعد عن شخصنة الأزمات واختزالها في أمور انصرافية غير منطقية وغير مقبولة لأي محكم، مثل تحكيم الاتحاد الأفريقي المفوض من المجتمع الدولي .. يبدو أن هناك خلطاً عفوياً أو متعمداً من الذين يتحدثون عن المخاطبة والجلوس مع مواطني المنطقتين- النيل الأزرق وجنوب كردفان- المخاطبة المطلوبة في اتفاقية السلام الشامل، هي في بند المشورة الشعبية، وهذا البند في اتفاقية السلام الشامل هلامي لا يمكن الإمساك المفيد به للوصول إلى شئ ملموس، بل وضع بند المشورة الشعبية فقط لإزالة الحرج عن الحركة الشعبية في التخلّي عن من حاربوا معها وفي جيشها بعد أن ضمن الجنوب حق تقرير المصير في الاتفاقية، والمشورة الشعبية لا تشير من قريب أو بعيد إلى أي حق لتقرير مصير ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بل تؤكد استمرارهما كجزء أصيل من دولة السودان.. فقط تنادي بوضع خاص حسب ما يرتضيه مواطنو الولايتين، وذلك بتعديل طفيف في نظم الإدارة في ظل حكم السودان الفدرالي الحالي. فيما يتعلق بالجزء الثاني من المقال، فإن ما حدث من استفتاء غير قانوني وغير رسمي من حوالي 65 ألف مواطن من دينكا نقوك أسفر عن شبه اجماع (99%) لتبعية أبيي لدولة الجنوب، فهو من الناحية القانونية والدولية والإقليمية ليس له قيمة، ولكن له قيمة كبرى لدى منظمات المجتمع المدني الدولية والرأي العام الدولي والإقليمي، قطعاً سيكون لذلك الاستفتاء أثر إيجابي لدعاة تبعية أبيي للجنوب، وسلبي لدعاة بقاء أبيي في الشمال، لذلك أعتقد أن هناك ضرورة ملحّة لقيام المسيرية باستفتاء مماثل خلال الأيام القادمة، وقطعاً سيكون العدد أكثر من ال65 ألف تلك، وستكون النسبة لبقاء أبيي في الشمال .100% هذا الأمر به على الأقل يمكن تحييد الرأي العام العالمي والإقليمي، وإحداث ربكة في تفكيرهم وخططهم ،إذ أن استفتاء أبيي الذي تم لم يكن عبثاً أو ساذجاً، فهو محسوب بدقة ومتفق عليه من كل الأطراف الداخلية والخارجية، وحتى حكومة الجنوب.. أكبر خطأ تم في هذا الأمر وفي هذه الأيام هو تأجيل زيارة وفد الاتحاد الافريقي إلى منطقة أبيي - بواسطة حكومتنا - إذ كان في مقدور هذا الوفد حضور الاستعداد وبداية الاستفتاء، والوقوف على العدد الحقيقي للناخبين، والترغيب والترهيب الذي يتم، وكانوا سيشاهدون جموع المسيرية المشرئبة المتحفزة، والتي تنبئ الوفد بخطورة وخطل الاستفتاء الأحادي، وفي نفس الوقت حكومة السودان غير مسؤولة عن سلامة أعضاء الوفد اذ أن ذلك جزء أصيل من مهام القوات الأممية الأثيوبية..لا أدري من قرر هذا التأجيل ولماذا، ثم ما معنى زيارة الوفد والسماح له في الأسبوع الأول من نوفمبر الحالي، والاستفتاء قد تم ونتائجه قد ظهرت؟ أم أنه (الجس بعد الضبح)؟؟!