الأفراح أيام الزمن الجميل! في البداية هذه الحلقة من سلسلة «أيام زمان» هي من وحي وتشجيع.. ما كتبه زميلنا الرهيب والمهيب والأريب.. الذي لا يخشى في كلمة الحق والصدق لومة لائم «مؤمن الغالي» وصاحب القسم «بمن خلق السموات بلا عمد» بأحد اعداد «آخر لحظة» الاخيرة.. عن «كبت الحريات» في أفراح العباد.. في تحديدإنتهاء الحفل عند الساعة الحادية عشر ليلاً.. اي اختصار حفلات الافراح وبهجاتها ومسراتها.. والتي كانت تمتد وتتواصل في سابق الدهر والأوان ايام جدودنا وحبوبتنا لاربعين يوماً.. ثم بدأت هذه الحافلات تتقلص رويدًا عاماً بعد عام حتى قيام حكومة الانقاذ الى ثلاثة ليالي ورابعتهم صبحية لها ضل وبي طبالها وشبالها ومزمارها.. لكي يعيش أصحابها في حبور وسرور.. وفي طرب واغاني خالدة ومحترمة تصل الى القلوب قبل الاذان.. وليست بأغاني «هابطة!؟» وراقصة.. لا معنى لها.. كما هو الحال راهناً.. يوم كانت منازل الجيران تخصص لاستضافة المحتفلين رجالاً ونساءً وشيباً وشباباً.. ولم نسمع بأن اصحابها قد جأروا من شكوى «الازعاج؟!» .. وذلك لمشاركتهم فيها واعتبار الفرح فرحهم.. والمناسبة السارة هي مناسبتهم.. فكل هذا اختفى واندثر ليصبح من «ماضي الذكريات» كما غنى عثمان مصطفى.. وليصير هذا «الفرح وفرحته» لدى الجميع في ساعة.. أو ساعة ونصف في بعض الاحيان.. وهذا «القانون» في عهد الوالي الحالي د. عبد الرحمن الخضر الذي تكن له كل الاقلام الصحفية التقدير والاحترام لما يقوم وقام به من خدمات جليلة ومقدرة.. لا ينكرها.. الا كل مكابر أو في عينيه غشاوة وعمى.. حتى نلومه وننتقده ونشجبه في قانون تم في عهد غيره من «مكبتي» الحريات الخاصة والتدخل فيها؟! لهذا فانني اعتبر ما كتبه الزميل الرهيب والعجيب «مؤمن الغالي».. هو بمثابة مناشدة.. لاصلاح ما أفسده العطار.. لا لومه وعتابه عن «قانون» غير معقول أو مقبول لا ذنب له فيه.. والعشم اعادة النظر في شأنه حتى تعود «الفرحة» التي اختفت لمواطني ولايته.. وبخصوص هذه «المناشدة» من مؤمن الغالي.. كم سبقها من مناشدات كتبت للمسؤولين عنها نقداً ونصحاً لإعادة النظر في كثير من القضايا والقرارات الخاطئة في أغلب المناحي التي تخص غالبية المواطنين المغلوبين على أمرهم.. فعلى مدى الأيام الفائتة.. هل استجيب لها.. أو أعيد النظر في أمرها وشأنها؟!.. ام وجدت «الصهينة» وعدم الالتفات اليها «واضان الحامل طرشه».. فهذا هو الحاصل حالياً.. وما سبقه من سنين ودهور.. لهذا كل من يكتب نقداً أو إشارة الى أمر «معوج» فهو فعلاً يستحق البتر والعلاج.. فهو ليس كمن يؤذن في مالطة.. و لأنه لن يجد الأذان الصاغية إليه.. حيث أصبح النقد والشجب في عهودنا الاخيرة.. لا يجدي ولا يفيد.. ولا يُلتفت اليه.. والأمثلة على ذلك لا تحصى ولا تعد.. وفي كل القضايا والمناحي المختلفة.. وخير شاهد على ذلك ما كتب من نقد في كل شأن من الشؤون.. وبمواصلة عبر الصحف يومياً.. ومنهم العزيز مؤمن الغالي بالذات مراراً وتكراراً في عموده المقروء شمس المشارق ومعه الكثير من الاقلام الصحفية الاخرى.. ومعهم العديد من القراء.. فكل ما كُتِّب في اي امر من نقد وتصحيح لاي وضع ذهب مع أدراج الرياح.. ووجد «الطناش» التام.. والحال في حاله.. بل إزداد الى اسوأ منه.. وكان الله في عون الجميع.. واللهم أرحمنا من «الجايات؟!» يا مؤمن يا غالي؟!.. فكلنا يلعب في الزمن الضائع؟! الأفراح أيام زمان أعود لموضوع هذه الحلقة «لأيام زمان كانت أيام» والخاصة بأفراح الزمن الجميل الذي عشناه.. فحفلات الزمن الحاضر التي كلها هجيج ورقيص وغبار وكل زمنها لا يتعدى الساعة.. أو الساعة ونصف على الاكثر هي لا تقاس بحفلات الذي مضى وانقرض.. حيث مراسم حفلات الافراح.. في تلك الايام الخوالي.. كانت تبدأ قبل اسبوع.. بل لاسبوعين من الحفل الرسمي بليلة «الدخلة».. وذلك بقيدومات الغناء بمصاحبة الدلوكة او ما يسمى بغناء «البنات والسباتة» والذي يصاحبه تعليم العروس لرقصة قطع «الرحط» حتى تستطيع العروس التفوق في عددية «الاقوان» التي كانت تقابل بمرح وبسخرية اذا ما سجل هدف من العروس من كل الحاضرين والحاضرات.. بعدها يبدأ الحفل الرسمي الذي يمتد ويتواصل لثلاث ليالي ورابعتهن صبحية «مدنكلة» بالغناء الرصين.. ولم يكن وقتها محدداً بالحادية عشر.. حيث كانت تبدأ مع صلاة العشاء وتستمر حتى البياح عند مطلع الفجر.. وبعضها حتى شروق الشمس.. ولم تك بمطرب واحد بل بثلاثة مطربين كبار.. في «الفن الحديث.. وثاني حقيبة وشعبي.. وثالث جاز» وهذا الجاز في الزمن الفائت كان اكثرمن فرقة و التي يصل عددها الى اكثر من خمسة عشر فرقة.. وفي ام درماننا بالذات كانت الحفلة يتخللها فواصل رقص منفرد لاحد الراقصين المشهورين حينها كحسن بطري وابراهيم افريكانو ومابو وحسن الرباطابي.. وفواصل كوميدية من بت قضيم وعشمانة والخالة شلبية وابو قبورة.. والمنلوجستيات بلبل وجعفر عز الدين.. وجميع حفلات الامس كانت لا تحتاج الى تصديق او تدخل من سلطات النظام العام..( والذي لم يكن معروفاً من قبل..) والحفلات كانت تتم في الشوارع الغر.. أو في داخل الحيشان.. كما اشعر سيد عبد العزيز في اغنية «اجلي النظر يا صاحي».. ولم تك ظاهرة (الصالات المقفولة) والمكلفة لملايين الجنيهات قد ظهرت في الوجود.. اما طقوس الزفاف التي أدبرت واختفت مع الزمن «كقطع الرحط وليلة القيلة.. وبخ العروسين باللبن والحضانة والسيرة للبحر كانت ما اروعها وما اجملها.. ولكن كل شيء زائل.. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام.