طفقت السلطات الرسمية والشعبية بالقيام بحملات ماكوكية واسعة لإيقاف زيادة أسعار الخبز بعد زيادة أسعار الدقيق، والتي ذكرنا من قبل أن الزيادة طفيفة ولا تحتاج لزيادة الأسعار، فقد زاد سعر جوال الدقيق «10» جنيهات فقط، ويمكن أن تعالج المشكلة بشكل آخر غير الزيادة في أسعار الخبز التي حدثت من قبل ولم يعد الخبز لسابق عهده بعد نقصان الأسعار.. إذن تجار الخبز في المخابز أو حتى سماسرته قد عوَّضوا خسارتهم الحالية منذ الزيادات الماضية.. وفي ظني أن معالجة هذا الأمر يجب أن تبدأ من مصانع الدقيق نفسها ومعرفة الأسباب الحقيقية للزيادة لمعالجتها جذرياً حتى وإن أضطرت الحكومة لدعمه ودفع تعويض مناسب لأصحاب المطاحن، أو حتى إلغاء بعض الرسوم الحكومية التي يتسببون بها.. فزيادة الخبز- السلعة القومية والاستراتيجية- ليست امراً سهلاً وسيؤدي لزيادة احتياجات كثيرة يصعب بعدها المعالجة.. فالحكومة كانت قد رفعت يد دعمها عن السلع الضرورية بعد انتهاجها سياسة التحرير الاقتصادي.. وفي ظني أن هذه السياسة لا تمنعها من التدخل متى مالزم الأمر، فالمواطن لا يعرف معنى المؤشرات الجيدة والمتفائلة لأهل الاقتصاد إذا لم تنعكس تلك المؤشرات على قوته وعلى ضرورياته.. فماذا يفعل بتلك المؤشرات إذا وجد نفسه يواجه زيادة أسعار سلعه الضرورية والضرورية جداً.. بالمناسبة عندما انخفضت أسعار الطماطم استبشرنا خيراً وقلنا إن المشكلة انتهت وإننا يمكن أن نستغني بها عن اللحوم والفراخ والسلع التي يتبارى أصحابها لزيادة أسعارها متى ما سنحت لهم الفرصة.. المهم والمعروف دائماً أن المستهلك هو الذي يدفع ثمن زيادة الضرائب والرسوم وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج في السلع.. لكن المستهلك في السودان- الوطن الذي يعاني أكثر من «60%» من سكانه من الفقر- لا يتحمل زيادة الأسعار في ضرورياته وسلعه الأساسية والإستراتيجية، فمعظمهم سيواجهون بدفع زيادة الأسعار في عدة أماكن.. نعم عدة أماكن وليس في البيت فقط، فكل الكافتيريات والدكاكين والمطاعم ستزيد أسعار طلباتها وسيضطر لدفع هذه الزيادة ليدفعها مرة أخرى من خبز المنزل... وبالطبع هذا ليس بالأمر السهل بل الخطورة تحفه من كل الجوانب.. فإذا لم تعالج فلا شأن للمواطن بمؤشرات موازنة يمكن أن يقضي عليها بند واحد.. أو مسلك واحد.. ومازال البلاغ مفتوحاً